جبل الزاوية والساحل
مزيج المأساة يتكرر
قصف من العدو وشهداء وأشلاء وأرتال الأمنيين للضغط على المجاهدين ومدفعية وادعاء الرد وبداية نزوح وتشرُّد…
في المشهد: أرتال أمنيي كبيرهم تنظرها طائرات استطلاع العدو ولاتعترضها… بشكل يذكرني بيوم حملاتها على فصائل ريف حلب الغربي، والذي تم تسليمه بعد فترة وجيزة جدا مِن طرد أبنائه الذين دافعوا عنه سنوات طويلة… فترةٌ كانت وجيزةً جدًا لدرجة لم تكفي للتغطية على عمالة مَن سلّموه…
وقصفٌ يُخلِّف شهداء ودمار ونزوح، ثم نسمع عن رد مدفعي برسائل وتس أب خجولة مجهولة المصدر تحدثنا عن رد يستهدف بيوتنا الفارغة في قرانا التي نتأمل أن نعود إليها!!
وحتى هذا الرد الذي يخرب بيوتنا ولايزعج عدونا لا نتجرأ على توثيقه لكي ترتفع معنويات الناس قليلا…
أحدهم قال لي: “العسكريون يعرفون عملهم”!!
وهذه مغالطة كبيرة قيلت لي حرفيا قبل تسليم أرياف حلب والمعرة وسراقب…. العسكري مهمته أن يرمي حيث يُطلب منه الرماية، أما استثمار الرمي وجهة الرمي العامّة فهي قرار القيادة السياسية وأهل الخبرة والنظر… (الذين اختُزِلوا بقرار الضامن التركي)
كل هذا الرمي جزء من حرب نفسية فإما أن تكون لنا او علينا، فالفرق كبير بين رمي مراكز تجمع القوات في قرى حاضنة العدو وبين رمي بيوتنا الفارغة أو حتى مرابض العدو وتمركزاته بينها، اذا كنا نتستر عن ذلك!!!
تدمير عشرات المرابض وقتل مئات الجنود (هذا إن حصل أصلا) طالما بلا إعلام… لا قيمة له عند الأسد ومن معه (بالعامية: مثل صرمايته)، فعنده معامل دفاع تصنّع العتاد، وحلفاء حقيقيون يورِّدون له ما يعجز عن صنعه، وجنود من الشعب المسحوق لا قيمة لهم… المهم عند الأسد ومن معه أن تستمر الحرب النفسية على سكان المناطق المحررة، حتى إذا اتخذ العدو القرار بالتحرك كانت الناس مهزومةً نفسيا وقرارها الوحيد هو الهروب والنزوح والتشرّد…
كيف لا وقد قامَ خَدَمُ الاتفاقيات بتدمير القوى التي كانت تدافع عن الأرض والعرض، حتى وصلنا لما ترون من حالة انهيار الثقة بين الناس في المحرر ومن يقود المنطقة!!!
ثم بعد ذلك يأتينا من يعترض على ما يجري برسائل خجولة وتصدر بيانات مِن كتل هي أصلا جزء من منظومة الفساد والظلم، لا يتجرأ أصحابها عن ذكر أسمائهم، بصورة تذكرني بالكثير ممن كانوا موظفين لدى النظام السوري، وتحمسوا للمشاركة أول الثورة خلف الكواليس، فلما جدّ الجد وحان وقت المُفاصَلة آثروا راتب وظيفتهم على الوقوف بجنب الحق، وباعوا دينهم بعَرَضٍ من الدنيا قليل.
كفانا هروبا من الحقيقة، من يتحمل مسؤولية ما يجري هو من يحكم تلك المنطقة فعليا:
الجولاني والفصائل التي تحت إمرته هناك؛ كيف لا وقد استولى على سلاح وذخيرة مجاهدي المنطقة وضيّق عليهم ويريد حتى سحب سلاح الناس….
ومن سمى نفسه ضامنًا وبقي سنوات يُغيِّر في تشكيلات الفصائل بما يناسب مصالحه دون اعتبارٍ حقيقي لمصالح الثورة السورية والثوار، وهو الدولة التركية.
طالما نتهرب من تحديد المسؤول، ونخاف من ذكره، وتحميله مسؤوليته، فلن نعرف بعدها في أي اتجاه يجب التحرُّك والتغيير والضغط… (على طريقة مؤيدي النظام بيحكوا على كل الموظفين والوزراء وهم يعرفون بأنهم لايملكون من الأمر شيئا، ولكن الخوف يمنعهم من الحديث عن صاحب السلطة الحقيقية).
ولكي لايكون التركيز على الرأس فقط، نؤكد بأنّ كل من كان مع من ذكرناهم في مفصل فهو شريك في تحمل المسؤولية حسب موقعه واستطاعته…
ما الحل؟
لعل نواة الحل التي تتبادر للذهن: تبدأ بتغيير داخليٍ حقيقي مباغِت، يُنحِّي ويسوق إلى لمحاكم من تصدروا المرحلة السابقة، ويكسب ثقة الناس ويجمعهم حوله، ثم بعد ذلك يكسب ثقة الحليف، بعد أن يثبت له بأنه حليف وليس مرتزق ولا أجير…
ولربَّ مشروعِ عمالةٍ يُرسَمُ لهُ كما رُسِمَ لحافظ الأسد مِن قبل، تعجز عنه كتل كاملة من قليلي الإيمان والدين، يُنهيه رجلٌ واحد صادق أو بضعة رجال صادقين…
ولرُبَّ مجموعاتٍ ظنت قياداتها بأنها دجَّنَت عناصرها وأذلتهم براتب آخر الشهر، تنشق وتلتف حول من تثق بهم مطيحةً بالخونة وأزلامهم…
على كُلٍ التاريخ يُكتَب، والخَلق شهود، والله غالبٌ ولا يُرَدُّ بأسُه عن القومِ المجرمين.
فلنكثر الدعاء بالفرَج والنصر والخلاص من الظالمين في هذا اليوم الفضيل… وكل عام وأنتم بخير.