وفاة الأستاذ الشاعر نادر شاليش
من كفرنبودة 12 أيلول 2021
صاحب قصيدة
أرسلت روحي إلى داري تطوف بها
أرسلتُ روحي إلى داري تطوف بها
لمّا خُطانا إليها ما لها سُبُلُ
أن تسأل الدارَ إن كانت تذَكَّرُنا
أم أنّها نسيت إذ أهلها رَحلوا
أن تسأل السقف هل ما زال مُنتصباً
فوق الجدار شموخاً رغم ما فعلوا
أم أنّها ركعت للأرض ساجدةً
تشكو إلى الله في حزنٍ وتبتهلُ
أن تسأل النخل هل أكمامه نَضجت
أن تسأل التين والزيتون متّصلُ
أمّا القطوف من الأعناب دانيةً
مثل اللآلئ كالحوراء تكتملُ
أم شجرة التوت والأغصان فارعةٌ
ناءت بحملٍ وقد طابت به الأكُلُ
هيهات يا دارُ أن تصفو الحياة بنا
ويرجع الجمع بعد النأي يكتملُ
لكنّ روحي ستبقى فيك ساكنةً
ما لي بأَطمَة لا شاةٌ ولا جَمَلُ
إن متُّ يا دار أو طال الزمان بنا
فالصبر يا دار لا يضعف لنا أملُ
أو عدتُ يا دار هل ألقاك باسمةً
أم في اللقاء يعزّ القول والجُمَلُ
ويصبح الهمس نجوانا فلا كَلِمٌ
والعينُ تهطل سحّاً تغدق المُقَلُ
بالله يا دار لا تُبْدِيْ معاتبتي
أني رحلت بحالي دونما قُبَلُ
ما كان لبٌّ بساعات الرحيل
وما وقت أتيح إذ النيران تنهملُ
لابدّ لليل من صبحٍ يُبدّده
ويَسْطع النور والظلْماء ترتحلُ
ويرجِع الحقّ فوق الكفّ عالية
راياته البيض لا كفرٌ ولا دَجلُ
علائمُ الصبح قد لاحت مُبشّرةً
لم يبقَ في الساح لا عُزّى ولا هُبَلُ
فأوّل النصر للأوثان نكسرها
فعلُ الخليل وفعلُ المصطفى مَثَلُ
لن تسكت الحرب لو ستين محولة
حتّى يطهّر وجه السهل والتللُ
أغرى بِكَ الفرس أن تغدو لنا مَلِكاً
يخلف جبلّة ما أعيتهم الحيَلُ
لكن غباءك أن صدّقت مَكْرَهمُ
كالطفل فارجع ففي أوهامك الأجلُ.
بقلم المرحوم الأستاذ نادر شاليش
– – – – – – – – – –
قصيدة كتبها (ساري العم) في رثاء الشاعر نادر شاليش – رحمه الله-:
أرسلتَ روحك إلى دارٍ تطوف بها…
والدرب ضاقت فلا حلٌّ ومرتحلُ
يا شيخ أحييتَ فينا عبرة سكنتْ….
عن فرقة الأهل وأشواقًا لها أُصُلُ
حيث المنازلُ في الأرواح نازلةٌ …
حيث المباهج والأفراح تتّصلُ
الأهل! أين ضجيج الصحب قاطبة….
أين المشاكس أين المازح الخبِلُ؟
أين الدوالي وأين التين نَطعمه….
يا ويح أَطمة لا عود ولا خضلُ
أين الخراف إذ تمشي منعّمة …
يا ويح أطمة لا شاةٌ ولا جملُ
يا شيخُ عذرًا فلم نحفظ مشيبتكم…
من التهجر ولم تُرفَع لنا شُعلُ
يا شيخ عذرا فأفواج الضباع غزتْ….
درب الحرير وعاث الشامت الرذِلُ
ونحن يا ويح نحن اليوم في فرق….
هذا يطبل وهذا صمته ختَل
يا شيخ عذراً فما كانت قصائدنا….
أن تشفي الوجد وأنت الشاعر الرجل!
أبشر أخيّ فإن ضاعت منازلكم…
فالله يبدِل دارا أهلها كمُل
والله ما أحسن ما يلقى الرجاء به…
والله أحسن من تسعى له إبلُ
– – – – – – – – – –
قصيدة كتبها الشيخ أبو معاذ زيتون في رثاء الشاعر نادر شاليش صاحب القصيدة الشهيرة
أرسلتُ روحي إلى قبرٍ حلَلتَ بهِ
تدعو الإلهَ وتَستَجدي وتبتهلُ
أن يرحمَ اللهُ من أمسى بساحتهِ
فرداً فما عادَ لا سَعيٌ ولا عَملُ
أن يسترَ اللهُ عيباً جاءَ صاحبهُ
خاوي اليَدينِ فلا مالٌ ولا حِيَلُ
يا ناظمَ الشّطر صارَ الكلُّ يحفظُه
مالي بأطمةَ لا شاةٌ ولا جملٌ
آوتكَ أطمةُ مطروداً فعِشتَ بها
حيناً من الدّهرِ لمّا خانت الدّولُ
واليومَ صرتَ نزيلاً في مقابرها
فاهنأ وَطِبْ بثراها أيّها البَطلُ
أرسلتَ روحَك نحو الدار تنظرها
ونار قلبك بالأشواق تشتعل
قد كنتَ ترجو لقاها دونما ألمٍ
ويُجمع الشمل واللأواء ترتحل
والدارُ تأملُ أن تلقاك باسمةً
ولؤلؤ العين في الأفراح ينهمل
ونحن كنا على وعْدٍ بعودتكم
قصيدة النصر نرجوها فترتجل
ونسمع البوح للأشجار تطلقه
أما القطوف فتدنو منك تكتحل
وتشرق الروح بعد الضيم هانئة
تنسى النزوح وبالترحاب تنشغل
أما الخيام فتطويها وتتركها
(ما لي بأطمة لا شاة ولا جمل)
لكنْه الموت قد وافاك في عجلٍ
وروحك الآن في الجنَّات تنتقل
اللهَ نسأل أن تُحبى بمنزلةٍ
بها سرورك عند الله يكتملُ
حسن محمد الجاسم
رابطة أدباء الثورة السورية