عندما نقترب كثيرا ممن لا يشبهنا

عندما نقترب كثيرا ممن لا يشبهنا

عندما نقترب كثيرا ممن لا يشبهنا

أدركت أن الإنسان قد يتأذى بالقرب الزائد ممن لا يشبهه… أعني به من اختلفت وجهته أو طريقة حياته تمامًا… [فليس المقصود اختلاف التنوع والتكامل لمن هم باتجاه واحد]

هذان المختلفان قد يكونان كالنار والثلج مثلاً، أو كالبهار والفانيلا، أو نحو ذلك مما لا يصح أن يكونا قريبين من بعضهما، لأن أحدهما أو كلاهما سيفقد بعض صفاته التي يحتاجها لأداء مهامه…

فالنار يطبخ عليها، والجليد يحفظ الأشياء من التعفن، وكلٌّ من البهار والفانيلا له نكهته الخاصة ورائحته المميزة ووظيفته المناسبة له، إذا قربت الجليد من النار فإنه سيذوب، وكذلك الفانيلا تتغير رائحتها بقرب البهارات، ولن يعود كلٌّ منهما صالحاً لتأدية مهامه.

لذلك أرى أن الإنسان عندما يختار صديقاً مقرباً ينبغي أن يختاره مشابهاً له إلى حدٍّ ما.

ولا بأس أن يكون ودوداً مع الجميع يَأْلفُ ويُؤْلَف، لكن لا يقترب أو يقرّب من يكون في قربه تأثيرٌ سلبيٌّ عليه، بحيث يفقده بعض صفاته التي تعتبر مهمة لتأدية دوره في الحياة.

وبما أن أهم وظائف المسلم التي ينبغي أن يحافظ عليها هي أنه عبدٌ لله… لذلك كان لزاما عليه أن لا يصحب من يبعده أو ينسيه مهمته الأساسية التي لأجلها خُلق، بل يصحب من يذكره بالله والدار الآخرة.

قال الإمام الغزالي رحمه الله في الإحياء: “وأما الحريص على الدّنيا فصحبته سمٌّ قاتلٌ؛ لأنّ الطّباع مجبولةٌ على التّشبّه والاقتداء، بل الطّبعُ يسرقُ من الطّبع من حيث لا يدري صاحبه، فمجالسة الحريص على الدنيا تُحرِّكُ الحرص، ومجالسة الزاهد تُزهِّدُ في الدُّنيا، فلذلك تكره صحبة طلّاب الدنيا، ويستحب صحبة الرّاغبين في الآخرة”.

مشاركة نسمة

0

تقييم المستخدمون: كن أول المصوتون !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *