انتخابات بلا برامج انتخابية!

من الأمور الملفته للنظر في مؤسساتنا وانتخاباتها الشكلية، يُعلن عن الانتخابات، ويُحدد موعدها، ويأتي يوم الانتخابات، وبالكاد إلى يوم الانتخابات نتعرف على أسماء المُرشَّحين…

فإذا أُعلِن عن أسمائهم فلا برامج انتخابية واضحة، ولا مُراجعة لانجازات من سبق توليه المنصب منهم!!

فإذا جامل بعضهم ونشر برنامجًا انتخابيًا، فعموميات وكلام لا يحمل صفة الأهداف القابلة للقياس بالأرقام والأزمان…

لو كان الأمر إلي لما قبلت إلا ببيانٍ انتخابي وبرنامج مسجَّلٍ ومكتوب، حتى نختار الأصلح والأكفأ والأكثر اقناعًا..

إذن على ماذا ينتخب الناس اليوم في مؤسساتنا ونقاباتنا ومجالسنا وغيرها…؟! أعلى الحب والبغض والموقف الشخصي مثلا؟!

في الحقيقة انتخاباتنا فعليًا تكرس العصبية الجاهلية للمنطقة والعشيرة والمدرسة والشيخ والفصيل والمنفعة الشخصية ووو… ما يجعلها في كثيرٍ من الأحيان سببًا لتصدُّر المزيد ممن لا يَعرِفون من المنصِب سوى التصدُّر واحتكار التمثيل دون إنجازاتٍ أو تطوير..

ليس هذا فحسب، بل يضاف إلى ذلك غياب الناخبين الفعليين، فكثير من الهيئات والمؤسسات لاتزال قوائمها الانتخابية تتضمن عشرات ومئات ممن لانسمع بأسمائهم إلا يوم الانتخابات وقد انتشروا في أصقاع الأرض ولا يشاركون في نشاطات المؤسسة ولا يتأثرون بقرارات من ينتخبون فيها، ولكنهم بكثرة عددهم يصادرون قرار أصحاب المصلحة الفعليين!!

وبالتأكيد نتيجة ذلك ما نراه من مؤسساتٍ ثورية بلا عضوية فعلية، ولا فَعالية!!

كل انتخابات وانتوا بخير.

 

– – – – – – –

عطي الخباز خبزه لو أكل نصه”*

قالوا في الأمثال “عطي الخباز خبزه لو أكل نصه”… ربما مما لا يعرفه الكثيرون عني هوايتي في العمل بمجال الإكساء الداخلي للبيوت، منذ أن كنت طالبا في الجامعة، انقطعت عن هوايتي سنوات الثورة العشر الأولى كما انقطعنا عن سائر أعمالنا وهوايتنا تلك الفترة.. ومنذ سنتين عدت لممارسة هذه الهواية كنوع من أنواع الفن الذي أهواه…

المهم في ذلك أن كثيرا من إخواننا ممن أعانهم الله على تملك شقق سكنية، غالبا لم يكونوا يستعينوا بمتعهد ثقة لإكسائها، وكثير منهم بعد أن يُعالِج العمال ويفسد العمل ويدفع الكثير… كان يراجعنا ليسأل ويستنصح أو كنا نزوره مصادفة فنرى الأخطاء الشنيعة… ولكن بعد فوات الأوان… “اللي ضَرب ضَرب، واللي هرَب هَرب”!

وغالبا ما يكون أولئك المساكين

– قد دفعوا تكاليف أكبر.
– واحتاجوا مدة زمنية أطول..
– كان لهم فيها معاناة أكثر..
– وفي النهاية تكون عندهم أخطاء شنيعة غالبا لايُمكن إصلاحها بكلفة بسيطة…
– فتبقى تنغص عليهم فرحتهم بالبيت الجديد.

كل هذا لأجل أن يوفروا أجور المتعهد أو المهندس الخبير، فإذا بهم يخسرون مالًا ووقتا وجهدا وسعادة… لم يكن الخبير ليكلفهم بقدرها مالًا وسيوفر عليه كل ما تبقى…

((ولكنها طريقة التفكير المتجذرة والسائدة بيننا)).

لو أردنا أن نعكس ذلك على المجال السياسي أو الإداري أو الخدمي لرأينا نفس العقلية متجذرة تهيمن على تفكير الكثيرين وتقود من فشل إلى فشل…

حتى على مستوى الرأي العام، الأقل خبرة ومعرفة وإطلاعا والأقرب للغوغاء… يريدون من النخب الخبيرة أن تتبعهم ويعتبرون أنهم مقياس الصواب والخطأ!!.

حتى بين صناع القرار، دور المستشار الخبير مهمش، وما هو إلا ديكور لحشد بعض الأشخاص الوازنة في المشروع، لا يُسألون ولا يُعطون معلومات كافية ليقدموا أجوبة دقيقة… مع أن المستشارين الخبراء في المؤسسات الراقية لهم أكبر الرواتب ويعتبر دورهم من أخطر الأدوار..

هكذا نتصرف ثم بعد ذلك نقول أين الخلل؟!

ستيف جوبز مؤسس شركة آبل قال يوما: “لا يعقل أن نأتي بالخبراء لكي نعلمهم ماذا يفعلون.. نحن نأتي بهم لكي يعلمونا ماذا نفعل”.

دمتم بخير…