الإجلاب على أمة الإسلام هو الهدف !!! حول إعلان البعض ما يسمى ( دولة الخلافة !!)
كانت وحدة الأمة الإسلامية وستظل مطلبا شرعيا ، وهمّا سياسيا جامعا لكل دعاة المشروع الإسلامي ، الذين يؤمنون بأن الشعوب تلتقي على العقائد والأفكار أكثر مما تلتقي على الحسب والنسب أو على الذهب والنشب كمل يؤمن الآخرون ..
لقد كان عنوان ( الخلافة ) عنوانا جامعا في مرحلة من مراحل التاريخ السياسي لهذه الأمة ، اختاره أهل الرأي والشورى من رجالها ليغطوا به حاجة مرحلية ، دون أن يعني ذلك أن الاسم ، دون المسمى ، هو لازم شرعي لمن يتولى أمر إدارة هذه الأمة ورعاية شؤون أبنائها ..
أطلقوا على سيدنا أبي بكر رضي الله عنه خليفة رسول الله بعد شورى وتردد، ثم أطلقوا على من جاء بعده لقب أمير المؤمنين ، أو أطلقوا على كل من تولى هذه المسئولية لقب ( الخليفة ) مقطوعا عن الإضافة ، وأطلقوا على الوظيفة الإمامة كما الخلافة ، وأطلقوا عليه في مرحلة أخرى ( السلطان ) وقالوا بالمثل سلاطين بني عثمان …
نعتقد أن تعلق بعض الناس بالمسميات الإسلامية التاريخية ليضفوا على أنفسهم ، أو على تصرفاتهم ظلالا شرعية إسلامية هو نوع من الاختباء وراء الاسم دون المسمى ، والالتصاق بالعنوان دون المضمون . بل هو نوع من الجناية على الإسلام ، والإساءة إلى المشروع الإسلامي .
ومن ناحية أخرى فإننا نؤكد أن حديثنا عن مشروع سياسي لدولة جامعة يمكن أن تضم الدول والشعوب الإسلامية سينتمي إلى العصر الذي يعيش فيه المسلمون بلا حرج ولا ضيق .
إن مشروع دولة الأمة الواحدة الذي آمنا به ودعونا إليه وما زلنا هو شكل من أشكال التجمعات الكبرى التي أنضجت مثلها تجارب شعوب العالم ، والتي يمكن لشعوب أمتنا أن تستفيد منها بما يحمي حقيقتها ، ويحقق مصالحها ، ويخدم مشروع نهضتها .
إن الواقعية الشرعية والواقعية السياسية توأمان لا يفترقان . ولقد غربت شمس الامبراطوريات البنيوية الكبرى منذ عصور ، فهل سيكون في أنموذج مثل الاتحاد الأوربي أو في أي شكل من أشكال التجمعات الكبرى المعاصرة ترجمة عملية واقعية لحقيقة مشروعنا الإسلامي الذي يقوم على الجوامع ويذيب كل ما يعترض المشروع من عوائق أو تناقضات ؟
وبالعودة إلى ما أطلق عليه البعض دولة ( الخلافة ) نقول …
إن أحلام المراهقين وحدهم هي التي تتحقق في فراغ . إنه بغض النظر عن غياب كل العوامل الموضوعية العملية التي يمكن أن تجسد حقيقة قيام ( دولة ) ، فإننا في عالم السياسة لا يمكن أن ننساق مع الحلم في أوهام بعض الحالمين .
إننا نعتقد إن استدعاء مسمى شرعيا ، بهذه الضخامة ، في هذا الظرف التاريخي من ثورة الشعبين في سورية والعراق له دلالته المريبة إلى حد كبير . إن أول ما يعنيه هذا الاستدعاء أن الذين يختبئون وراء معلنيه بلغوا غاية الحرج السياسي حتى رمونا ورموا المنطقة والعالم بحجر من هذا العيار الثقيل .
ندرك نحن أبناء الشام والعراق بشكل خاص إن المراد من إعلان هذا العنوان في هذا الظرف الحرج مد حبل خلاص لكل من بشار الأسد ونوري المالكي ، علم ذلك من علمه وجهله من جهله ، حبل خلاص عن طريق الإجلاب على هذه الأمة ، وقطع الطريق على ثورات شعوبها المتطلعة إلى العدل والحرية .، عن طريق تحشيد الأعداء ضد مشروع ثورة الشعبين المستضعفين المظلومين في الشام والعراق . وهو نفس الدور الذي قام به ابن العلقمي يوم حشّد التتار على خلافة بني العباس حتى أسقطها ..
الطنين الإعلامي الذي يقطع الطريق على الثورتين الوطنتين في سورية والعراق ويعطي الذرائع لمزيد من خذلان الثوار ومزيد من التواطؤ مع قاسم سليماني مخرج المسرحية الأول الذي يقدم نفسه متعهدا لكبح جماح المتطرفين الإرهابيين : الخليفة الفزاعة ومن يلوذ به