المشروع الإسلامي الوسطي ودعاته المتضرر الأكبر من مشروع التطرف والمتطرفين.. خنجر الظهر هذا كيف نتقيه ونقاومه؟!
قرن مضى وحملة المشروع الإسلامي المعتدل يجاهدون، بمدارسهم المختلفة، لتوضيح حقائق هذا الدين الحنيف، ومقاصد هذه الشريعة السمحة، والتبشير والتنوير بهما في العقول والقلوب وفي طرائق العيش وأنماط السلوك.
فصّل الفقهاء، وشرح العلماء، وتحمل الدعاة في سبيل الله ما تحملوا ليصححوا التصورات،التي شوهها ركام السنين أو تعمد تشويهها المشوهون، عن الإسلام دين الله والرحمة المهداة، المحققة لمصالح الخلق في المعاش والمعاد. الشريعة التي وضعت الإصر عن الناس، وأطلقتهم من الأغلال (الذين يتبعون النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم…)
لقد أفضت المعركة الأبدية الخالدة بين الإنسان والشيطان، والحق والباطل، والخير والشر، والحب والكراهية، والجمال والقبح في منطقتنا العربية والإسلامية إلى قرب انتصار مشروع الحق والخير وتقدم دعاته، وهزيمة مشروع الباطل وحزبه بأفكاره الزائفة ودعاته المزورين فلم يجد أرباب المكر في مخادع الشيطان من طريقة للكرة على دعوة الخير ومشروع الإسلام الوسطي المعتدل إلا بحربه من بسلاح من جنسه، ورميه بحراب ممن يُظن أنهم بنوه، والانقضاض عليه برايات تحمل عناوينه وإن كانت في حقيقتها تناقض وتصادر حقائقه ومفاهيمه..
وهكذا فقد استغل أعداء الإسلام والكائدون له والماكرون به وجود فئة زائغة مغرورة من المتنطعين المنحرفين الذين يعيشون مثلهم على أطراف كل المجتمعات والدعوات، فوجدوا فيهم ضالة فجندوهم وغذوهم ومكنوهم وجعلوا من نثارات أفكارهم المتضاربة المتآكلة منهجاً، ومن لفافات ادعاءاتهم الجامدة مشروعا، ومن تصرفاتهم وسلوكاتهم الشاذة المنحرفة شاهدا غير عدل لينقضّوا بكل أولئك على دعوة الخير ومنهج العدل والرحمة والسواء؛ ثم ليتظاهروا أمام كل الناس بالشكوى والأنين من تصرفات مهووسة ما كان لها لتكون لولا ماء فساد سقوا به وغطاء إثم وعدوان غطوا به..
إن من الحق الذي لا بد من قوله في هذا السياق إن الفساد والاستبداد والظلم والبغي والعدوان في هذا العالم جسم وهؤلاء المتطرفون هم ظله ولازمه والمشتق منه والتابع له والمتحول بتحوله والمتضخم بتضخمه والمنمحق بمحاقه أيضاً..
إن مشروع (التطرف والمتطرفين) هو مشروع حمل الإصر على الناس، ووضع الأغلال على عقولهم وقلوبهم وسلوكهم، وأخذهم بالرهق وركوب الصعب بهم بالفظاظة والغلظة كل أولئك هو الوجه الآخر للشر والفساد والاستبداد الذي يمثله أشرار العالم أجمع وفي مقدمتهم المستبد الفاسد قاتل الأطفال بشار الأسد وداعموه ومؤيدوه والحاطبون في حباله..
وكل أولئك كان سلاحاً نافذاً بيد أصحاب مشروع الشر والفساد حول العالم لتشويه حقيقة الإسلام، ودعوته ومشروعه الوسطي الرحب، ولتنفير الناس منه ودفعهم إلى الانفضاض عنه، والخوف منه ومن دعاته..
ولقد كان المتضرر الأول من مشروع (التطرف والمتطرفين) هم أصحاب مشروع دعوة البر والقسط والعدل والمعروف. المشروع الحق الذي حمله دعاته طويلاً، وضحوا في سبيله كثيراً حتى فتح الله به أعيناً وأنار عقولاً وقلوباً..
وكانت الضحية لأولى لمشروع (التطرف والمتطرفين) هم هؤلاء الجماهير الذين سيرتد مكر الماكرين وكيد الكائدين على عقولهم وقلوبهم فيخدعهم عن الحقيقة، ويصرفهم عن الدواء الحق لما عانوا ولما يعانون.
وحين يظهر بعض صناع الشر في هذا العالم بعض الشكوى المصطنعة من اقترافات الشر الذي تعهدوا، فإنهم إنما يضعون أنفسهم في مقام من يقال له: “يداك أوكتا وفوك نفخ” وإنه لبعض ما جنت أيديكم ويعفو ربنا عن كثير..
لا بد أن يتحسس كل مسلم مخلص لدينه، وكل داعية صدق طويلاً في الدعوة إلى المنهج الحق في نصرة الإسلام وأهله، الخنجر يغرزه في ظهره مشروع (التطرف والمتطرفين)، القاصر من أتباعه بقصوره، والجاهل بجهله، والمريب بريبته؛ ولكن كل ذلك لا يجوز أن يكون داعية يأس ولا سبباً لقنوط. إن إيماننا بعدالة المشروع الإسلامي الوسطي الحق وضرورته يجعلنا أكثر تمسكاً به، وحرصاً عليه، ودفاعاً عنه، وشرحاً لأبعاده، ونبذاً لأعدائه والخارجين عليه مهما كان لبوسهم وادعاءاتهم وذرائعهم…
وكما قاومنا مشروعات الهيمنة والتضليل والتجهيل والتخذيل والاستلاب على مدار قرن مضى يجب أن نعقد العزم على مقاومة مشروع (التطرف والمتطرفين) حتى نسقطه كما أسقطنا من قبل مشروعات الكثيرين.
نقاومه فكرياً وأدبياً بشرح مدخلاته ومخرجاته، إن كان له في الواقع مدخلات ومخرجات، وشبهاته وظلماته، ونعيد تقديم المشروع الوسطي المعتدل بوضوح وجلاء في ثوبه المتجدد حتى لا يلتبس، نعيد تقديمه بلغة علمية واضحة المقاصد محددة الأهداف بغير التفاف ولا إدهان.
فلا بد لأصحاب المشروع الإسلامي المعتدل أن يعيدوا صياغة خطابهم بغير لبس ولا التباس وإنماً على هدى من قوله تعالى (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني) على بصيرة واضحة حاسمة تقطع الطريق على تردد المترددين وإدهان المداهنين.
ويجب أن نقاوم هذا المشروع أيضاً بحضور مكافئ على كل المستويات حضور يعوض عن الغياب الذي فتح أمام المتطرفين الأمداء. ومكن لهم من أطراف الأرض يتبوؤون منها ما يشاؤون.
لقد تواطأت كل القوى الدولية والإقليمية والمحلية على إقصاء أصحاب المشروع الحق، وتغييبهم، وللحق نقول وأعانوا على ذلك بأنفسهم مما أدى إلى أن خلا الجو للمتطرفين (فباضوا وصفروا) وشكلوا الخطر الذي تعاني منه أمتنا وشعوبنا والأهم من ذلك يعاني منه مشروعنا اليوم. إنه لا بد لأصحاب المشروع الإسلامي الحق من بدار صادق ليتقدموا الصف ويملؤوا الفراغ ويرفعوا العماد ليكونوا بحق وجد وصدق (مثابة للناس).
ومثابة للباحثين عن الحق، ومثابة للمجاهدين من أجل دولة العدل والكرامة والرحمة بالإنسان.
يفزع اليوم الكثيرون فيما يزعمون للتصدي لمن يسمونهم (الإرهابيون)
حرب مثل هذه لا تكون بالتنابذ بالألقاب، التنابذ بالألقاب هو لعبة الأطفال في صفوفهم الابتدائية. وفي ميدان الصراع يقرع المشروع بمشروع، وتقدح الأفكار بالأفكار، والحق يلقى على الباطل فيزهقه..
التهديد الذي يشكله مشروع (التطرف والمتطرفين) لمشروعنا الإسلامي الحضاري الذي ناضلنا عنه قرناً مضى هو الأخطر. ومشروع التطرف والمتطرفين هو وجه آخر لمشروع الأشرار المفسدين المستبدين (بشار الأسد) ومؤيديه. وقد آن الأوان ليقروا بهذه الحقيقة التي طالما ناور عن الإقرار بها المناورون..