لا يشكّ عاقل أنّ ظروف الثورة السورية باتت صعبة جداً، فالمفاوضات قد تفشل، أو تطول لسنين…والواقع العسكري على الأرض في تراجع…
ومن البداهة أن نقول: النصر العسكري هو الذي يجعل للمفاوضات معنى مقبولاً، ومن دون النصر أو التقدّم العسكري على الأرض فالمفاوضات لا طعم لها ولا لون ولا رائحة…!!!
ومن البداهة أن نقول أيضاً: إنّ المجاهدين أو الثوار المقاتلين على الأرض هم الأساس الذي يُبنى عليه النصر…
لكن السؤال الهام هو: ماذا قدّم لنا هذا المقاتل، وماذا قدّمنا له..!!؟
هذا المقاتل قدّم لنا وقته وجهده وروحه…ولو ملك أكثر من ذلك لقدّمه لنا…!!!
وقبل أن نقول ماذا قدّمنا لهذا المقاتل، دعونا نتساءل ما حقّ المجاهدين على قادتهم وفصائلهم..!؟
للمجاهدين حقوق كثيرة، أقلها الأمور الآتية:
ـ أن نضمن لهم أجراً شهرياً يضمن الحد الأدنى لحياة كريمة.
ـ كفالة أسرتهم بعد استشهادهم، مما يضمن لهم الحياة الكريمة ولو بحدودها الدنيا.
ـ إعداد المقاتل عسكرياً وبشكل يتناسب مع ضراوة المعارك في سوريا.
ـ إعداد المقاتل نفسياً.
ـ إعداد المقاتل شرعياً.
والآن نتساءل ماذا قدمت الفصائل لهؤلاء المجاهدين!!؟
الحقيقة إنّ ما قدّمته الفصائل لمقاتليها لا يرقى في أحسن الأحوال إلى مرتبة الضعيف…
ـ فمن الناحية المالية انصرفت بعض الفصائل الكبيرة إلى مشاريعها الحالمة في تقاسم حكم سوريا قبل سقوط الأسد، وبدأت بإنشاء الإدارات التي تدير المناطق المحررة، وتضع من أجل ذلك المصاريف الكثيرة، وبرواتب تصل في كثير من الأحيان إلى 600 دولار شهرياً…
بينما المقاتل يكون محظوظا إذا حصل على 50 دولاراً، وبعد أن يستشهد هذا المجاهد يمنّون على أهله إذا دفعوا له مرتباً شهرياً يعادل مرتب المجاهد قبل أن يستشهد…
ويندر أن تجد فصيلاً في سوريا يكفي مجاهده أو أسرته في حال حياته أو بعد استشهاده…
ـ أما الناحية العسكرية فالإعداد فيها ضعيف وعلى العموم لا يرتقي إلى مستوى الحدث، وأكثر المجاهدين يعملون من أجل قوت عيالهم وقوت أنفسهم، وحضورهم للدورات العسكرية قد يتسبب في جوع أسرهم…
ومن الطبيعي أن تجد كثير من الفصائل تُخضع العناصر لدورة قصيرة لا تتجاوز خمسة عشر يوماً أو شهراً، ثمّ يزجونهم في ساحات الوغى…
ـ وأما الإعداد النفسي نادر الحدوث…
ـ وأما الإعداد الشرعي فما يزال غير مقبول، وعموماً وقعت الفصائل بين الإفراط والتفريط، فبعض الفصائل تُخضع المجاهد لدورة لمدة شهر أو أقل، لكن يخرج بعدها تكفيرياً خالصاً…!!!
وبعض الفصائل لا يوجد عندها دورات شرعية على الإطلاق…
وعلى العموم من الطبيعي أن نقول: كل مئة مقاتل يقابلهم شرعي واحد في أحسن الأحوال، وهذا الشرعي قد لا يكون متفرّغاً، وإذا كان متفرّغاً فلن يستطيع تأدية مهامه لأسباب شخصية وموضوعية في كثير من الأحيان…!!!
وبالنتيجة تكون الفصائل تقتل فلذات أكبادها وهي لا تشعر…
تقتل ثورتها وهي لا تشعر…
تغتال مستقبل سوريا وهي لا تشعر…
وفي يوم من الأيام سنبحث عن مقاتل يدافع عن ترابنا الطاهر، لكن قد لا نجده…!!!
أيها القادة الحكماء:
قد أهملتم المجاهدين…
لا تقولوا التمويل قليل…
وإن كان قليلاً، فأنتم لا تضعون المجاهد في أعلى درجات الاهتمام…
يا إخوتي الأكارم:
الدبابة لا تقاتل…
البارودة لا تقاتل…
الذي يقاتل هو هذا المجاهد المظلوم…
إذا أردتم أن تخدموا الله فاخدموا مجاهديكم…
إذا أردتم الدفاع عن ثرى وطنكم فاخدموا مجاهديكم…
إذا أردتم الدفاع عن أعراضكم فاخدموا مجاهديكم…
أيها القادة الأشاوس:
فشلتم في وحدة الصّف…
وفشلتم في التنسيق…
لم يبق لكم إلا شجرة واحدة فلا تحرقوها…
إنّها المجاهد المظلوم فلا تخسروها…!!!
أيها القادة الحالمون:
المجاهدون عيوننا التي نُبصر بها المستقبل…
فلا تفقؤوا عيوننا…
المجاهدون أنفاسنا التي نحيا بها…
فلا تقطعوا أنفاسنا…!!
المجاهدون سادتنا…
فلا تعاملوهم معاملة العبيد…!!!