تعيس حزين هو من لا يستشعر النعم ولا يتذوقها
محاط بالكثير منها وهو بائس يردد في ذهنه أن “هذا قليل عليه”، أنه “يستحق أكثر”، أنه “مظلوم” لأن “الحياة” لم تعطه أكثر..
وفعلياً هو متسخط على ربه لأنه يراه “ظلمه” (وحاشا لله) حين كتب عليه هذه الحياة “وفقط!” بينما هو يستحق حياة أفضل مرسومة في ذهنه قد يتحقق حزء منها وقد لا تتحقق أبداً لشدة خياليتها وبعدها عن واقعه..
ولذلك تراه دوماً عابساً حتى حين تزداد النعم عليه ويبتسم من حوله شاكرين، حتى حين يراه الناظر من بعيد في جنة الدنيا وذا حظ كبير..
فهو رغم ذلك متأفف ومتذمر، لا يفرح بما عنده ولا يراه، ويضع لنفسه شروطاً صعبة لل”نجاح” و”السعادة” و”الطمأنينة” في دنياه، والمشكلة أنه قد يظن أو يسمي نفسه “طموحاً” بينما هو في الواقع يضيع العمر للمزيد من الدنيا التي لن يمسكها حتى تهرب منه، ويخسر علاقاته ومن حوله في سبيل كل ذلك..
تراه مثلاً في راكِضٍ وراء الشهادة تلو الأخرى يسافر بأسرته من مدينة لغيرها ولا يثبت لهم ببيت في سبيل المزيد من “أحلامه”..
في امرأة قررت أنها لن تسعد حتى يكون زوجها “خاتماً في إصبعها” ولذا لا ترى شيئاً من خيره ما لم تسيّره كما تحب..
في أبٍ يريد من ابنه أن يلبيه في كل طلباته فوراً وحالاً ودون نقاشٍ وإلا سماه عاقاً واعتبر نفسه فاشلاً في تربيته..
في امرأةٍ اختارت منذ بداية زواجها النظر لأهل زوجها كأعداءٍ لها ولذا لا ترتاح بأي نعَمٍ في زواجها ولا ترى أي خيرٍ لأهل زوجها ماداموا موجودين في حياتها..
في شابٍ مدلل اعتاد أن تلبى جميع طلباته ولذا صار يعتبر كلّ ما يريده حقاً طبيعياً له يتعسه أي رفض قد يواجهه من صديق أو معلمٍ أو مدير..
في أمٍ لابنٌ فيه كثير من الخير لكن شخصيته تخالف تصوراتها عما يجب أن يكون عليه، ومهما تزكى لن يستطيع تحقيق كل رغباتها فيه ولا التخلص من كل عيوبه الحقيقية أو التي تبالغ بانزعاجها منها أو تخطئ بالنظر إليها..
في فتاةٍ تُجري عمليّة تجميل تتلوها صباغة شعر ثم حمية صعبة ثم تقضي الوقت تنسق الملابس وتتسوق منها ومن المكياج لتبدو جميلة في عين نفسها..
في زوجٍ امتلأ بالصور الخيالية عن جمال المرأة وأنوثتها فبات يتوقع المستحيل من زوجته ويراها قليلةً ومهملةً لنفسها مهما فعلت..
وفي غيرهم كثيرين..
فاسأل نفسك ولاحظ أمراض قلبك التي قد تكون حقيقتها تسخّطٌ على ربك سبحانه الذي تغمرك نعمه، والذي لو لم يمدّك إلا بهذه الفرصة بالوجود والعمل لدخول الجنة لكفى..
فتأمل وأنت تسمع وترى وتعقل وتعرف ربك..
كم عشت محاطاً بفضله وأنت تطلب المزيد، وكم فوّت عليك الشيطان الحمد والرضى لأنك تضع قواعدك الخاصة للسعادة..
وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه: “الإيمان نصفان، نصفه صبر ونصفه شكر”..
فتفقد إيمانك..
مشارك من قناة #تسنيم_راجح
t.me/TassneemRajehChannel