شر الناس منزلة
عن عائشة أن رجلا استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ائذنوا له، فلبئس ابن العشيرة، أو بئس رجل العشيرة فلما دخل عليه ألان له القول، قالت عائشة: فقلت: يا رسول الله قلت له الذي قلت، ثم ألنت له القول؟ قال: يا عائشة إن شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة، من ودعه، أو تركه الناس اتقاء فحشه» رواه البخاري ومسلم
– – – – – – – –
#الشيخ_أبو_معاذ_زيتون
شرّ الناس منزِلة!
عَن عَائِشَةَ أنَّ رجُلًا استأذن على النبيِّ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم، فقال: «ائذَنوا له، فلبِئسَ ابنُ العَشيرَة، أو بِئسَ رَجُلُ العَشيرَة» فلَّما دَخل عليه أَلانَ لهُ القَول، قالت عائشة: فقلتُ: يا رسولَ اللهِ قلتَ لهُ الذي قُلتَ، ثُمَّ ألَنتَ له القَول؟ قال: «يا عائشةُ إنَّ شَرَّ الناسِ مَنزِلةً عِندَ الله يَومَ القِيامةِ، مَن وَدَعَهُ، أو تَرَكَهُ الناسُ اتقاءَ فُحشِه». رواه البُخاريُّ ومُسلِم.
المعنى: هذا صنفٌ آخرُ من النّاسِ يخبرُنا النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّهم من شرارِ الخلقِ مكانةً يومَ القيامة، وهم ناسٌ بلغوا من البذاءةِ والفحشِ والفجورِ وسوءِ الطّبعِ ما يُرغِمُ الشُّرفاءَ على البشاشةِ في وجوههم، ويدفعُ العقلاءَ لخطابِهم باللينِ مع ما يحملونَه في قلوبِهم من بغضٍ لهم ونّفورٍ منهم، وما ذلكَ إلّا مداراةً لهم، وتجنُّبا لفجورِهم واتّقاءَ سفاهتِهم، حتّى لا تتّسخَ الآذانُ بسماعِ قبيحِ ما تنتجُهُ أفواهُهم ولا تتقزّزَ النّفوس برؤيةِ إفرازاتِ تربيتِهم المُنتِنة.
وأكثرُ ما يثيرُ العجبَ من هذا الصّنفِ الممقوتِ في الأرضِ والسّماءِ، اعتقادُهم أنَّ النّاسَ إنّما يلاطفونهم من بابِ الحبِّ والاحترام، مع أنَّ قَسَماتِ الوجوهِ تكادُ تنطقُ بسبِّهم أينما حلّوا وارتَحلوا.
هذا ولا تعارُضَ بينَ هذا الحديثِ والذي ذمّ ذي الوجهين، فالمداراةُ لا تكافئ المداهنة، إذ المداراةُ يلجأ إليها المسلمُ مضطرًّا ليدفعَ السّوءَ، بينما المداهنةُ يُهدِرُ فيها العبدُ جزءًا من دينِهِ مختارًا لتحصيلِ منفعةٍ دنيويّة.
طريقة مقترحة للتطبيق:
أخي وأختي: هذا الحديثُ يُرشدنا إلى حقيقةِ أنّه ليسَ كلُّ من تبسّمَ في وجهكَ أحبّكَ، وأنّه ليسَ كلُّ من ألانَ لك الجانبَ رضيَ أخلاقَك؛ بل قد يكونُ فينا من السّوءِ أو البطشِ ما يخشى النّاسُ معه أن يناصحونا أو أن يصارِحونا، فعلينا أن نزينَ أخلاقَنا وتصرّفاتِنا بميزانِ الشّريعة الذي لا يغشُّ، وألا نفرح بلين الناس معنا خوفًا من بطشنا أو اتقاء سليط لساننا فالدنيا لا تدوم على حال واحد، ومن سكت عنك اتقاء شرك اليوم لضعفه سيبطش بك يوم قوته وضعفك… ولهذا كان شأن العاقل أن يجعل علاقة الناس معه في مجتمعه قائمة على الحب والاحترام المتبادل، هدانا الله وإياكم إلى أحسن الأخلاق إنّه لا يهدي لأحسنها إلا هُو.