معضلة العقلية الوصائية وخطاب التهويل!

معضلة العقلية الوصائية وخطاب التهويل!

من أكثر الأمور التي تسيء لنا ولثورتنا، بل ولمجتمعنا عموما، ذلك الخطاب ذا الطابع الوصائي، الذي يشعرك صاحبه بأنه الوصي على غيره من الناس الذين ينظر إليهم  كمُفَرِّطين أو متساهلين!!

فناشطٌ شاب في مقتبل العمر، يعتبر نفسه على بساطة علمه وضعف خبرته وقلة إطلاعه، وصيا على الثورة وعلى السياسة والإقتصاد والعسكرة والإعلام!!

وشيخ مُقِل في أمور الدين جاهل بأمور الدنيا، يعتبر نفسه وصيا على دين الناس الذين ضيعوه من وجهة نظره…

وقِس على ذلك!!

في الحقيقة أسوأ ما في خطاب أولئك تهويلهم (بقصد أو بغير قصد) ما نسبته ضئيلة غريبة شاذة عن عموم مجتمعنا، بشكل يخلق أزمات، ويفتعل إشغالات وتحزبات، نحن في غنى عنها…

ليس هذا وحسب، بل يساهم ذلك التهويل في الدعاية للخطأ بكسر الحاجز النفسي عند من تُحدِّثه نفسه بفعله ويمتنع خشيةً من الناس، فيتوَهم أن من يفعلون الخطأ (الذي تم تهويله) كَثرة فيتجرأ على فعله بدل أن يرتدع عنه…

ورحم الله الفاروق عمر إذ قال: “أميتوا الباطل بهجره وأحيوا الحق بذكره”.

وهنا قد يسألني السائل مستنكرا: فأين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنصح لعامة المسلمين وخاصتهم؟!!

أقول بالفعل الأمر  مُشكِل في الظاهر، والفرق بينهما دقيق، لا يدرك إلا بسعة العلم والاطلاع، وفهم الواقع وتحدياته، ثم الحكمة في الخطاب والحكمة في الاستيعاب…

وأهم ما في هذا ضرورة إدراك أن الخطاب الإعلامي العام يحتاج مزيد حكمة في الطرح، فليس كل أحد يتعامل مع ما يسمع بهدوء وعقلانية، ولكم دَفعَت كلماتٌ عاطفية بعمومياتٍ فضفاضة شبابًا متحمسين لارتكاب جرائم في حق مجتمعهم وأنفسهم، من حيث يحسبون أنهم يحسنون صنعا!!

وحسبنا الله ونعم الوكيل.

0

تقييم المستخدمون: كن أول المصوتون !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *