الجليس الصالح
وجليس السوء
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء، كحامل المسك، ونافخ الكير، فحامل المسك: إما أن يحذيك (أي يعطيك) وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير: إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحا منتنة» رواه البخاري ومسلم
– – – – – – – –
عن أَبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- أن النبيَّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: إنَّما مَثَلُ الجليسِ الصالِحِ وجَليسِ السُّوءِ، كَحامِلِ المِسكِ، ونافِخِ الكيرِ، فحامِلُ المِسكِ: إمَّا أن يُحذِيَكَ [أي: يُعطِيَك]، وإمَّا أن تَبتاعَ مِنهُ، وإمّا أن تَجدَ مِنهُ ريحًا طَيِّبَةً، ونافِخُ الكِيرِ: إمّا أن يُحرِقَ ثِيابَكَ، وإمّا أن تَجِدَ مِنهُ ريحًا مُنتِنَةً”. رواه البخاري ومسلِم.
المعنى: هذا تشويقٌ من النًّبي صلّى الله عليه وسلّم لنا لمصاحبةِ الأخيارِ ومجالسةِ أهلِ الفضلِ، وتنفيرٌ لنا من مصاحبةِ الأشرارِ ومجالسة أهل الرَّذائل… وقد جاءَ هذا التّشويقُ والتّنفيرُ على طريقةِ التّمثيلِ والتّشبيهِ، ليكونَ أقربَ للعقولِ وأبلغَ في النّفوسِ.
فشبّهَ صلّى الله عليهِ وسلّمَ من يُجالسُ الأخيارَ بمن يجالسُ حاملَ المسكِ، فهو لا يجدُ من مجالستِهِ إلّا الطِّيبَ، ولا يُحصِّلُ منها إلّا ما هو مرغوبٌ محبوب.
بينما شبّهَ من يُجالسُ الأشرارَ بمن يجالسُ نافخَ الكيرِ الذي يقعدُ مقابلَ النّارِ ليوقِدَها، فهو لا يلاقي من مجالستِه إلّا ما يُزعِجُهُ ويؤذيهِ من الرائحة الكريهة أو الشرار المتطاير.
وما أحسنَ ما قالَه الأقدمون: المجالِسُ مدارسٌ.. فالمرءُ إمّا أن يتعلّمَ في مجالسِهِ العلمَ النّافعَ والأخلاقَ الفاضلةَ، وإمّا أن يتعلّمَ فيها العلمَ الضّارَّ والتفاهاتِ والسَّفالاتِ، وذلك بحسبِ الجلساءِ، ولا شكَّ كلُّ إناءٍ ينضحُ بما فيه.
طريقةٌ مقترحةٌ للتّطبيق:
أخي وأختي: هل يَتصوّرُ الواحدُ منّا كم هو محظوظٌ حينَ يجالسُ أهل الخيرِ الذين ينتَقونَ أطايبَ الكلامِ كما يُنتَقى أطايبُ الثّمار؟!
وهل يتصوّرُ أحدُنا أن يُقالَ عنه حينَ يُجالسُ أهلَ القرآنِ وحملةَ الحديثِ وأوعيةَ العلمِ وأصحابَ الذكرِ فيقالُ عنه في الملأِ الأعلى: هم القومُ لا يشقى بهم جليسُهم؟!
ثمّ هل يتصوّرُ أحدُنا نفسَهُ في الطرف الآخر حينَ يتبدّلُ الخبيثَ بالطّيّبِ، فيجالسُ أهلَ الزّيغِ والفجورِ وأهلَ اللغو والكلامِ الهابط؟!
وَشتّانَ بينَ مشرِّقٍ ومغرِّبِ… فلنتفكر فيمن نصاحب، ولنمتلك الجرأة على التغيير إن وجدنا فيهم ما هو مذموم، ولنبحث عن الصحبة الأفضل، ولنعلم أن الصاحب الجيد لن يقترب ممن يصاحب الفاسدين، فلدرك أنفسنا، ولا يتوهمنَّ متوهِّمٌ أنه لا يتأثر، فمن جالَسَ جانَس.
وكذلك الحال فيما يتعلق بأبنائنا وأزواجنا ومن ولينا أمره، لابد أن ننتبه إلى من يصاحبون فنجنبهم الأشرار، ونسى لأن نضعهم في بيئة يصحبون فيها الأخيار.. جعلنا الله وإياكم منهم.