نهاية ٢٠٢٢ تحدي الوجود
وأولى أولويات الثورة السورية
أيا كانت الخطوة التي تنتظر السوريين:
“تحرير عسكري واستعادة أراضي،
دفاع عمّا تبقى بيدنا من مناطق محررة،
الدخول بعملية سياسية حقيقية،
إدارة المناطق في إطار الوضع الحالي،
أو أي خيار آخر…”.
لن نستطيع كسوريين أحرار المناورة وتحقيق أفضل مكسب لنا في إطار المتاح، ما لم يكن لنا إدارة مركزية (قيادة واحدة) تتحكم بفاعلية بالعسكرة والأمن والإدارة “الحوكمة” والملف السياسي، بعيدا عن التجاذبات والمحاصصات…
سلطة واحدة ذات مشروع تصهر الجميع وتدير كل الموارد المتاحة وتركز الطاقات والعلاقات بما يخدم مشروع السوريين الأحرار (لا مشروع الشخص على حساب الثورة والثوار).
وبالنسبة لطريقة الوصول فأظن بأننا قد وصلنا جميعا إلى قناعة بأن مشاريع التجميع والمحاصصة للمتشاحنين المتنافسين المُتحكَّمِ بهم لن تجدي نفعًا، ولن تخلق مشروعا حقيقيًا يُسخِّر الطاقات للانتصار على عدونا الأساسي (بشار ومن معه) ذاك الذي نسيه من انشغلوا بخلافاتهم البينية وبناء ثرواتهم الشخصية وهم بعض أكبر المستفيدين من وضعنا الحالي…
لذلك كله لا أرى تكرار تلك المشاريع التجميعية إلا تكرارًا لفشل السنوات العشر الماضية (دق المي وهي مي).
وبناء على ما سبق أريد أن أنبه إلى:
١- الوصول إلى الكيان الواحد الموحد المسيطر المدافع عن مصالح السوريين الأحرار في سوريا، هو تحدي وجودي لنا في سوريا وبالذات لمن هم في المناطق المحررة حاليا، والعمل لأجل الوصل إلى هذا هو واجب الوقت وفرض العين على النُّخب والفاعلين والمتنفِّذين (وإن اختلفت أساليبهم)، إذ أن وجودنا وبقاءنا في خطر، (ولا أظن عاقلا مطلعًا يختلف معي في هذا).
٢- في مرحلة الوصول إلى بناء نواة الدولة والكيان لابد من تقديم تنازلات كبيرة لبعضنا وبذل تضحيات لا تقل قيمة عن التضحيات في ساحات المعارك… إذ أنّ التعنت قد يدفع إلى حلول لا نحبها ولكن قد لايكون بدٌ منها!
٣- من الضروري أن نعلم بأنّ مرحلة النشأة وتأسيس نواة الدولة تختلف عن مراحل النمو والتطوير وصولا إلى الحكم الرشيد… ولهذا قد يتم التغاضي والتجاوز عن بعض الأمور في المرحلة الأولى مما لا يُقبلُ عادةً في الثانية.
٤- يجب ملاحظة أنّ ذلك التغاضي والتجاوز يكون في الزلل المتعلق بممارسات وسلوكيات عدد مِمن قد نضطر لنتألف قلوبهم أثناء الحركة دفعا لمفسدة أكبر على الأمة لا جلبا لمنفعة شخصية، وهذا لا يكون على حساب “مبادئ التأسيس وشكل البنيان”، فهذه الأخيرة متى تصلَّبت على اعوجاجها غدا من الصعب جدًا تقويمها إلّا بكسرها، فنعود من حيث بدأنا (وكأنك يا أبو زيد ما غزيت).
٥- أشرتُ في منشورٍ سابق إلى خطورة التحيز العاطفي وضرورة تخفيف أثره، لأن الهوى يُعمي ويُصِم، وما أحوج نخبنا إلى تنحية العواطف جانبا، والتفكير بمصلحة مناطقنا المحررة أولا ومصلحة عموم السوريين الأحرار المظلومين ثانيا… والوقوف بجانب المشروع الذي يحمي بيضتهم ويحفظ هويتهم وكيانهم ويدفعُ عدوهم… كل ذلك من خلال واقعية سياسية منطقية…
تذكروا:
لولا المشقة ساد الناسُ كلُّهمُ
الجودُ يُفقِرُ والإقدامُ قتّالُ…
اللهم دبِّر لنا فإنا لا نُحسِنُ التدبير.