التوعية النوعيةمدونة محمد أبو النصر

موقفنا من الهيئات السياسية المناطقية

موقفنا من الهيئات السياسية المناطقية

نسخة ٢٠٢٥ من مقالة نشرتها سنة ٢٠٢٠م

📺 في سنوات الثورة التي خلت كنا بين الفَينَةِ والأُخرى، نسمع الحديث عن اجتماع جرى هنا أو هناك باسم الهيئة السياسية للمنطقة الفلانية.

⚠️ اسمُ مشروعٍ مع غيابِ هدفٍ واضح لتشكيله، اللهمَّ عدا المسابقة لحجز الاسم، وادِّعاء تمثيل الناس، من غير توكيلٍ منهم، هذه المشاريع التي تُسرَّبُ لنا نتائج انتخابات تزَعُمِها قبل الاجتماع بيومين، لم تكن في يوم من الأيام في ظلِّ الظروف الاستثنائية التي عشناها تُمثِّل من تدَّعي تمثيلَه من المناطق أو الناس؛ ولا حتى بنسبة ١٠% لتعذُّر معرفة ذلك، وصعوبةِ إجراء انتخابات في مثل تلك الظروف.

ولئن قال قائلٌ أن هذا بلاء عامٌ في أزمنة الحروب والثورات، لقنا له: نعم بلاء عام، ولكن يتصدر له (على الأقل) مَن عُرِفوا واشتهروا بجهدهم وجهادهم ومشاركتهم الثورية ولو في أي مجال ثوري.

⚠️ فكيف بنا وكثيرٌ مِن أعضاء تلك الهيئات ليسوا مشهورين ولا معروفين لأبناء المدن التي يدَّعون تمثيلها، بل أحيانا لايكونون حتّى من أبناء تلك المنطقة!

🚩 ولعلّ أغلبنا يعرف كيف تشكلت تلك الهيئات، التي لم تكن تتبع الفصائل العسكرية، ولا القوى المؤثرة الحقيقية التي صنعت النصر… وكان غالبا ما يكون أعضاؤها والقائمين على فكرتها مِن أحد النماذج الثلاثة التالية:

1⃣ أشخاص متحمسين ثوار أصحاب همة ومستعدين للتضحية بوقتهم ومالهم للجهاد السياسي.

2⃣ أو مجموعة من الفارغين العاطلين الذين يملكون ما يكفي من وقت الفراغ،

3⃣ أو بعض أصحاب المال والنفوذ الطامحين للسلطة والبروَظة في المجال السياسي ولو كانوا لايفقهون فيه شيئا…

☝️ آخِرُ صِنفين لا يهمنا الحديث عنهم ولَهُم، ونصيحتي هنا للصنف الأول من إخواننا المُخلِصين، أقول:

🚩 كنا طيلة سنوات الثورة كل فترة تطلع علينا موضة معينة باسم ما، (الهيئات الشرعية، الهيئات السياسية، ألوية، اتحادات، جبهات…) وهذا الأمر كان طبيعيا كون الظروف كانت تتغير وتتقلب كثيرا، بالإضافة إلى أننا لم نكن نَنطلِق من أُسُسٍ صحيحة، ولا من معطيات خبراء مُطلِعين، بل نعتمد على تجربتنا التي لم تعهد هكذا نشاطات إلا بعد الثورة، على ما كُنّا نعيشهُ من قمعٍ وكبتٍ قبلها.

🚩 ولقد قلت منذ خمس سنوات بأن موضة الهيئات السياسية المناطقية  أفلَ نجمها وخبا بريقها، وقد تصدر لها سابقا أناسٌ لا برنامج عمل عندهم ولا آلية، المهم أنهم حجزوا لأنفسهم تسمية ممثلي المنطقة الفلانية!

☝️ولئن كانت الإيجابية الوحيدة في فكرة الهيئات في السنوات الخوالي الأخيرة، تكمن في تذكير الناس باسم مدينتهم التي هُجِّروا عنها، فاليوم لم يعد هناك داع لذلك وقد انتصرت ثورتنا وقامت دولتنا وعدنا إلى مدننا.

🔍 ولعلنا لو نظرنا ودقَّقنا لرأينا بأن طريقة تشكيل الهيئات السياسية لا تعدو بداية تشكيل نواة حزب سياسي، نواة وليس حزبًا حتى، لقلة عدد المشاركين ومن يمثّلون، لدرجة لا ترقى حتى إلى اعتبارهم حزبا سياسيا، بل ربما منتدى ثقافي سياسي.

☝️ فهل يعقل أن يجتمع بضعةُ عشرات (بل أقل) يَعرِفون بعضهم ليقولوا: نحن نمثل مدينةً فيها ملايين الناس أو مئات آلاف الناس؟!

📰 أجدادنا المُخضرَمين، الذين مارسوا السياسة بقيادة نخبة سياسية خبيرة، لما جَمعوا أنفسهم زمن فرنسا سمُّوا أنفسهم (الكتلة الوطنية)، ولمَّا أراد أهل حلب أن تكون هيئتهم (بتعبيركم) مستقلة عن الكتلة الوطنية أسسوا حزبا سموه (حزب الشعب)؛ وكل سوريا تعرف أنهم تكتل السياسيين الحلبية يومها، ومع ذلك لم يدّعوا أنهم يمثلون حلب، حتى ترشحوا للبرلمان فاختارهم الناس نوابًا ممثلين عن مدينة حلب، وبقي اسمهم (حزب الشعب).

🎯 أما اليوم فواجب الوقت يحتم علينا جميعا أن ننتقل من فكرة الهيئات والتحزبات إلى فكرة المشاركة الفعالة في مؤسسات الدولة السورية الجديدة التي يجب أن تأخذ فرصتها في السنوات الانتقالية القادمة..

حتى نسير في الاتجاه الصحيح، ونؤسس على أُسُسٍ سليمة.. وهذه نصيحتي لكل المخلصين، حفاظا على سمعتهم ومستقبلهم السياسي كفاعلين إيجابيين لا مشغبين سلبيين.

ولربما بعد سنوات قد يكون التكتل في جمعيات وأحزاب تعبر عن فكرة ما، وحينها يظهر الثِّقَل الحقيقي لكل كتلة؛ نوعًا وعددًا، والأهم من ذلك برنامجَ عمَل.

⚠️ أما الآن فما نفع برنامج عمل ونحن لم نر ونجرب برنامج عمل من استطاع برنامجهم أن يصنع النصر والتحرير.. أما يكفينا تيه السنوات الخوالي؟!

لذلك أنصح لكم لألى تكونوا في خانة من يقال لهم: من وكلكم بتمثيل الناس؟!

لألى تكونوا مع من تعرفونهم وترون سلوكهم عند كل منعطفٍ واستحقاق، سقفُ طموحهم أن يحجزوا اسما مِن غير خُطةٍ ولا برنامج عمل، يحاولون الظهور بعد سُبات عسى أن تتواصل معهم جهة ما توظفهم لديها بناءً على ادعائهم تمثيل الناس والمناطق!

هذا رأيي وأحترم آراءكم.. الدولة اليوم دولة السوريين جميعا، والمؤسسات مؤسساتهم، ومن فاته المشاركة بالتحرير فلا تفوتنه المشاركة بالبناء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى