بديل القيادة السهل
وتجربة المجالس المحلية!
شاهدت مقطع فيديو نشرته شبكة شام، لإخوة كانوا يتظاهرون اليوم (الجمعة) مع من تظاهروا في إدلب… تحدث أحدهم عن سهولة إيجاد قيادة بديلة، وتحدث آخر مشيرا إلى تجربة الإدارة المحلية في حلب الحرة سابقًا… فأحببت أن أعلّق على الكلام الوارد في ذلك المقطع موجها سؤالي إليهم:
أولا: طالما أن وجود البديل سهل وبسيط جدا كما تتحدثون، مع أننا سنوات لم نستطع الاتفاق عليه، إذن لماذا لا يتوافق الناس -بل المتظاهرون على الأقل- على بديل، يتطاوع له ومعه أصحاب الشوكة والكتل الكبرى من حملة السلاح الفاعلين، وبعدها يتم التفاوض على انتقال الصلاحيات إليه؟!
وكذلك من هم بالشمال حيث لاوجود لسلطة الهيئة أصلا… ما الذي يمنعهم من الاتفاق على هذا البديل السهل وبناء النموذج المنشود؟!!
*فلتعلموا أن الشعب لم يعد يقبل بالفراغ ولن يكرر تجربة السنوات الخمس الأولى في الثورة… لذلك من يطالب بالرحيل فليعمل أولا على البديل.*
ثانيًا: بالنسبة للمتحدث الثالث الذي ذكر تجربة حلب، وأن القسم المحرر منها كان يُحكم ذلك الوقت من مجالس محلية، فأقول بأن هذا غير صحيح البته؛
فمجلس محافظة حلب ومجلس المدينة يومها أدار بعض الملفات الخدمية، ولكنه لم يحكم حلب المحررة، وكان الحكم فيها مشتتا بين فصائل متناحرة مختلفة، جعلت حلب نُهبةً لها، وفعلت في حلب كما تفعل في عفرين اليوم… وكان سلوكهم الفوضوي معيقا للقسم الأكبر من العمل المدني الإداري التنظيمي والخدمي فضلا عن العمل السياسي وقيادة المعركة…
ثم الأخطر من هذا كله أن الحالة الخدمية المحلية من خلال المجالس هي حالة تتعلق فقط بتيسير وتسيير أمور الناس الخدمية بصورة بسيطة، ولكنها لا تبني منظومة تستطيع الدفاع والصمود…
وتجربة حلب المحررة وفصائلها والهزائم التي منينا بها هي بالنسبة لنا أكبر دليل على نتائج تلك الحالة…
*ولكن لماذا الإصرار على تضخيم دور المجالس المحلية؟*
الجواب: لأن التفاهمات الدولية تسعى لتحويل المناطق المحررة إلى محمِيات صغيرة لنازحين تدار محليا، حتى يتم التأكد من إنهاء أي شوكة قوية أو مشروع لأهل السنة، قد يكون نِدا للمشاريع القائمة في سوريا والتي تهمش السواد الأعظم من سكان هذه البلاد…
أصلا تفاهمات آستانا الضمنية بين الروس والإيرانيين والأتراك كان منها (بالاستقراء) عدم اقامة أي حكومة فعلية تكون نِدًا منافسا لحكومة الأسد المركزية… (ولهذا لا يسمح لأي مجلس محلي في الشمال أن يكتب حتى اسم الحكومة المؤقته أو ينسب مجلسه إلى وزارة الإدارة المحلية فيها… تخيلوا على مستوى تعليمات امتحانات الثانوية العامة كل مجلس يصدر تعليمات على حدى!!!)
*وللأسف يراد لهذا النموذج أن يعمم تمهيدا لمرحلة خطيرة قريبة…*
ونحن إذ لا ننتقص من أهمية حراك الشارع في المرحلة السابقة للدفع باتجاه اصلاحات ضرورية جدا هي من صلب ما ثار السوريون من أجله…
ولكننا نقول: اليوم للأسف البعض من إخواننا تدفعهم عواطفهم بعيدًا عن إدراك الشر الأكبر المتربص بنا من كل حدب وصوب… فيخلطون بين أشكال من المطالبة قد تنفع في حالة (المشروع المستقر) لا في حالة (المشروع قيد البناء) حيث يكون إسقاط الشخصيات المحورية تدميرا لأصل الفكرة إذ لا تنفك الفكرة عن حاملها في مرحلة التأسيس والبناء…
ولكم سعى ساعٍ بخير توهمه ثم ندم ساعة لا ينفع الندم.
اللهم ألهمنا رشدنا وأعذنا من شرور أنفسنا، ودبِّر لنا فإنا لا نحسن التدبير.
– – – – – – – –
في نظر البعض حتى تكون مثقفا واعيا في السياسة يجب أن تعتبر ما تريده الدول وما تخطط له قدَرًا مَقدورا، وحتمًا واقِعًا لا محالة، وكأنها مشيئة الله أو أقداره (والعياذ بالله)… وهذه هي عين الهزيمة النفسية، التي يلبسها البعض أحيانا لبوس الواقعية والعقلانية…
لو كان الأمر كذلك فلم الجهاد والاجتهاد؟! وأين التدافع الذي قال الله تعالى عنه: (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضلٍ على العالمين)؟!.
ويزيد الطين بلة أن معظم أصحاب هذا الخطاب يتحدثون وكأن واحدهم سهر البارحة مع بايدن أو بوتين أو أردوغان، والأمر في الحقيقة لايعدو استقراءً وتوقعًا بناء على فهمه الخاص لمقالة قرأها لكاتب مغمور في إحدى الصفحات!!
نقول: ولو كان الأمر معلوماتٍ حقًا لكان جوابنا بأن مصيبة المصائب أن يتصدر مهزومون مهزوزون لخطاب الناس فيسيرون بهم نحو الهزيمة، في حين أن الحق هو أننا مطالبون بالسعي والعمل والجهاد والدفع وبذل الوسع، وعلى الله قصد السبيل.
– – – – – – – –
الدعاية السياسية
من أكبر الأخطاء اعتبار أن الآخرين يفهمون غاياتك ويدركون إنجازاتك دون توضيح منك، فما يظنه البعض بدَهيًا ومفهوما؛ قد يحتاج إلى كثير شرح وتبيان للناس حتى يستطيعوا استيعابه، ومن هنا تنبع أهمية عملية الدعاية لأي مشروع وخطورة اختيار القائمين عليها (تخطيطًا وتنفيذًا)، وبالذات المشاريع السياسية.