بئس العتل الجواظ المستكبر
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بأهل الجنة؟ كل ضعيف متضعف، لو أقسم على الله لأبره، ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عتل جواظ مستكبر» رواه البخاري ومسلم
العتل: الغليظ الجافي
الجواظ: بفتح الجيم وتشديد الواو: الجموع المنوع، المختال في مشيته
– – – – – – – –
#الشيخ_أبو_معاذ_زيتون
عن حارِثَةَ بنِ وهْبٍ -رضي الله عنه- قالَ: سمعتُ رَسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يقولُ: “ألاَ أُخبِرُكُمْ بِأهلِ الجَنَّةِ؟ كُلُّ ضَعيف مُتَضَعِّف، لَوْ أَقسَمَ على اللهِ لأَبَرَّهُ، ألا أُخْبِرُكُم بِأهلِ النَّارِ؟ كُلُّ عُتُلٍّ جَوّاظٍ مُستَكبِرٍ”. رواه البُخاريّ ومسلِم.
*”العُتُلُّ”: الغَلِيظُ الجَافِي.. “الجَوَّاظُ”: بفتح الجيم وتشديد الواو: الجَمُوعُ المَنُوعُ، المُخْتَالُ في مِشْيَتِهِ.
المعنى: يريدُ النّبيُّ صلّى الله عليه وسلم أن يبيّنَ للأمّةِ فضيلةَ الاستكانةِ للهِ تعالى، والبعدِ عن الكبرياءِ والزّهوِ، فذكر أنَّ أغلبَ أهلِ الجنّةِ هم من كانوا في الدّنيا أهلَ مَسكنةٍ ضعافَ الحالِ، متضعّغينَ أي باذلي التّواضعِ خافضي جناحِ الرّحمة لعبادِ الله، غيرَ متعالينَ على النّاس بمناصبِهم ولا بأموالِهم ولا بأحسابِهم ولا بمراتبِهم العلميّة ولا بجسامتِهم ولا بوسامتِهم ولا ولا ولا..
وهم لأجل هذه المسكنةِ القائمةِ في نفوسِهم لهم شأن عند اللهِ فلا يُخيّبُهم، إن أقسمَ أحدُهم على الله أن يحقّقَ له غايةً لبّاه، وإن سألَ اللهَ حاجةً أكرمَه وأعطاه.
بينما غالبُ أهلِ النّار يومَ القيامةِ هم من كانوا في الدّنيا على خلافِ تلكَ الصّفاتِ، فكانوا أهلَ علوٍّ وزهوٍّ وتكبُّرٍ على النّاس، وكانوا أولي غلظةٍ وجفاءٍ وشدّةٍ، فمنهم الغنيّ الذي كانَ يمنعُ عطاءَ الفقراءِ احتقارًا لهم وبخلًا عنهم، ومنهم الذي كانَ يختالُ في مشيتِهِ ويتعاظمُ في لباسِهِ شامخًا يزدري غيرَه، ومنهم الذي كان مترفًا يتفاخرُ بما آتاهُ الله من النِّعمٍ غافلًا عن شكرها، ولربّما نسبَها إلى نفسِهِ لا إلى مولاه.
طريقة مقترحة للتطبيق:
أخي وأختي: لا يُفهمُ من هذا الحديثِ وأمثالِهِ أنّ المُسلِمَ يجبُ أن يمشيَ في الأرض وعليهِ علاماتُ الذّلِّ والتّماوتِ، ولا أنّهُ يجبُ أن يكونَ ضعيفَ البنيةِ هزيلَ الجسم متكاسلًا، ولا أنّه يجبُ أن يكونَ فقيرًا معدمًا يتسوّلُ النّاسَ ويعيشُ عالةً عليهم.
بل على العكس فالمؤمنُ القويّ خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمنِ الضّعيف، ولا أجملَ من أن نكونَ أصحّاءَ أقوياءَ أغنياءَ متعلّمينَ أولي حسبٍ ونسبٍ وفي الوقتِ ذاتِهِ نكونُ متواضعينَ ليّنينَ هيّنينَ قريبينَ من النّاس، وبذلك نجمعُ الخيرَ من أطرافِه، ونؤدي بعض حق الله في شكر ما أنعم به علينا بالتزام ما أمرنا به من أخلاقٍ مع عباده.