كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال: «كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل» وكان ابن عمر رضي الله تعالى عنه يقول «إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك» رواه البخاري
– – – – – – –
#الشيخ_أبو_معاذ_زيتون
عن عبد الله بنِ عُمرَ -رضي الله عنهما- قال: أخَذ رسولُ الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- بِمَنكِبي، فقال: “كُنْ في الدُّنيا كأنَّك غريبٌ أو كعابِرِ سبيلٍ” وَكان ابنُ عمرَ رضِي اللهُ تعالَى عنه يقولُ: “إذا أصبحتَ فلا تنتظِرِ المساءَ، وإذا أمسيْتَ فلا تنتظِرِ الصَّباحَ، وخُذ من صِحَّتِك لمرَضِك، ومن حياتِك لموتِك”. [رواه البخاري].
المعنى: الله تعالى أوجدَنا في هذه الدنيا لهدف عظيمٍ وهو القيامُ بالعبوديّةِ له، وأعلَمَنا أنّ وجودَنا في هذه الدّارِ مؤقتٌ، وأَنّ الرحيلَ عنها محتومٌ، وأنّ موعدَ الرّحيلِ مفاجئٌ غيرُ معلوم.
وَرَسولُ الله -صلّى اللهُ عليهِ وسلّم- يَكرهُ مِنّا أن نغفلَ عن هذه الحقائقِ، أو أن نغرقَ في بحارِ الشّهواتِ، وَنعلَقَ في أوحالِ الملذّاتِ وَالغفلات، لذا أرسلَ لنا هذِهِ الوصيّةَ الجامعةَ النّافعةَ مع هذا الصّحابيٍ الجليل، وهو يمسكُ بأكتافِهِ حتّى يَعقِلَها فلا ينساها.
كُن في الدنيا كأنكَ غريبٌ، أي: ليكُن حالُكَ ما حييتَ كحالِ الغَريبِ يشتاقُ العودةَ إلى دارهِ الأصليّةِ، وَيستعجلُ الوصولَ إليها بسلامٍ – ودارُ المؤمنِ الأصليّةُ هي الجنّة – أو كَعابرِ سبيل، أي كن فيها كحالِ عابرِ السّبيلِ يتخفّفُ ما يحملُهُ من متاعٍ، وَيرضى بما يسدُّ جوعَه وَيسترُ بدَنَهُ ويقضي حاجتَهُ ريثَما يبلغُ مقصِدَه، وَلا يَزيدُ الأحمالَ على ظهره، كي لا يهلكَ.
وَيزيدُنا ابنُ عمرَ من وصيّتِه ليعلّمنا ما فهمَه من مقصدِ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فيقول: “إذا أَصبحتَ فلا تنتظر المساءَ، وإذا أمسيتَ فلا تنتظر الصّباح”، أي كن مُستحضراً دائماً قربَ الموت وَدُنوَّ الرّحيلِ.
قالَ: “وَخُذ من صحتِكَ لِمرضِكَ وَمِن حياتِك لموتِك”؛ أي تزوّد في أيّامٍ عافيتِكَ وقوَّتِكَ ما يحمِلُك أيّامَ عَجزِك، واحمِل مِن دارِ العمَلِ ما يكونُ لكَ ذخيرةً في دارِ الجزاء.
طريقةٌ مقترحةٌ للتّطبيق:
خذ دقائقَ في أوّلِ نهاركَ لتَتَفكّرَ في حقيقةِ هذه الدّنيا وتأمّلْ أحوالَ من رحلوا قبلكَ ماذا أخذوا منها؟
وخذ دقائقَ في آخرِ النّهارِ لِتنظرَ في أعمالِ يومِكَ الماضي ماذا كانَ منها للهِ والدّارِ الآخرة؟