لا يستطيع أحد مهما تروّى وتحلّى وتريّث أن يرى اليوم صفة مشتركة في كل المتداعين المسارعين إلى سوريا والضاربين القاصفين المدمرين في سوريا غير صفة الصليبية التي تؤمن بالتثليث … لقد اشتركوا جميعا في أنهم من أصحاب دين التثليث (الأب والابن وروح القدس) وهم يسيسون دينهم كلما احتاجوه للشحن والتحريض.
قالوا لا تقولوا حربا صليبية ولا تعزفوا على نفس الوتر المقطوع فتفسرون كل شيء باتجاه ديني وصليبي….أصلا الروس ملحدون لا دينيون…
ولكن الكنيسة الأرثوذكسية الروسية سارعت وباركت وشجعت التدخل الروسي وأعطته صفة صليبية دينية وأميركا من أيام بوش الصغير قالت وجودنا بالشرق الأوسط هو امتداد للحروب الصليبية… وليست حكومات أوربا و كنائسها عن ذلك ببعيد.
قالوا وما علاقة إيران بالصليبيين هي أساس المشكلة وأول الداعمين والمحرضين على الشعب السوري المنتفض….
فعلا هي ليست صليبية ولكن تشيّعها الصفوي أقرب لعقيدة تعدد أجزاء الإله وأن لله أجزاء إلهية بشرية مقدسة كانت في الأرض وتشارك الله في الحساب والعقاب وتُجري السحاب…حتى إن كثيرا من الصفويين يماثلون عقيدة التثليث فيثلثون في دعائهم ولجوئهم ( الله ومحمد وعلي ) ويزيدون.
ولايخفى تحالف إيران مع إدارة أوباما ولا تخفى عشرات الرسائل بين أوباما وخامنئي.
ولا يخفى تحالف إيران مع روسيا ولم تفاجئ أحد زيارة بوتين لإيران ومديح الصفويين لبوتين حتى قال بعض المعممين الصفويين: بوتين أحد نواب الإمام الغائب ويجوز أن لا يكون النائب مسلما.
واشتركوا جميعا أن دينهم خفيف للغاية وديدنهم أن يستخدموا دينهم غطاءا من تحته المصالح والمطامع.
واشتركوا جميعا أنهم وضعوا داعش شماعة ووضعوا في داعش عملاء كثر يدفعون ويروجون ويسوقون داخلها لأفعال مبرمجة تحرّض الأمم كلها وتستدعي وتستعدي الجيوش كلها إلى سوريا والهلال السني المكمل لسوريا..
وكلما احتاج الأمر إلى تحريض وتسخين يروجون ويسوقون من داخل داعش ويسهلون لعمليات دموية تتبعها حملات دعائية ضخمة تحشد ما يلزمهم من تمويل وتعويل …
لقد صنعوا عدوا وأنتجوا من داخل داعش مقاطع سينمائية محترفة ليستجلبوا بها قبول شعوبهم للحرب… وخلقوا في جمهورهم شعور العداء الضروري لإيقاد أي حرب.
ولكنهم لم يجتمعوا على داعش حقا ولا يمارسون الحرب عليها بل يمارسونه على الشعب السوري الأعزل….عندما يضربون ويقصفون المدن بأطنان من المتفجرات فلا يمكن أن تكون الخسائر إلا في المدنيين قتلا وتخريبا وتشريدا ولم ينل داعش إلا نذر يسير من ذلك….
قالوا المدنيون حاضنة شعبية لداعش ومن غيرهم لا تقوم, و الحلفاء القادمون اعتبروا فعلا أن المدنيين قد تدعدشوا وقاسوا على الألمان أيام النازية.
ولكن الشعب الألماني فعلا نصفه أو شطره اقتنع بدعاية النازية وأيد وقبل وتلاقت الدعاية مع ما فيه من النزعة الآرية العنصرية فقتل الحلفاء من الألمان في الحرب العالمية الثانية تسعة ملايين ثلثيهم من المدنيين… أما في سوريا لم يَقبلوا ويُقبلوا ولم يحصل إلا أن الناس بقوا و سكتوا ليبقوا في منازلهم داخل بلادهم فأغلبهم لا يتقن السباحة ولا يحسن القفز من الزوارق الهائجة.
وفي غير مناطق داعش كان القصف أشد والمسح أبشع….مسح للمدن والقرى السورية من الخارطة السورية…وكل الدول تقصف وكلها تلتحق وتقصف, ومن هب ودب يسارع ويشارك…يشارك في قتل السوريين…
وبعد… إن سلّمنا بهذا الكلام عن دين أهل الثالوث المجتمعين وديدنهم.. يبقى السؤال المكمّل ما الصفة المشتركة في الشعب السوري المنتفض التي استدعت واستعدت هؤلاء جميعهم في وقت واحد إلى صعيد واحد ؟ فلابد مع المصالح والمطامع من مخاوف… ما الصفة الجامعة التي في السوريين المنتفضين التي أثارت المخاوف و جعلتهم وبلادهمٍ مرمى كل أشرار العالم المثلثين؟…
أحد منظري الثالوث قال منذ حين :(إن أهل السنة لا يقبلون إلا بإله واحد ويرفضون التعدد لذلك هم متطرفون لا يقبلون بالتعدد السياسي والحزبي والفكري)…هكذا قلب المفاهيم وفكر ثم قدّر فقتل كيف قدّر….
إنما هي صفة التوحيد نعم …عقيدة التوحيد التي ترفض الإذعان لغير الله أبدا وصفة الشجاعة مع العزة المستمدة من الله وحده وصفات أخرى خارقة…صفات انبعثت في نفوس السوريين الجدد وانعكست ثباتا وقدرات هائلة على التصدي والإقدام والتضحية جعلت ثورتهم ملحمة عظيمة مجيدة كبرى