كيف تدير فريق عمل عن بعد؟
براندون سافاج
ترجمة: ملاك سلطان
لنكن واضحين: يشعر العديد من المديرين بالقلق بشأن ما إذا كان موظَّفوهم سيعملون بجدٍ أم لا، إذا سُمح لهم بالعمل عن بُعد. يتطلّب الأمر الإيمان بموظّفيك، عندما لم يعد بإمكانك رؤيتهم أو إلقاء نظرة عليهم من خلف شاشاتهم من وقتٍ لآخر. إنَّ تعيين الموظّفين وتدريبهم على العمل أمرٌ مكلّف، لذا بالتأكيد، يفضّل المديرون أن يقضي الموظّفون وقتهم في حلّ المشكلات فعليًّا بدلًا من الّلعب أو مشاهدة الأفلام.
يوجد العشرات بل المئات من الشركات النَّاجحة التي أثبتت جدارتها في العمل عن بُعد، إمّا جزئيًّا أو بالكامل، مثل شركة (أتوماتيك) وشركة (GitHub)، والخبر السّار أنّه بإمكانك تحقيق النجاح مع فريقك الذي يعمل عن بُعد، دون الحاجة إطلاقًا إلى مراقبتهم أثناء عملهم أو حتى استدعائهم للحضور.
إليك الطريقة التي يتوجّب اتّباعها مع الموظّفين، وتأكّد أن الأمر ليس صعبًا كما يبدو عليه.
حدّد أهدافًا منتظمة وقابلة للتحقيق
في مؤسسة (موزيلا) المطوّرة لمتصفّح الويب (فايرفوكس)، كانوا يضعون أهدافًا كلّ ثلاثة أشهر وهذه الأهداف محدّدة، وواضحة، وقابلة للقياس مما يسهل تقييمها وتحقيقها أيضًا، فالأهداف العشوائيّة أو الصعبة قد تثبّط العزيمة. ولكن لا يخلو المرء من الأخطاء، ففي بعض الأحيان تحدث صعوبات في تنفيذ الهدف بنسبة 10% إلى 15%، وهذا لا يؤثّر في الإرادة والعزيمة التي يملكونها، على العكس يرون الأمر من زاويةٍ أخرى وهو أنَّهم قاموا بتوسيع العمل وتطوير أنفسهم، وهنا يكمن الإنجاز.
لذلك، وضع الأهداف البسيطة الواقعيّة ينقل أداء موظّفيك من مقياسٍ للأداء يستند إلى الوقت، إلى مقياسٍ يستند إلى القيمة، وهو ما يجعل جُلّ أوقاتهم في التركيز على تحقيق الهدف.
فحين تبرم الاتفاق مع المُطوّر، أخبره مباشرةً أنّك تتوقع منه إنجاز المهام مقابل زيادةٍ في الراتب كنوعٍ من التحفيز، وهذا يعني أنّ ما ستقدّمه هو مُقابِل النتائج وليس الوقت، وبهذا النّظام يمكنك التعامل مع الموظّفين لإتمام كافة الأعمال.
المبالغة في التواصل
نعم! لا داعي للتعجب! بالغ وكرّر التواصل هاتفيًّا مع موظّفيك فالناس لا يقرؤون، وبما أنّك ربّما لم تقرأ ذلك، سأقولها لك مرّة أخرى، معظم الناس لا تحبّذ القراءة.
نحن نفترض أنّنا إذا كتبنا بريدًا إلكترونيًا عن شيءٍ ما فإنّ المُستقبِل سوف يعرف ما نريده منه، وسوف يفهم تمامًا ما نريد إيصاله، وهذا الافتراض يتأكّد إذا ردّ على البريد الإلكتروني، ولكن هذا ليس صحيحًا، فأغلب البشر سيئون في استيعاب المعلومات، لذا من الضروري أن تبالغ في التواصل مع موظّفيك للتأكّد من صحة إدراكهم لمُتطلّبات العمل الموجودة في البريد الإلكتروني.
هذه الطريقة مُتّبعَة في مؤسّسة (موزيلا) ويُطلقون عليها “مكالمة طرف لطرف”، ويؤدّيها المدير مرّة واحدة أسبوعيًا مع موظّفيه، لمناقشة أهمّ المشكلات، ويبدأها بثلاثة أسئلة وهي: ما الذي تعمل عليه؟، وما هي الصعوبات التي تواجهها؟، وماذا تحتاج منّي؟
هذه الأسئلة ساعدت لورا على فهم ما كانت تعمل عليه بالضبط، وساعدتني أيضًا على أن أنجز المهام بطريقة منفتحة وغير مُتعجّلة.
من الجيّد فعلًا أن تهدم الحواجز مع موظّفيك وتقدّم لهم الدّعم والتشجيع المستمر، وأن تقيس أمزجتهم وسلوكهم خلال العمل، فهذا هو دورك الأساسي لبناء مؤسّسة ناجحة، عندها سوف تحافظ على حماستهم وتفاعلهم حتى في حالة عدم وجودهم فعليًّا في المكتب.
لا شيء بإمكانه مساعدتك مع موظّفيك مثل تواصلك المستمر معهم.
استخدام المقاييس باعتدال
المقاييس هي من الطرق المفيدة إذا كنت تعرف كيفيّة استخدامها، ويتوجَّب التشديد على أهميّة الاستخدام السليم.
على سبيل المثال: أن يقدّم الموظّفون تقريرًا بالتغيّرات التي تكشف إنتاجيتهم في العمل، ويوجد طريقة أخرى أيضًا لقياس مستوى الإنتاجيّة ألا وهي: عقد اجتماع عمل لتقييم مشاركتهم ومستوى تجاوبهم مع الأسئلة المطروحة لمراقبة جودة الأعمال، فمن خلالها تبرز الأخطاء.
تعتبر المقاييس أسهل من الاتصال، لذلك يفضّل بعض المديرين استخدامها كبديل عن الاتصال والتفاعل المباشر مع الموظّفين، لكن المقاييس لا تُظهِر جوانب القصة كاملة.
يعتقد الكثير أنّ إجراء القياس على الموظّف كمتابعة تسجيلاته للتغيّرات الطارئة أثناء عمله سوف يظهر ما إذا كان متوقّدًا، ذهنه حاضرٌ أم متقاعسًا عن العمل، لكن في حقيقة الأمر أنّ هذه المقاييس تكون في بعض الأحيان مجحفة بحق؛ لأنّنا لا نعلم ما الظروف التي يعانيها الموظّف وتسبّبت في إخفاقه، قد يمر بمشاكل صحية مثل الاكتئاب، أو مشاكل في المنزل، أو بعض المشكلات الأخرى التي أدّت إلى تدنّي مستواه، و دورك كمدير اكتشافها والمساعدة على تصحيحها.
ليس من الصواب تأديب الموظّف عندما تقلّ إنتاجيته، هذا الفعل لن يساعده أبدًا على التقدّم.
ولا نعني بهذا أننا ننكر دور المقاييس في الإشارة إلى المشكلات، على العكس بل نسلّط الضوء على المطوّرين الذين هم بحاجة إلى مزيدٍ من الاهتمام.
بإمكانك أيها المدير أن تساعد الموظّف في جعله سعيدًا ومُنتجًا إذا عاملته على أنَّه وسيلة تساعد في بناء المؤسّسة على التطوُّر وليس آلة تحلُّ جميع المشكلات.
الثقة هي المفتاح
أقولها وسأكرّرها مِرارًا، إذا كنت لا تعرف كيف تثق في موظّفيك، فيجب ألَّا يعملوا لديك.
تقبّل الأمر، يجب أن تؤمن وتثق بالموظّفين سواء كانوا أمامك في المكتب أو كانوا يبعدون عنك مئات الأميال، كما تقول والدتي: “امنح الثِّقة ولكن لا بأس بأن تحقِّق” بهذه الطريقة تفلح.
ثلاث خطوات تأكّد من فعلها مع موظّفيك وهي أنّك تتفاعل معهم، وتحرِص على الاتصال بهم دائمًا، وتستخدم المقاييس بشكلٍ صحيح حينها سوف تُكلَّل الأعمال بالنجاح.
في الآونة الأخيرة أصبح العمل عن بُعد أكثر شيوعًا، ويتوقّعه الكثير في سوق العمل، لذلك رفضك للعمل مع شخصٍ عن بُعد سوف يؤدّي إلى إيقاف شريحة كبيرة من الموهوبين، أمّا حينما تكون منفتحًا لهذا النوع من العمل، تستطيع رؤية الطاقات الكامنة بالإضافة إلى المنافسة على المستوى العالي للحصول على الأفضل والأكثر كفاءة.
اغتنم هذه الفرصة وتعلَّم أن تثق في أولئك الذين يعملون لديك.