قضاء القاضي لا يحل الحرام
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي على نحو ما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه شيئا، فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار» متفق عليه
– – – – – – – – –
#الشيخ_أبو_معاذ_زيتون
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنَّما أنا بشرٌ وإنَّكم تختَصِمون إليَّ، ولعلَّ بعضَكُم أن يكونَ ألحَنَ* بحُجَّتِه مِن بعض، فأقضِي على نحوِ ما أَسمَع، فمن قضَيتُ له مِن حقِّ أخيه شيئًا، فلا يأخُذه فإنَّما أقطَع له قِطعةً مِن النَّار». متّفَق عليه.
* ألحَنَ بِحُجَّتِه: أحسَنَ إيرادًا للكَلامِ، وأَقدَرَ على الحُجَّةِ والبَيِّنةِ والبيان، ولو كاذبًا.
المعنى: يُخبرنا النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه كان يقضي بينَ النّاس بناءً على ما يظهرُ له من كلامِهم، واستنادًا إلى ما يُقدِّمُه كلُّ خَصمٍ من حُجَجٍ تؤيّدُ دعواهُ، فهو صلّى الله عليه وسلّم لا يعلمُ الغيبَ، بل هو بشرٌ يجري عليه ما يجري على البشر من أحوالٍ، فيجوعُ ويمرضُ وينسى ويتأثّرُ بقوّةِ الحُجَّة وبليغِ الكلام.
ثم يُعلِّمنا صلّى الله عليه وسلّم أنّ بعضَ الخصومِ الذين يأتونَه، قد يملكونَ مِن طلاقةِ اللسانِ والحنكةِ وقوّةِ التّعبير ما يتغلّبون به على خصومِهِم، الذين قد يعانونَ ضعفًا في المحاجَجةِ وقصورًا في التّعبير، فيَصدُرُ الحُكمُ منه لصالحِ الطّرفِ الأوّلِ، ويضيعُ حقُّ الطّرفِ الثّاني الذي لم يعرِف كيف يسوقُ حجَّتَه ويقدّمُ برهانَه، وهنا يخبرُنا صلّى الله عليه وسلّم أنّ صدورَ الحكمِ القضائيّ على لسانِهِ لا يبيحُ حقّ الغيرِ، وأنّ من أخذَ حقًّا ليسَ له_ ولو بحكمِ القاضي_ فإنّما يستعجلُ بذلك عذابَ النار والعياذُ بالله.
طريقةٌ مقترحةٌ للتّطبيق:
أخي وأختي: أرأيتم كيف أنّ الحكمَ القضائيّ حتّى لو صدرَ عن لسانِ رسولِ الله صلّى الله عليه وسلّم فإنّه لا يحلُّ حقَّ الغيرِ، فكيف لو صدرَ هذا الحكمُ عن بشرٍ عاديّ؟!
وكيف نرى من يتحاكمون اليومَ عند القضاةِ والمشايخِ، فيصلونَ بسلاطةِ ألسنتِهم أو بمكرِ محاميهم إلى قراراتٍ تُكسبُهم ما يعلمونَ يقيناً أنّه ليسَ حقًّا لهم؟!
فهذا يحرِمُ أخاه من حقّه في الميراثِ، وهذا يحرِمُ طليقتَه من حقّها في مهرِها أوحضانةِ أولادِها، وتلكَ تحرمُ طليقَها من رؤيةِ أولادِه، وكلّهم يتذرّعونَ بقرارِ القاضي أو الشّيخِ متجاهلينَ أنّ ما حرّمَه اللهُ لا يحلُّه بشرٌ مهما علَت مكانتُه.