ومع الاعتذار أو الاعتراف بالسبق لصاحب نوبل للآداب العربي (نجيب محفوظ ) يلتقي وزراء خارجية اثنتا عشرة دولة حول العالم ليبحثوا ( الأزمة السورية) زعموا . يجتمعون أخيارا وأشرارا ( وكلٌ في بيدائه ) كما كتب في مسرحيته التاريخية الشهيرة ( درويس ليسينج ) عن جيل ما بعد الحرب العالمية الثانية وبؤس الإنسانية بالإنسان التائه الضائع ..
اثنا عشر وزيرا وكلٌ يهيم في بيدائه ، ويضرب في تيهه ، ويزعمون أنهم يلتقون لاحتواء (أزمة) عمرها خمس سنوات ، حصدت أرواح مليون إنسان سوري، وشردت عشرة ملايين منهم ، ولا شيء سياسيا أو إنسانيا يلتقي عليه هؤلاء المشاركون . وشر البلية ما يضحك بل شرها المضحك المبكي في آن معا . ولو أريد لإنسان أن يلخص لقاء فيينا لنادى في محطات الحضارة الإنسانية تعالوا طالعوا كيف تهون إنسانية الإنسان على أخيه الإنسان !!!!!
في فيينا يحضر بعض الطيبين يقولون : نريد أن نكتشف النوايا ، وأن نسبر الحقائق ، حسنا من حقكم أن تبذلوا المزيد من الجهد في مخض الماء !! من حقكم أن تحاولوا وأن تجربوا وأن تراهنوا.. ومن حقنا أيضا ونحن نحييكم ، أن نلقي التحية على المتغيبين وليس المغيبين .
المتغيبون الذين حفظوا من كلام ربهم (( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ )) وعلموا من ديوان حكمتهم في تجريب المجرب ما تعرفون وتنسون أو تتناسون ..
وفي لقاء فيينا إرهابيون ، إرهابيون كبار ، مردوا على الإرهاب ، وتضلعوا به ، وبالغوا في التفنن فيه . في فيينا إرهابيون من الذين يفسدون في الأرض ، ويقتلون الناس ، ويروّعون الآمنين ، وباسم محاربة الإرهاب ، يتواطأ إرهابيو العالم ، وشرار الخلق ، وقاعدتهم التي تجمعهم وعنوانهم الذي يدل عليهم فلا تكاد تخطئهم عين بصير ، ولا تجهلهم في لحن قولهم أذن سامع قول العرب: ( رمتني بدائها وانسلّت ).
وكما في فيينا اليوم إرهابيون صانعون للإرهاب ، ممارسون له ، فيها أيضا مستثمرون فيه ، متذرعون به ، مختبئون وراءه يخفون عُر نفوسهم تحت أسماله البالية التي تفضحهم فلا تكاد تخفي من عورات عقولهم وقلوبهم شيئا .
حقيق في فيينا إرهابيون قبيحة وجوههم ، عُصل بارزة أنيابهم ، تقذف أشداقهم سما ، وتحيك أيديهم شرا وقتلا و إثما ، وطائراتهم تمطر الأرض السورية بحمم الحقد المذخور على مر الدهور ، وأقدامهم الهمجية تجوس الديار ..
في فيينا اليوم يجلس بعض القوم مع الإرهابيين الروس القتلة المجرمين المنتهكين للقانون الدولي ، المستهترين بالقيم الإنسانية … ينتدون اليوم في فيينا للحرب على الإرهاب – زعموا – وقذائفهم تتساقط مطرا أسود على الأطفال والنساء ، على المدارس والمساجد والمستشفيات ، على مساكن الآمنين أو ما على ما أبقت براميل المجرم بشار الأسد للسوريين من مأمن يأوون إليه أو من دار يسكنونها، أو من بُلغة عيش تسد رمق طفل جائع أو تعين أمه وأباه على الأخذ بأسباب البقاء …
وفي فيينا اليوم ينتدي الإرهابيون الإيرانيون المحتلون يحملون ثارات تاريخ أسود كانوا جناته ، يلوحون بها على رؤوس عالم يدّعي أنه متحضر ، يتواطأ مع الإرهابيين الكبار ويزعم زورا أنه من الإرهابيين الصغار خائف ..
الإرهابيون الكبار هم هؤلاء الجنرالات الإيرانيون ، ووليهم من فوقهم يؤزهم ويجمعهم ويفرقهم ويشليهم على أشعب أعزل قل ناصروه وكثر اليوم خاذلوه ، على الأرض السورية يتقمص المحتل الإيراني الإرهاب شعارا ودثارا على عين العالم ، ويمارسه جهارا نهارا بعناوينه العارية ، ولافتاته المستفزة التي تزيد النار أوارا والحرب استعارا ، فلا يتأذى أحد في العالم من فيح روائحهم المنتنة ، ودعواتهم الكريهة ، فهم قد رهنوا أنفسهم للشر نابا ومخلبا فاعتدهم وامتطاهم لمآربه وغاياته ..
(يا لثارات الحسين ) ، ( ولن تسبى زينب مرتين ) يجأر بها وسكينه المنغرزة في أعناق أطفال سورية ، وحربته تبقر بطون الحرائر العفيفات الإرهابي الذي خذل الحسين ، والذي همّ بما لم ينل من أسر زينب أو إهانتها ، تأجيجا للحقد ، وتحريضا على الكراهية ، وتعميقا للهوة ثم يجد هذا الإرهابي القاتل المفسد في الأرض في فيينا من يجلس معه ، ويبتسم له ، بل ولعله يمد يده ويصافحه و يزعمون أنهم للتواطؤ على حرب الإرهاب يلتقون .. !!!!
في فيينا اليوم .. وفي الوقت الذي تبتسم فيه الثعابين ، وتبكي التماسيح ، وتتنسك الثعالب وتتناثر أشلاء السوريين عابقة بالطهر ، مضمخة بالبراءة؛ لا بد لكلمة الحق المؤدية عن يوم الشعب السوري وعن غده ، عن إنسانه وعمرانه من حامل ، ولا بد لقولة الحق مهما كانت كلفتها من قائل . يلقي بها صاحبها صارخة مدوية لا مواربة ولا تلجلج فيها باسم كل سوري حر أبيّ وباسم كل الذين يرفضون أن يساموا على دم أو عرض : إن مؤتمرا يحضره إرهابي روسي محتل لأرضنا ، قاتل لشعبنا لا يمثلنا ، وإن مؤتمرا يشارك فيه إرهابي تاريخي قد مرد على التقية وعلى الجريمة ليس منا في شيء ..
اعبثوا في فيينا كما تريدون ، وتبادلوا من عبارات الدبلوماسية ما تشاؤون. اكذبوا أو افتروا ، كيدوا أو تآمروا فمعركتنا مع الإرهاب – أيها الإرهابيون أنتم – ماضية ، وقدر ربنا فيها هو الغالب . وسيظل شعبنا يقاوم الاحتلال بكل ما يصل إلى يده ، وسيبدع في التصدي للشر بكل مرتكزاته وتعبيراته . وستتحول معركتنا مع أشرار العالم كل العالم إلى معركة وجود ، وستنضم إلى شعبنا شعوب ، وستلحق بجيل ثورتنا الثاني أجيال ، و (( سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ )) (( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ … ))
والله أكبر ولله الحمد