أينما تكونوا يدرككم الموت
من الآياتِ التي أوقفني الزّلزالُ على حقيقةِ معناها قولُه تعالى:
قال تعالى: (أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ..) [النساء ٧٨].
فإنّي شاهدتُ أكثرَ من مات في هذا الزّلزالِ كانوا في العماراتِ الطّابقيّةِ المدعّمةِ بالأعمدةِ، والمشيّدةِ المحصّنةِ المنيعةِ فيما لو قيسَت بغيرها من المساكن.
وشاهدتُ في المقابلِ بيوتًا صمَدَت ونجا من فيها، وَهي واللهِ أهشُّ وأضعفُ من أن تقاومَ عُشرَ ذلكِ الاهتزازِ الذي حصل، بل واللهِ لقد رأيتُ بعينيّ جدرانًا كثيرةً لا يسندُها شيءٌ، ويخشى المارُّ بقُربِها في الأحوالِ العاديّةِ أن تسقطَ عليه، لكنّها ما زالت على حالها لم تسقط ولم تتصدّع، مع كونها لا تبعدُ إلّا قليلًا عن مواقعِ الهدمِ والانهيار.
ألم يكن كلُّ من قضى في تلك البناياتِ يحسبُ أنّه في مأمنٍ من الموتِ تحتَ الهدم؟
نعم، فلربّما خطر ببالِ أحدهم أن يموتَ بأيّ طريقةِ إلّا أن ينهارَ به ذاكَ البناءُ الذي ظنّهُ حصينًا.
فسبحان من لا عاصمَ من أمرِهِ ولا رادَّ لما قضاه.