أن تصدق وأنت صحيح شحيح
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله، أي الصدقة أعظم أجرا؟ قال: أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر، وتأمل الغنى، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم. قلت: لفلان كذا ولفلان كذا، وقد كان لفلان» متفق عليه
– – – – – –
بقلم: الشيخ أبو معاذ زيتون
عن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال: يا رسول الله، أيُّ الصدقة أعظمُ أجرًا؟ قال: “أن تصدَّق وأنت صحيحٌ شحيحٌ تخشى الفقرَ، وتأمَلُ الغِنى، ولا تُمهِل حتى إذا بَلَغَتِ الحُلقومَ. قلت: لفلانٍ كذا ولفلانٍ كذا، وقد كان لِفلان”. مُتَّفَقُ عليه.
المعنى: الإنسان ما دام حيّا معافى، فهو حريصٌ على التّكاثرِ من المنافعِ وجمعِ المال، لكنّه متى اشتدّ عليه المرضُ وأحسّ بدُنوِّ الأجلِ فإنّ نفسَه تزهدُ بالدنيا، فيهونُ عليه عند ذلك التّخلّي عن بعضِ مالِه أو كلّه.
وقد بيّنَ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم في هذا الحديثِ أن أعظم الصّدقةِ أجراً، يكونُ حينَما يتصدّقُ الإنسانُ وهو في عافيةٍ وصحّةٍ، حيث تكونُ النّفسُ ما تزالُ متعلّقةً بالمالِ طامعةً بالعيشِ في نعيمِ الدنيا.
وأقلُّ الصّدقاتِ أجراً تكونُ عندما يعاينُ الإنسانُ الموتَ ويستشعرُ قربَه، لأنّ هذا المال الذي يتصدّقُ به صارَ قريبَ الخروجِ من يدِه إلى يدِ غيره، ولم يعد أمامَه متّسعٌ ليتلذّذَ بإنفاقهِ على متعةِ نفسِه، فيهونُ عليه أن يتصدّق به أو أن يوصيَ به لغيرِ الورَثة لأن رسول الله قال: “لا وصية لوارِث”.
ومن هذا الحديثِ نتعلّمُ أن كلّ عملٍ صالحٍ يكونُ فيهِ مشقّةٌ على النّفسِ، فهو أعظم أجراً عند اللهِ ممّا يسهلُ عليها.
طريقة مقترحة للتطبيق:
إخوتي الأكارم: الدنيا ظلٌّ زائلٌ، والمسلمُ يومَ القيامةِ في ظلِّ صدقتِهِ، والعاقلُ يجتهدُ في إطالةِ ظلِّ الآخرةِ الباقية على حساب ظلِّ الدّنيا الفانية، ولا يقلْ الواحدُ منّا وبأيِّ شيءٍ أتصدّقُ وأنا بالأصلِ فقير… فإنّ الله تعالى لم يحدّد لنا مقداراً معيّنا نتصدّقُ به ليتقبّله منّا، بل قال سبحانه: (إنّما يتقبّلُ الله من المتّقين).. فاعلم يا أخي أنّك ربّما دخلتَ عالمَ المتصدّقين، ببصلةٍ أعطيتها لفقيرٍ تبتغي بذلك وجه الله تعالى.
فلنتصدّق قبل أن نتركَ كلّ شيءٍ ونمضي.