من يعمل لابد أن يخطئ
مقولة حق قد يزين بها باطل!
✍️ حاتم الأيوبي
كثيراً ما نسمع مقولة “من يعمل لا بد أن يخطئ”، وخاصة مع كل مصيبة تحل بنا، أو مع كل مناداة بالمحاسبة والإصلاح.
والاستدلال بهذه المقولة على صحتها النسبية دون استصحاب الصورة الشمولية للمعنى الذي تحمله، والذي يجب أن يشمل: (الخطأ والتوبة والمحاسبة والعقاب)، ناقص في غير محله، وباطلٌ لا يصح.
كما أن الاستدلال بهذه المقولة بشكله المجرد والاستقواء بها على الاستمرار بالخطأ، والتهرب من تحمل المسؤولية، ينم عن استعلاء على الآخرين واستخفاف بالعمل والعاملين…
*نعم، إن من يعمل لا بد أن يخطئ، ولكن:*
من يخطئ يجب أن يعترف بخطئه ويتوب.
ومن يصر على الخطأ يجب أن يُحاسب.
ومن يُكرر الخطأ يجب أن يعاقب.
ومن يعتاد الخطأ يجب أن يُعزل.
*قال ﷺ:*
«كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ». رواه التِّرمِذِي.
*والخطأ يلزمه توبة، وشروط التوبة كما نعلم:*
– الندم على فعل الخطأ.
– والإقلاع عن الخطأ فوراً.
– والعــزم على عدم العــودة إليه.
– ورد الحقوق والمظالم إلى أصحابها.
فإذا كان من يخطئ لا يعترف بخطئه، ولا يقلع عنه، ولا يندم على فعلته، ويعود إلى ذات الخطأ، ويكرره المرة تلو الأخرى، ولا يستحل ممن أخطأ بحقهم أو أصابهم الضرر بسبب إهماله وتقصيره، ولا يجد من يعاتبه او يحاسبه أو يعاقبه، فلا شك أنه سيتمادى وأن الخطأ سيتفشى، والمرض سيستشري، والمصائب ستتفاقم، وهذا نذير شؤم آفة توشك أن تُوقع بنا جميعاً.
*قــال تعالــى:*
﴿فَمَن تابَ مِن بَعدِ ظُلمِهِ وَأَصلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتوبُ عَلَيهِ إِنَّ اللَّهَ غَفورٌ رَحيمٌ﴾ [المائدة: ٣٩].
*وقــال تعالــى:*
﴿فَلَمّا نَسوا ما ذُكِّروا بِهِ أَنجَينَا الَّذينَ يَنهَونَ عَنِ السّوءِ وَأَخَذنَا الَّذينَ ظَلَموا بِعَذابٍ بَئيسٍ بِما كانوا يَفسُقونَ﴾ [الأعراف: ١٦٥].
إن غياب المحاسبة يعني بالضرورة غياب العدل، وغياب العدل ينذر باقتراب الزوال.