بعد معركة استعراضية أدت إلى مقتل المئات من مقاتلي تنظيم الدولة “داعش” وجرح ربما الآلاف وخسائر في صفوف مقاتلي الأكراد و تدمير مدينة عين العرب ” كوباني” وتجييش العالم كله ضد الثورة السورية خفية، وظاهراً ضد داعش، انهزم الأخير أمام قوات مقاتلي الاتحاد الديمقراطي الكردي الذي تفاجأ البعض بجلوس زعيمه صالح مسلم إلى جانب وفد النظام السوري بمنتدى موسكو الذي قاطعته المعارضة السورية الحقيقية..
لست أدري طبيعة العقل الإجرامي الذي دفع تنظيم الدولة إلى فتح جبهة في عين العرب، بعيداً عن مطار دير الزور حيث معقل نظام الطاغية بشار أسد وهو الذي يقع في حضن دولة الخلافة المزعومة، لكن لا يستغرب المرء ما دام هو نفس العقل الإجرامي الذي دفعه إلى فتح معركة الموصل وكركوك لمقاتلة الأكراد وفتح جبهة معهم وهم من المفترض أن يكونوا حلفاء للسنة، أو على الأقل محايدين الآن، ليُفسح المجال لإيران بالانقضاض وتسليحهم ثم تجييشهم ضد داعش وفي الواقع ضد سنة العراق بشكل عام.
تخلت داعش عن مهاجمة معاقل الشيعة العراقيين وإن حصل فكر وفر سريع بخلاف ما حصل في مناطق الأكراد بالعراق والشام، إصرار عجيب على القتال والثبات، لكن داعش التزمت تماما بالمنطقة العازلة التي حددتها طهران بأربعين كيلو متر، فراح تنظيم الدولة ليفتح ولايته الخرافية على بعد آلاف الأميال في خراسان، ليخسر معقله في ديالى ومن قبل كوباني، وقبل التوجه إلى خراسان لا بد من توضيح مسألة في غاية الخطورة وهي قضية السبي التي لجأ إليها تنظيم الدولة بحق الإيزيديين مما دفع غيرهم للانتقام بسبي نساء السنة في ديالى وغيرها كما أشيع بعد هزيمة تنظيم الدولة أمام عصابات الجيش العراقي الطائفي، وقبل أن تنسحب عصابات داعش لم تنس أن تسحب كل أسلحة القبائل السنية لتتركها فريسة للعصابات الطائفية العراقية قتلاً وذبحاً وتشريداً…
نتوجه إلى خراسان لنرى إعلان تنظيم الدولة عن فتح فرع له في باكستان وأفغانستان بحجة البيعة للخليفة، ولا أدري عن أي خليفة يتحدثون وهو لا يظهر أمام العامة، ولا يستطيع حماية نساء ديالى ويا ليته ترك سلاح أهل ديالي ليحمونهن، لكن الخليفة مشغول وجماعته بسبي الإيزيديات وبمقاومة المجاهدين بالشام، وهو العاجر عن فتح مطار دير الزور بينما يُمني الآخرين بولاية في خراسان وأخرى في اليمن وثالثة في ليبيا ورابعة وخامسة…، وكأن الهدف من وراء ذلك هو مجرد إفساد أي مكان فيه جهاد ووحدة، وإلا فما الفائدة من فتح جبهة خراسان التي ظلت عصية على أربعين دولة تسعى إلى شق صفوف حركة طالبان والقضاء عليها لتأتي “دولة البغدادي” لتفرقها وتمزقها وتشتتها، ومن قبل السعي لفتح جبهة حوران التي تهل منها البشائر بالنصر والوحدة بين فصائل المجاهدين في حين تنهزم داعش في معاقلها بديالى وكوباني وغيرهما..
لا أعتقد أن التاريخ كتب يوماً أن دولة أو إمارة قد تأسست بهذا الشكل فضلاً عن خلافة مكذوبة مزعومة، لا أعتقد أن التاريخ كتب يوماً أن دولة تأسست وهي الموجودة في الساحة الافتراضية النتية فقط، هدفها الأول والأخير تقتيل وتذبيح الشباب المستعد للتضحية بنفسه وماله، برفع لافتة جميلة اسمها الخلافة الإسلامية، فكل الإمبراطوريات والدول التي تأسست عبر التاريخ بمن فيهم دولة نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام، وضعت الميثاق وحفظت الحدود وكتبت العهد مع غير المسلمين فضلاً عن المسلمين وكانت بمشورة أهل الحل والعقد وموافقتهم وهم المهاجرون والأنصار، وسكتت عن البعض مثل المنافقين وغيرهم من أجل العدو الأكبر، فكيف والعدو الصائل في الشام والعراق يقتل ويجرح ويشرد ويجرم ، بينما دولة البغدادي تعلن الحرب على كل من لا يُبايعها، فضلاً عن تقتيل كل من يفك بيعته لها بعد أن تبين خطلها وفسادها.
ويظل حادي المقاتلين الصادقين في الشام والعراق واليمن وليبيا وأفغانستان ما قاله المتنبي من قبل..
وسوى الروم خلف ظهرك روم *** فعلى أي جانبيك تميل