📌 التسمية:
حديثنا اليوم عن منحة المجاهد التي سميت بهذا لأنها ليست أجرًا لمن يقدمون أسمى التضحيات، وهي غير دورية ولا منتظمة، وصحيح بأن (ما يعادل ٥٠ دولار) لا تكفي شيئًا، ولكن أكثر المرابطين يعتمدون عليها للمصاريف الأساسية لأسرهم نتيجة الوضع المادي السيء وضعف الفرص.
📌القضية
أكثر من ثمانين يوما تتأخر منحة مقاتلي فصائل الجيش الحر، بشكل جعل موضوعها حديث الساعة.
وفي الحقيقة أردت أن أكتب عن هذا الملف منذ فترة ولكن الموضوع ذو شجون… لذلك سأقتصر في هذه المقالة البسيطة على مجموعة أفكار أرى بأنه يجب أن يعيها الناس.
📌 المسؤولية:
أولا: فيما يتم الحديث عنه من تحميل الدولة التركية مسؤولية تأخر منح المقاتلين، أراه غير دقيقا، ليس دفاعا عن تركيا، بل هي الحقيقة، فتركيا لم تدفع يوما منها لا للفصائل ولا لغير الفصائل؛
فالدفع للفصائل يتم من دول مانحة لم يبق منها بعد إغلاق غرفتي الموم والموك إلا قطر، وحتى ما يُقدَّم في تركيا من خدمات طبية وإغاثية للسوريين فالجزء الأعظم منه مموَّل من دول أخرى على رأسها الإتحاد الأوروبي والأتراك يديرونه فقط.
وبالطبع كما أي دولة في العالم يديرون هذا الملف ويستثمرونه حسب مصلحتهم أولا، وليس بالضرورة مصلحة الثورة السورية.
لذلك فإننا لا نستطيع الجزم بتحميل تركيا مسؤولية التأخر أو الانقطاع لأن المال ليس من خزينتها، فلعل المشكلة بوصول المال، وربما المشكلة فعلا بمن عنده أمر الصرف،
والذي يتحمل مسؤولية الإدارة والتحكم الذي يمارسه على الملف، والتبعات السيئة لذلك.
📌 المنحة للتفريق
هذه المنحة منذ أن دخلت من خلال ما سُمِّي دول أصدقاء سوريا وعبر غرفتي (موم وموك) استثمرها القائمون على إدارة ملفها في المحافظة على: حالة تفرق الفصائل (لتسهل عملية سيطرتهم عليها وتحكمهم بها)، وعلى سُلطة وتسلُّط قادة الفصائل، الذين تسلطوا على المقاتلين بها.
حتى لما أريد تفعيل دور وزارة دفاع جامعة للجيش الوطني، تعتمد هيكلة ومنح رتب عسكرية مناسبة للثوار، وتكوِّن إدارة مركزية تُصرَف رواتب الضباط والجنود منها، بحيث يتساوى الجميع أمامها، ليتخلصوا من هيمنة قادة تسلطوا بغير حق، قوبل هذا المسعى بالرفض (بشقَّيه)، وبقيت الكتلة المالية تصل مقسمةً على الفصائل بحيث تستلمها قيادة كل فصيل على حدى.
📌الانتقائية والكيفية
ولإن كان الأصل أن تُناسب الكتلة المالية تعداد الفصيل بحيث تكون منح الجنود متساوية..
ولكن هذا لايحدث، بل يخضع لمزاجية صاحب سلطة توزيع الكتلة ورضاه عن الفصيل وعن مدى تجاوب قيادة ذلك الفصيل مع رغبات أولئك العابرة لحدود الملف السوري.
فترى فصيلًا احتُسِب له كامل عدده الذي رفعه، وغيره لايُعتَمد أكثر من نصف عدده، وفصيلًا ليس له كتلة رسمية ولكن تصله مبالغ ضخمة بأغطية أخرى، وفصيل يُضغَط عليه ليقلل أعداده بهذه الوسيلة، على مبدأ تقسيم المُقَسَّم وتجزئة المجزَّأ.
وضمن الفصيل لايوجد محاسبة من المانح على آلية الصرف فالمقاتل لايستلم مبلغا مخصصا من المانح لكل مقاتل، لأنه يتضمن أيضا ما يسمى مصروف وهذا يترك تقديره لقيادة كل فصيل لتجتزئه من أصل الكتل المالية كما تقدِّر.
📌المنحة والقرار
أكبر مكسب حققه المانحون من منحتهم هو السيطرة على القرار العسكري بكل تفاصيله، وبالذات أن الفصائل تضخمت وبنت هيكليتها وآلية عملها على ما يأتيها.
ولذلك فإن استقلال القرار المادي لأي فصيل يخيف المانحين والمتحكمين قبل غيرهم، ولذلك تمت محاربة محاولات ذلك.
ولعل جماعة الهيئة بإدلب هم أنجح من قام بهذا (ظاهرًا)… مع ما جاءهم فعليا من دعم قطري خاص؛ عبر غطاء اطلاق الرهائن وغيره، والذي هو أكبر من مجموع كل ما أتى فصائل الجيش الحر مجتمعة…
(بالطبع الاستقلال الحقيقي الكامل أمر غير وارد فواقع الحرب لاتستطيع الإنفاق عليه إلا دول).
📌 لماذا الآن؟!
– السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا هذا التضييق الآن؟
– هل هناك حلٌ يراد فرضه؟
– هل الغاية أن تكون وجهة الجنود اليمن وليبيا أو ربما أوكرانيا لاحقا… من يدري؟!
– هل الغاية تمكين مشروع الجولاني في إدلب وإظهاره على أنه أنجح مشروع في المحرر؟! (ولا ننسى أنه كان صنيعة قطر بتمويلها وتوجيهها ودعايتها).
– هل يريدون أن تنهار الفصائل وأن يكون ذاك المشروع هو الأوحد ليبتلع الجميع؟! لنعود إلى عصر الإرهاب الأمني المتعالي على القانون.
تساؤلاتٌ كبيرة يطرحها هذا الوضع، ولكنها تدور جميعها في فلك استهداف العمود الفقري للثورة، وهم حملة السلاح من الثوار، الذين لا بقاء للثورة بغيرهم، ولانفع لقوى الدول الحليفة بغير شرعيتهم، ولا اعتبار لأي نشاط سياسي مالم تبق شوكتهم ومناطق سيطرتهم…
📌الخطط البديلة
ختاما يأت السؤال الأهم: ما هي الخطط البديلة للفصائل؟ وهل يملك قادتها الجرأة ليفكروا بأن يخرجوا من هذا الصندوق، بإدارة رشيدة للإمكانات المحلية وبعلاقات جديدة على الساحة المحلية والدولية تفاجئ الجميع وتفتح أبوابًا جديدة؟!