جريمة قتل مواطن تحت التعذيب

قالوا لعمر بن عبد العزيز، يا أمير المؤمنين: إنّ الناس قد تمرًّدت وساء أخلاقها، ولا يقوِّمها إلّا السوط… فقال: كذبتُم والله، يقوِّمها العدلُ والحقّ.

الجريمة التي حصلت بموت إنسان تحت التعذيب أثناء التحقيق معه في سجن يتبع فيلق الشام، جريمة نكراء لو حصلت على مُدان بأشنع الجرائم، فكيف وقد حصلت على من لم تثبت إدانته!!

مما يحسب لفصائل الجيش الوطني عموما عند حصول مثل هذه التجاوزات، المسارعة للاعتراف بما حصل، وتحويل الأمر للقضاء أصولًا وتسليم المتهمين، وعدم اختلاق القصص والأفلام والشهادات للمماطلة أو التستر على الجناة، مما يدل على أن هذا ليس منهجا للجماعة ولا لقيادتها (كما هو الحال عند غيرهم؛ ممن انتهجوا منهج تعذيب المسلمين واستعلائهم بعناصرهم على القضاء بل حتى على الشرع والدين).

تحرُّك المجتمع القوي وتفاعله مع هكذا حوادث دليل صِحي وواجبٌ ديني وشرعي وإنساني… ويجب أن تستغل كل حادثة لمكافحة هذه الظاهرة وإن كانت نادرة عند فصائل الجيش الوطني (ولكنها كثيرة جدا عند غيرهم).

خرجنا بثورة لكي لا يكون هناك أحد فوق القانون وآخرون تحته… خرجنا بثورة حرية وكرامة، لكي يقول الإنسان الحق لا يخاف في الله لومة لائم، فإن أخطأ حاسبه قضاء نزيه له ضوابط ومعايير واضحة لا تستثني أحدًا… ومخالفة هذا لاتُقبل تحت أي مبرِّر أو ذريعة.

ما لم نتحول إلى مؤسسات حقيقية مدرَّبة، ونتخلص من دكاكين الثورة بمختلف اختصاصاتها، فستبقى الأخطاء (بل الجرائم) تزيد وتنمو يوما بعد يوم.

مما يثير الإنزعاج أن بعض الفصائل حاولت السير في طريق العمل المؤسساتي ولكن تأبى بعض القيادات فيها إلا أن تفتتِح ضمن الفصائل دكاكين تخدمها، ولو كان ذلك على حساب الإضرار بباقي الفصيل ومؤسساته!!

ختامًا أقول: انقياد الفصيل للقضاء فورا وتسليمهم المتهمين، قطَع الطريق على دعاة الفتن والساعين بالشر، والكل يجب أن يسعى لدعم القضاء وتمكينه ليكون حرًا نزيها قويًا، فيكون بذلك حفظ المجتمع بعيدا عن ثارات الجاهلية، ودعاوى العصبية… والشكر للعقلاء من الوجهاء في كلا الطرفين.