رسالة من لاجئ فلسطيني للاجئ سوري
بقلم: إبراهيم جابر
عليك أن تعتاد أشياءك الجديدة: أنت الآن رقم في سجلات اللاجئين وفي نشرات الأخبار، وفي اجتماعات اللجان ومساعي الوفود
ستكون الخيمة مزعجة في الليلة الأولى، ثم في السنة الأولى، بعد ذلك ستصير ودودة كواحد من العائلة، لكن حاذر أن تقع في حبها، كما فعلنا!
لا تبتهج إن رأيتهم يقيمون لكم مركزاً صحياً، أو مدرسةً ابتدائية، هذا خبرٌ غير سارّ أبداً!
وإيّاك أن تتورط بمطالبات غبية مثل بناء بيوت بسيطة بدل الخيام، أو بخطوط مياه وكهرباء، ذلك يعني أنك بدأت تتعايش.. وهنا مَقتلُ اللاجئ
وإن استرحتَ يوماً فهذا يعني أنك لم تعد تلهثُ باتجاه «العودة»! ولا تُدرّب أولادك على الصبر، الصبر حيلة العاجز، وذريعة مَن تَخلّى
أنت لستَ ابن «هناك»، أنت لك «هنا» ذكر أطفالك، واقرأ عليهم كيف مات الناس، وكيف ذُبحوا على شاشات التلفزيون لأنهم لم يُصفّقوا للخِطاب، وقل لهم أنك تنام بين أشجارٍ غريبة، لأنك لم تشأ أن تُلدغَ من جُحر واحدٍ مَرّتين!
سيبيعك الناس لبعضهم، تلك هواية السياسيين، وسيجيئك المتضامنون من كل البلاد، ستصير أنتَ شعارهم الانتخابي، ويتقربون بك إلى الله، وستزداد همّة الناس في تفقّدك في «رمضان» وفي الأعياد والمناسبات الدينية!
والبعض سيصوّر أطفالك منهكين وجائعين لمجرد أن يحصل على مكافأة من رئيس التحرير أو مدير المحطّة
تلك حياتك الجديدة: سينشب حبٌ في الخيام، ويولد رَسّامٌ موهوب، وسيولد أيضاً عميلٌ وعاهرة
ستتعلّمون لغات جديدة، ومشاعر جديدة، وستنشأ علاقةٌ مُلتبسةٌ، وقد تشعر في ليلةٍ ماكرةٍ بأنه لا ينقصهُ شيء ليكون كافياً كوطن.. لكنك سرعان ما ستنتبه: الأشجار هنا لا تخضرّ كما يجب، والملح ليس مالحا، والذين ماتوا لن يغفروا لي، وتعود تنظر للوراء مرّتين!
لا تشكو حرارة الطقس أو الحصى في الخبز، وحاذر أن تطالب بخيمةٍ أفضل، ليس ثمة خيمة أفضل من خيمة، وقل لهم أن مشكلتك ليست عاطفية ولن تحلّها زيارة «أنجلينا جولي».