لو كنت الأمير وأحداث إدلب؟
“لو كنت الأمير ماذا كنت فعلت حيال مايجري في إدلب مؤخرا؟”
أرسل لي كثير من الأحبة والمتابعين هذا السؤال، وكثير منهم يعتب على صمتي حيال النازلة التي حصلت في الأشهر الأخيرة، والتي آثرت الصمت عنها على الإعلام -كما أسلفت في رسالة سابقة- لأني لا أملك إضافة مناسبة للنشر على الإعلام ولست من هواة تسجيل المواقف ولا يهمني رضا ثوار العالم الافتراضي عني…
ولكني أجد نفسي اليوم مضطرا اضطرارا للحديث عنها، بعد ما شهدته وشاهدته، وعرفته بل تيقنته من محاولات الأشرار استثمار المطالب المحقة لبعض الأخيار لأجل تدمير المكاسب الموجودة في إدلب مقارنة بغيرها، وبالذات الحالة العسكرية المنضبطة فيها، والمؤسسات التي تتطور شيئا فشيئا…
أما جواب سؤال #لو_كنت_الأمير ماذا كنت فعلت؟، فهذه الأمانة قلتها وأقولها لمن سيفعل، وأديت واجبي في هذا، وهاهُم الإخوة في إدارة إدلب طيلة الأيام الماضية يلتقون بأعلى مستوى لديهم مع الناس، كبيرهم وصغيرهم، عالمهم وجاهلهم، مُحِقهم ومزاودهم… يسمعون منهم بشكل مباشر، ويعدون بإصلاحات كبيرة جدا، بل تغيرات جذرية في بعض الملفات…
وها نحن نراقب ونترقب، ونتظر البوادر… وبرأيي الشخصي فنحن أمام مرحلة إصلاح كبيرة، إن صدق القائمون عليها فستنقلنا نقلة نوعية مميزة، ورب ضارةٍ نافعة…
ولذلك لم أرغب بنشر #لو_كنت_الأمير عن هذا الموضوع في هذه المرحلة، أما عن موقفي من الظاهرات والدعوات التي تنتشر الآن فأبينه في النص التالي، إن شاء الله.
مظاهرات إدلب بين انفعال الصادقين واستثمار المستثمرين
بعد استلاب الكيان السياسي للثورة السورية بالكامل، بقي على الدول الإقليمية اكمال مهمة استلاب وتدمير الكيان العسكري للثورة، وقد تم في السنوات الماضية انجاز نصف المهمة، وكلنا يرى الفصائل الهلامية التي تتقلص بدل أن تقوى على أرضنا السورية، وقد غدا نصف عناصر تلك الفصائل المتبقين منتشرين في شتى بقاع الأرض، مِن أذربيجان إلى بوركينا فاسو، هذا فضلا عن فشل تلك الفصائل العسكري واعتمادها الكلي على حُلم ووهم دفاع الضامن عنا كما دافع عنا في ريف حلب الغربي يوما!!
واليوم التحدي الأساسي الذي بقي يواجه تلك القوى الإقليمية والعالمية هو تفريق وتشتيت الكتلة العسكرية في إدلب، والتي استطاعت طيلة السنوات الأربع الماضية (بعد الهزيمة النكراء) أن تستوعب الصدمة وأن تزيد ولا تنقص وأن تتطور كثيرا على مستوى التنظيم والتدريب والتصنيع العسكري…
ولذلك لن توفر القوى الإقليمية فرصة لإضعافها، حتى يكون القرار الوطني للثوار السوريين انتهى إلى الصفر…
وأخشى أن مطية تلك الدول في ذلك جموع من الفاشلين، المهزومين، الخائبين، التائهين، من فلول الماضي الذين دمروا ثورتنا وأضاعوا سنين من أعمارنا…
– منهم من كان سابقا مع الهيئة فخرج تحت ضغط الإصلاحات وتغير الخطاب من الغلو إلى الاعتدال…
– وأيضا نظراؤهم في الفصائل الأخرى من قادة الفشل الذين فشلوا على مستوى فصائلهم، فضلا عن فشلهم على مستوى الثورة..
– وكثير من الحاقدين الحاسدين المنافسين الذين لايملكون أي فكرة عملية قابلة للتطبيق، وهمهم فقط تدمير الموجود، مع أنهم لم يستطيعوا يوما أن يطرحوا مشروعا عمليا، وأن يتفقوا على كلمة سواء…
– كل أولئك سيكونون ممنونين بانزلاق الأحداث نحو حدوث احتكاك، قد يتطور إلى صدام مع انتشار السلاح، عسى أن تحين لهم فرصة تتم بها إعادة تدويرهم ليظهروا من جديد…
– يشترك معهم في ذلك منظرون مثاليون حالمون من ثوار الفيسبوك، قضوا ثلاثة عشرة سنة من الثورة يُنظِّرون عن بعد، ولم يُغمِّسوا أيديهم في العمل الثوري لأبناء بلدهم، ولم يشاركوا فيه فعلا…
يريدون غُنمًا بغيرِ غُرم، يطرحون أطروحاتٍ وردية مشبعةً بالمثالية، ولكنهم لو عرفوا واقع البيئة العسكرية والتوازنات الداخلية وتحديات الانتقال بهدوء من جماعات كيفية إلى التنظيم والمؤسساتية… لعرفوا ما يتطلبه السير في الاتجاه الصحيح بهدوء.
لذلك فإنني رغم قناعتي بالدور الإيجابي للمظاهرات الشعبية المساعد على تشجيع وتسريع وتيرة الإصلاح الحقيقي والتغيير النوعي، فإن ما يؤرِّقني الآن حقيقةً، هو محاولات استثمار المظاهرات والمطالب الشعبية المُحِقَّة للناس، من قِبَل أولئك، الذي أسلفتُ الحديث عنهم… وحينها قد ننزلق إلى دَركٍ جديدٍ خطير، ونندم ساعة لاينفع الندم، حينما تصبح إدلب عفرينًا ثانية.
[حلول مقترحة في الرساىل التالية إن شاءالله]اسأل الله أن يَرد عنّا كيد الكائدين، وأن يعين المصلحين، ويقطع دابر المفسدين… اللهم دبِّر لنا فإنّا لا نُحسِن التدبير.
منظومات الحكم… كيف تنشأ؟
“المنظومات الحَوْكَميّة الناجحة لا تأتي بشكل عفوي ودفعة واحدة، بل هي حصيلة متراكمة من جهود أبناء المجتمع، وتتطور هذه المنظومات من ناحية أفكارها، وأدواتها بتطوُّر المجتمع نفسه، وتحتاج لذلك استقراراً طويل الأمد، وموارد كبيرة، ولمحاكمةِ منظومةٍ مَا يجب أولاً دراسة سياقها بشكل كامل، وقياس جدوى إصلاحها، ومرونة تقبُّلها لذلك، والأهم قابلية المجتمع نفسه وإمكاناته لمواءَمة قفزة التغيير، هذا ما يجعل سلة الحل تجمع حلولاً ثانية غير الحلول الصفرية التي قد تُذهِب الموجودَ، ولا تأتي بالمأمول”.
☝️ اقتباس من مقال مهم للعزيز “معتز ناصر” بعنوان “احتجاجات إدلب وسؤال: من البديل؟” تقرؤونه على الرابط👇
https://nedaa-post.com/?p=88889