التوعية السياسيةالتوعية النوعيةزاد الدعاة

الدعاة… عندما يتضخم جانب على جانب

الدعاة... عندما يتضخم جانب على جانب

الدعاة
عندما يتضخم جانب على جانب

✍️ شريف محمد جابر

حين يتضخّم الجانب الفكري في عقول أصحاب العمل الإسلامي على حساب غيره: يتحوّلون إلى منظّرين ونقّاد غير قادرين على تغيير الواقع أو الانخراط في عملية التغيير.

وحين يتضخّم الجانب الزهدي الروحاني على حساب غيره: يتحوّل الدعاة إلى “دراويش” يُستغلّون ولا يعون ما يدور حولهم، وقد يقرّون الباطل ويصبحون رافعة له.

وحين يتضخّم جانب العلم الشرعي على حساب غيره: يتحوّل الدعاة إلى مكتبات متنقّلة، يكنزون العلم ويبثّون الفقه والحديث والعقائد مع ضعف في تصوّر الواقع الراهن والحكم عليه.

وحين يتضخّم الجانب الحركي على حساب غيره: يتحوّل الدعاة إلى قنبلة موقوتة، فقد يعملون بغير بوصلة فكرية صحيحة، وقد يتجاوزون توجيهات الشريعة، وقد تؤول جهودهم الكبيرة إلى الهباء فيحصّل ثمارها غيرهم.

وحين يتضخّم الجانب السياسي على حساب غيره: يتحوّل الدعاة إلى ثعالب ماكرة تتمحور حول تحصيل المكتسبات السياسية والحفاظ على السلطة بأي ثمن، حتى وإنْ بتقديم تنازلات في الدين، وتضيع أهداف الدعوة.

هذه الآفات هي صلب أزمة العمل الإسلامي اليوم:

فهناك من يتضخّم عنده الجانب الفكري مع إهمال سائر الجوانب، فيواجه الواقع الذي ينبغي تغييره بالأفكار فحسب، دون قدرة على العمل للتغيير مع التكلّس، حيث تتضخّم الجماعة دون أثر كبير في مجتمعاتها لأنّ كل ما تملكه هو الكلام والتنظير!

وهناك من يعمل مع التركيز على جانب الزهد والتزكية، فنجد جماعات كبرى يبلغ عدد أفرادها الملايين، دون قدرة على تغيير الواقع العلماني الذي يحكمها، فتظلّ علمنة المجتمعات في ازدياد ويظل أفراد الجماعة في ازدياد!

وهناك من يرى في طلب العلم بالمناهج التقليدية حقيقة العمل الإسلامي المطلوب، فيظلّ طوال عمره “طالب علم” ينهل من كتب العقيدة والفقه والحديث، أو يتخصص في باب منها، ويتضخّم علمه فيكتب ويحقق ويدرّس لعقود، ثم لا يأبه لما يجري في الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي في بلاده!

وهناك جماعات تعمل على مواجهة الواقع العلماني بأساليب مختلفة، وقد تنجح في تحريك الشعوب وفي إسقاط الأنظمة العلمانية بأي وسيلة، لكنها تصطدم بحقيقة ضمور الجانبين الفكري والسياسي لديها: فهي لا تمتلك رؤية سياسية ولا ثوابت فكرية واضحة، مما يجعلها تدور مع الواقع وتنهل منه وتتخبّط، وتفتح الطريق للرؤى غير الإسلامية لتفرض نفسها على الواقع الجديد بأيديها!

وهناك من يحترف السياسة، فيظنّها فنّ الممكن المعزول عن الأخلاق والأهداف مستشهدا بمقولات غربية وشرقية، ويستبيح كل شيء، مع ضمور أي ثوابت شرعية أو فكرية، فيفقد الرؤية الكلية الاستراتيجية، و”يُتكتك” لكل لحظة ومرحلة لتغدو بوصلته الوحيدة “الحفاظ على المكتسبات” و”البقاء في الواجهة السياسية”، فتتحوّل الدعوة إلى أهداف شخصية أو حزبية أو سلطوية وتضيع.

والتكامل بين جميع هذه المستويات هو المطلوب لكل عمل إسلامي ناجح، قال ابن مسعود رضي الله عنه: “رحم الله امرأً عرف زمانه فاستقامتْ طريقتُه”.

0

تقييم المستخدمون: كن أول المصوتون !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى