ما الفقر أخشى عليكم!

عن عمرو بن عوف المزني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فو الله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا، كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتلهيكم كما ألهتهم» رواه البخاري ومسلم

 

– – – – – – – – –

#الشيخ_أبو_معاذ_زيتون

عن عَمرِو بنِ عوفٍ المُزَنيّ أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «فَوَاللَّهِ مَا الفَقرَ أخشى علَيكُم، ولَكِن أخشى عَلَيكُم أن تُبسَطَ عَلَيكُمُ الدُّنْيا، كَما بُسِطَت عَلى مَن كانَ قَبلَكُم، فَتَنَافَسوها كما تَنافَسوهَا، وتُلْهِيَكُمْ كَما ألهَتهُم». رواه البُخاريّ ومُسلِم.

المعنى: كانَ النّبيّ صلى الله عليه وسلم يسألُ اللهَ الغِنى، ويستعيذُ باللهِ من الفقرِ، لأنّ الفقرَ ثقيلٌ وربّما يحملُ الإنسانَ على عدمِ الصّبرِ، أو يدفعُهُ إلى ما لا يُحمدُ عليه من التّصرّفاتِ تحتَ ضغطِ الحاجة.

لكن مع هذا بيّنَ لنا صلّى الله عليه وسلم أنّه يخشى علينا بسطَ الدّنيا، والتّنافسَ على تحصيلِ الرّفاهيةِ فيها، أكثرَ ممّا يخشى علينا الفقر، لأنّ التّنافسَ على الدّنيا سبيلُ مَهلكةٍ وبابُ شرٍّ كبير.
والواقعُ الذي نراه اليومَ يشهدُ لهذا الذي جاء في الحديثِ، فإنّنا نرى الفقراءَ في الغالبِ أرقَّ قلوباً، وأكثرَ تواضعاً، وأشدَّ صبراً، وأحرصَ على الدّينِ من الواجدين الموسرين.

ونرى كيفَ أنّ الإنسانَ متى استهوته الدّنيا وأَسرَته بزخارِفِها فإنّه يفعلُ من أجلِ ذلكَ أكثر مِمّا يفعلُهُ الفقير ليتخلّصَ من فقرِه، فلربّما ظلمَ الغنيّ وسرقَ واغتصبَ مالَ غيرِه فقط ليكونَ أكثر رفاهية.

طريقةٌ مقترحةٌ للتّطبيق:

أخي وأختي: ربّما لا يخطرُ في بالِنا أنّنا ممّن غرقوا في مستنقعِ التّنافسِ على الدّنيا، وحتّى نعلمَ حقيقةَ أمرِنا فلنتأمّل كم يدفعُ بعضنا من الأموالِ في سبيلِ تحسينِ نوعيةِ جوّالاتِهم، أو للحصولِ على ماركةٍ معيّنةٍ من اللباس، أو كم ندفعُ لتحديثِ مركباتِنا من دراجةٍ أو سيّارةٍ، أو على تزيين واجهات منازلنا ومحلاتنا، أو على تبديل موديلاتِ الكاسات والفناجين والأباريق والطناجر والأفران والبرادات والفُرُشِ والسّتائر والموبيليات وغير ذلك من متاع، لنوافق الحداثةَ ونستمتع بكذبة (الموضة) التي سيطرت على عقولنا وتنافسنا فيها.
ولنتأمّل كم من مشكلة كان يمكنُ حلّها على مستوى الأمّةِ، لو لم تهدر هذه الأموالُ في هكذا أمور؟!

فهل أدركنا عظيمَ معنى هذا الحديثِ الشّريف؟!
وهل علِمنا معنى الهلكةِ التي حذّرنا منها صلى الله عليه وسلم؟! وهل سنسعى للتصحيح؟!