مواقع التواصل الاجتماعي
والحياة الجامعية
بقلم: ياسين الحاج ياسين
لا يوجد طالب جامعي لا يمتلك هاتف نقال (موبايل)، وخاصة بعد انتشار فايروس كوفيد والانتقال إلى المنصات التعليمية على الانترنت، وإن وُجد من لا يمتلك هاتف نقال فهذا شيء نادر ومن العجيب!.
معظم طلاب الجامعات مشتركين بمواقع التواصل الاجتماعي ” فيسبوك واتساب تويتر تيلغرام زوم فيس تيم …….إلخ”،
لكن المعظم غير مشترك فيها بالسبب الأول لأن التعليم الجامعي يتطلب الاشتراك بهذه المنصات، وإنما كصفحة شخصية ومعرف خاص ينشر به ما يريد ويعرضه للمجتمع الافتراضي على هذه المواقع، ومن بعدها تأتي الاشتراكات ضمن المواقع في الصفحات الجامعية والمنتديات والملتقيات، وبما أن الطالب أصبح من ضمن هذه المجتمعات الافتراضية فهو يقضي وقت وافر متصل بها ومتابع للمجريات والأحداث التي يتم عرضها من خلالها، وهذا الاتصال والوقت الذي يتم قضاؤه هو علاقة تأثر وتأثير متبادل، بين الطالب الجامعي والمجتمع الافتراضي وأهم التأثيرات التي تتم بين الطالب وهذه المنصات هي:
1- تأثير مواقع التواصل السلبي على الروتين اليومي لدراسة الطالب:
حيث أن الطالب في أغلب الأحيان يبدأ يومه من خلال تصفحه لمواقع التواصل قبل انطلاقه للدوام في الجامعة لمعرفة المواعيد والمواد التي سيحضر محاضراتها، ولا بأس بجولة بين الأخبار وما تم نشره من قبل الصفحات والأصدقاء والتفاعل ببعض اللايكات والقلوب والضحكات، فيبدأ الطالب يومه بجرعة من الأشياء الجديدة قبل أن يأخذ أية معلومة من الجامعة، وبعدها يَلج المحاضرات وهو يفكر بما تم مشاهدته قبل الدخول للمحاضرة وينتظر الجديد لمتابعته بعد انتهاء المحاضرة، وبهذا يكون شتت تركيزه عن المحاضرة بمقدار لا بأس به وضيع قسم من المعلومات، ومع انتهاء الدوام وبين المسؤوليات الأولية من تغيير الملابس وتحضير الطعام، يتم المُسارقة ببعض اللحظات لمتابعة ما فات أثناء دوام الجامعة، واستمرار القفز بين النشاطات الأساسية في مكان السكن والانتقال بين مواقع التواصل، وعندما يبدأ الطالب بالدراسة ومراجعة المحاضرات، الكثير يَرِن جواله وتأتيه الاشعارات ويستجيب لها ويقطع بين الفينة والأخرى وقته الدراسي، ومن الممكن أن يقف عن الدراسة وينهمك بالأشياء المطروحة على هذه المواقع.
2-التباين في أسلوب عرض الأفكار بين مواقع التواصل والمادة الدراسية الجامعية:
أغلب هذه المواقع تتميز بالمضمون القصير والممتع ” منشور ببضع كلمات – صورة – مقطع فيديو – استفتاءات بمسألة من جملة أو جملتين – …الخ”
فيتم التأثير على عقل الطالب بأن يعتاد على الأشياء القليلة المحتوى المشبعة بالإمتاع واللذة والدهشة وفي أغلب الأحيان التفاهة، وعندما ينتقل الطالب لمحاضراته الورقية المكتوبة والمتضمنة قرابة 20 صفحة، فإنه لا يصبر على قراءتها كاملة بشكل متواصل، ويقطع بين كل ثلاث أو أربع صفحات دراسته ويأخذ جرعة من موبايله، وحتى المحاضرات المسجلة كفديوهات تكون مدتها بين الساعة والساعتين لا يستطيع متابعتها بجلسة واحدة وذلك بسبب تأثير مواقع التواصل التي تعرض فديوهات أقصر وبانتاج أكثر جودة وكمية هائلة من المؤثرات، فكيف بعقل الطالب أن يستمر بين فديو فقير التأثيرات ولا إضافات فيه تجعله مثير للدهشة أو المتعة أو الضحك أن يستمر به لمدة ساعة أو ساعتين!!!
3- تأثير مواقع التواصل على انتاج الطالب الدراسي كماً ونوعاً:
بعد أن يقضي الطالب كم من الوقت متابعاً للمواقع مع النشاط الدراسي، فإن المنتج سيكون ضئيل ولا يُذكر لِقلته،
ناهيك على أن هذا المخزون من المعلومات غير مترابط كاملاً بسبب التشتت المتواصل والمقاطعة مع النشاط الدراسي،
وكأبسط مثال نجد أن نسبة الطلاب المطالبين بوقت أكبر قبل الاختبارات والامتحانات عدد كبير، وذلك بسبب عدم تحضير المادة بشكل جيد والتأخر بدراسة المادة كاملة حتى وقت الاختبار.
4- المواقع الجامعية بين الفائدة والضرر:
أ-معرفات وصفحات الجامعة الرسمية لها قسم من تشتيت الطالب عن دراسته، كيف ذلك؟
عندما تكون صفحة الجامعة ذات نشاط دائم بين نشر منجزات إدارتها ومواعيد الندوات والمناقشات للراسائل والاستقبلات والاجتمعات والقرارات و…إلخ، هذا كله يشغل عقل الطالب بنشاط صفحة الجامعة وما يتم نقله من تفاصيل مفيدة وغير مفيدة، ومن الملاحظ التعليقات التي تأتي من قبل الطلاب والغوص بين الأخذ والرد والمناقشات وضياع كم من الوقت بسبب هذا النشاط الذي لا يتوقف ولا يتم الأخذ بمدلولاته على الطلاب.
ب- صفحات الملتقى والتجمع الطلابي:
هذه الصفحات لها نصيب أكبر من الوقت، فهي خاصة بالطلاب وللحديث عن التفاصيل والمواقف الجامعية ونشر التعليقات عن القرارات وإضافة الصور الترفيهية ومقاطع الفديو المركبة والمنشورات التي تتعلق بمشاكل الطلاب من سكن ومواصلات، وبين هذه التفاصيل تجد صور عن الصعوبة في فرع ما، والندم على التسجيل به، وصورة أخرى لنكتة تتعلق بطلاب قسم معين، وفديو معين عن معاناة فرع مختص، ومنشور عن تعامل مدرس مع طلابه و………إلخ، كل هذه التفاصيل تؤثر على عقول الطلاب ودراستهم فمنهم من يقتنع بصعوبة الفرع، ومنهم من يقول أن مادة ما لا يمكن دراستها، وطالب آخر ينشر صورة أن الاهمال الدراسي جيد للمحافظة على الصحة والدراسة شيء متعب، وبين هذه المداخلات والمتابعة لها والتأثير بها على الأفكار، يضيع وقت الدراسة وينصرف بعض الطلاب عن مواد معينة وآخرون يحبطون زملائهم بطريقة ساخرة وقسم منهم يتمنى العمل بالتجارة، والفتيات ينصرفن للحديث عن وقت الزواج وهذا كله بسبب ملتقى يتم النشر فيه على سبيل التسلية والنقاش.
5- تأثير مواقع التواصل على الامتحانات:
قد يسأل سآل وهل وصل الأمر لهذه المرحلة؟
نعم؛ لقد وصل لمرحلة التأثير على الامتحانات وأداء الطالب على نتائجه الامتحانية، حيث أن الامتحانات عبارة عن وقت معين يستوجب فيه الطالب الإجابة عن مجموعة أسئلة من مقرر كامل، وهذه الأسئلة منها كتابي يحتاج شرح وتفصيل أو تعليل منطقي معين أو اختيار إجابة من عدة إجابات، وتأثير مواقع التواصل في هذه المسألة من خلال طريقة ترتيب عرض الموقع الذي يقضي الطالب فيه وقت كبير، حيث أن الطالب الذي لا يستطيع قراءة منشور مكتوب أكثر من خمسة أسطر ويستطيع قراءة مئة منشور من جملة واحدة أو جملتين وهذا يجعل دماغ الطالب يستسيغ الإجابة القصيرة ويجيب بقدر محدود دون التفصيل المطلوب، أما عن الإجابات الاختيارية وكيف تؤثر المواقع على الإجابات الخاطئة للطلاب، فيكون من خلال تعدد الارآء في قضية واحدة معروضة على هذه المواقع والمملوءة بالحجج والأسانيد من كل طرف مما يولد التشتت في المحاكمة العقلية في تلك المواضيع وفي الاجابات المتعددة في الامتحانات، وخاصة تلك التي تكون بها خيارات متناقضة أو متقاربة.
6- توصيات لطلاب الجامعة:
بعد هذا العرض التفصيلي لتأثير مواقع التواصل على عملية الدراسة للطالب، فإنه يجب اتخاذ بعض التدابير
للتقليل من الأثر السيء لهذه المواقع ورفع انتاجية العملية الدراسية للطالب:
أ- من الأفضل أن لا يبدأ الطالب الجامعي يومه بتفقد مواقع التواصل.
ب- وضع وقت محدود للاتصال بالانترنت وهذا الوقت لا يكون قبل العملية الدراسية مباشرة.
ت- التقليل من متابعة الصفحات التي تعرض محتوى جامعي لا تنبه الطالب على أهمية الدراسة بشكل جيد.
ث- استبدال الوقت الطويل المستغرق على الانترنت بنشاطات أخرى ” لعب الرياضة – قراءة كتاب – التنزه – زيارة قصيرة لشخص ما … إلخ”
ج- إغلاق الانترنت وإبعاد الهاتف النقال عن متناول اليد قبيل الامتحانات.
ح- إغلاق الهاتف النقال قبل النوم بمدة معقولة وعدم وضع الهاتف تحت وسادة النوم أو بالقرب من مكان النوم.
خ- الاستعاضة بساعة اليد عن ساعة الهاتف النقال؟
د- قراءة العناوين العريضة من القرارات دون النزول للتعليقات.
ذ- الاستراحة بين فترات الدراسة لا تكون باستخدام الهاتف النقال.
ر- التركيز في الهدف الأهم وهو التعلم ومعرفة أن الطالب لا هدف آخر له سوى التعلم.
وبهذا المقال أرجو من الله أنني سددت وقاربت ووفقت وأوضحت بما عندي من تعلم وقراءة في هذا الطرح
وما كان من صواب فمن توفيق الله لي، وما كان من خطأ فمن العبد