السياسة ومعضِلة المشايخ والقادة!
حديثنا اليوم، ليس عن نموذج القائد الذي لا يتقي الله، ويريد أن يَتخذ الدينَ مَطيّة، يُفصِّل الشرع والدين على هواه، ولا عن أولئك المشايخ المغمورين، الذين وظَّفهم ذلك المفسِدُ عنده كمُرَقِّعين على نموذج مُفتي السلاطين…
بل على العكس، حديثنا اليوم عن النموذج المقابل من المشايخ الذين نُحسن الظن بهم، والقادة الذين يحترمون الشرع وأهله، ويعظِّمون حمَلَتهُ من باب تعظيم الشريعة، ويسمعون باحترام للشيخ على ما عندهم من علم شرعي.
أولئك المشايخ المحترمون في أحيان كثيرة يتسببون باتخاذ القرار الخاطئ من مُحبِّهم، ويضغطون بما لا يوصل إلى الطريق الصحيح على أرض الواقع!
ومَرَدُّ ذلك إلى خطأ وقع فيه كثيرٌ من طلبة العلم الشرعي من أبناء الثورة، وهو إلباس لبوسٍ ديني لكل موقف يتخذونه، حتى ولو كان خِيارًا بين مباحات في إطار المصلحة!
ما ورَّط أولئك المشايخ في دوامة خطاب المزاودات، وقيَّد مرونتهم السياسية بشكل كبير، وجعلهم سبب تعطيلٍ لذلِك القائد المحترَم الذي يهتم برأيهم ويريد اتخاذ خطواتٍ جريئة تناسب الواقع بعيدًا عن الأوهام والتخيلات والمزاودات…
ولعل أساسَ المشكلة يكمُن في عدم قدرة أولئك المشايخ على التراجع عن مواقف سابقة اتخذوها بعد أن أوهموا الناس بأن المواقف الأولى دِين وما عداها مخالفٌ ومصادم للدين ومعصيةٌ لله ربّ العالمين!!
وأعظمهم ضررًا في هذا من رفعوا سقوف المزاودات وبالغوا فيها… فضَلّوا وأضَلّوا عن سواء السبيل.
والحل للقائد الناجح، أن يتخذ ما يراه صوابًا، طالما أنه ليس في دائرة الحرام قطعي الثبوت والدلالة، وطالما أنّ هناك مِن أهل العلم الثقات من أجازه له، وإن خالف رأي أولئك… فلا يلتفت كثيرا إليهم، سواءً منهم من رهَّبَه بالانفضاض عنه، أو من رغّبه بالمديح المبالَغ فيه (على سبيل الطَنبَرة)… ففي الختام: “وإن تعاطف الناس مع الضعفاء فهم يتْبَعون القويّ الناجح في النهاية”.
شرح الله صدورنا وصدوركم إلى ما فيه الخير، والحمد لله رب العالمين.