مؤخراً سيدة ميركل، لمع نجمك، وصارتْ أقوالكِ حكمًا يتغنى بها الشعراء وتسير بها الركبان، وما ذاك إلا لاستضافتكم بعض السوريين المهجّرين في بلادكم، ولكني أنا المواطن السوري البسيط لديّ تساؤلات واستفسارات أرجو أن يسمح وقتكم بالإجابة عليها:
أولاً: نريد أن نشكر بلادكم على هذا الكرم بحق اللاجئين، ولكن يستوقفنا موقفكم المخزي حين تفردتم بالاعتراض على تسليح المعارضة من بين الدول، على لسان وزير خارجيتكم جيدو فيسترفيله عام 2013م، مع أننا نرى أنكم لو سمحتم بهذا السلاح يومها لأسقطنا منذ ذلك الوقت مَن كان سببًا في تهجير من تستضيفونهم اليوم.
ثانياً: نريد أن نتوجه لكم بالشكر الجزيل على استضافة اللاجئين، لكننا نتساءل: لماذا تأخر هذا الموقف للآن بعد خمس سنين من المأساة؟ أين كنتم قبل ذلك عن نداءات السوريين، هل غابت عنكم مشاهدة مأساة مخيم الزعتري، وحال مخيمات أطمة وغيرها طوال كل تلك السنوات؟ أم أزعجكم صمود شبابنا في الداخل فأردتم تشجيعهم على ترك الدفاع عن بلادهم أمام المحتل الذي لم تضعوا حدًّا لمجازره؟ أم هي رغبة إيران التي تصالحتم معها على تفريغ سوريا من السنة وتوطين المجوس؟
ثالثاً: تقولين سيدة ميركل: إنكم “غدًا ستخبرون أطفالكم أن اللاجئين السوريين هربوا من بلادهم إلى بلادكم، وكانت “مكة بلاد المسلمين” أقرب إليهم..” أقول لكِ: لا تنسي أن تخبريهم أيضًا: أن بعض بلدانكم كبولندا وسلوفاكيا وغيرها رحّبت باللاجئين السوريين شريطة ألا يكونوا مسلمين، ولا تنسي أن تخبريهم أنكم تاجرتم بالسوريين لرفع رصيدكم الأخلاقي والإنساني كما فعلت صربيا التي رحبت باللاجئين المسلمين وهي التي قتلت منهم مئة ألف مسلم سابقاً، في وقتٍ كان الحريّ بكم أن تشاركوا بجدية في وضع حدٍّ للجزار في سوريا وتمنعوا -مع شركائكم- براميله وأسلحته الكيماوية عن الشعب الأعزل، بما يوقف هجرة السوريين إليكم.
رابعاً: نتفهم عطفكم على اللاجئين السوريين، لكننا كنا نريده لكل السوريين المتأذين بنظام حليفكم الأسد، الذي ما زلتم تعترفون بمؤسساته وجامعاته ووزاراته، ومقعده في الأمم المتحدة، كنا نريد هذا العطف أن يشمل المحاصرين في الغوطة وداريا والمعضمية، بإدخال الطعام والدواء لهم، كنا نريده أن يشمل من ظلوا في الداخل تحت البراميل والقصف، بأن تمنعوا الجزار من إبادتهم وأنتم تنظرون، كنا نريده برفع الحظر عن مضادات الطائرات على الثوار كي يوقفوا بها مجازر السفاح في دوما وغيرها، أم أنكم لا تعترفون بإنسانية مَن في الداخل، ولا تمنحون وصف الإنسانية إلا لمن يصارع الأمواج ويعاكس الأسلاك الشائكة كي يصل إليكم؟ …
أخيراً: اسمحي لي عمة ميركل -والكلام لكل مَن تاجر بقضية الشعب السوري وتآمر على ثورته- أن أقول لكِ قد تسمعين بعض عبارات الشكر ممن وصل إليكم لاجئًا، لكنكم ستجدون كفرًا بكل كذبكم ودجلكم وتلبيسكم على الشعوب من قبل الملايين الصامدين في الداخل، ولم يروا منكم إلا السوء والتآمر والخذلان، ولا ينتظرون الخير والنصر والمعونة والفرج إلا من الله.