المصدر: أورينت نت
بقلم:
أتعجب اليوم كيف أنني كسياسي معارض من المفروض تميزه بالوعي، ومعي آخرون كثيرون جدا يمثلون تقريبا كل مجتمعنا من الأكثرية “العربية السنية” من الذين لم ينخرطوا بمعارضة النظام قبل الثورة وتجنبوها كوباء، كيف أننا كلنا كأكثرية بلون واحد كطائفة وقومية، حتى لو اعترض أكثرنا على حصرية هذا الانتماء كهوية لنا، كلنا كأغنياء وفقراء، أبناء مدن وريف، متعلمين ومثقفين وبسطاء، أتعجب كم كنا جميعا طيبين و”دراويش” إلى درجة السذاجة، فالحقد الدفين الذي أخرجه كثيرون حولنا كان هائلا، ليسوا كلهم لكن بمعظمهم مع الأسف، تحالفوا معاً في حلف طوائفي يقدسه فقط الخونة والشيطان وأعداء سوريا ويبرأ منه كل دين، كان على رأسهم النصيريون أو العلويون كما سمتهم فرنسا المستعمرة واستطابوا هذه التسمية .. جاؤوا بمعظمهم من خارج بلداتنا ومدننا الكبيرة خاصة، عاشوا بيننا وأكلوا من خيرنا، بالسرقة والرشوة والفساد والبلطجة تحت أو فوق القانون الذي بات دكانا لهم عبر الوظائف الرسمية، احتلوا مدننا وعلى رأسها دمشق، بل حاصروها بمستوطنات متعمدة سموها عشوائيات وثكنات وسكنا مرافقا وكأنها معسكرات جيش غزو يستعد للانقضاض على حاضرة عدوة بعد خنقها .. اختطفوا فرصنا وحقوقنا في الدراسة والعمل الحكومي والبعثات الدراسية، سرقونا بكل وسيلة، مارسوا كل تمييز وامتياز طائفي بألوان الطوائف المختلفة .. لكننا مع ذلك كنا نتجاوز بل نتعامى عن كل هذه الحقائق الصارخة بسماحة نفس، ولا نحمل الأمر الكثير ونقول “بكره بيشبعوا، بكرة بيعرفوا أنهم موجودون بيننا منذ آلاف السنين لأننا غير طائفيين، بكره سيفكرون كسوريين أولا وليس كطائفيين، بكره بيتعلموا من الحضارة والأصول، معليش أقلية تتكتل خوفا من الذوبان، بكره سينصهرون في محيطهم الجديد، وبكره وبكره …. “.
ثم اندلعت الثورة السورية، انطلق ربيع سوريا في ربيع 2011 بعد نصف قرن من احتلال هؤلاء لسوريا ظننا أنهم تحولوا خلالها لأبناء وطن اسمه سوريا، ولعام ونصف وبينما كنا نصرخ “سوريا بدها حرية – الشعب السوري واحد” كان النظام يصطادنا في المظاهرات كالعصافير، ويتسلى الشبيحة “الطائفيون” بكل ألوان “طيفهم” مع حفنة مرتزقة تافهة العدد منا “لزوم الديكور الطائفي”، وبينما كنا نصر على هتاف “الشعب السوري واحد”، كانوا يتسلون بمطاردتنا في المظاهرات كالأرانب، تحول غير المسلح منهم في أي موقع كان إلى مخبرين متطوعين “لوجه الطائفة” وليس لوجه الله، يصرخ عناصر المخابرات فرحا وهم يعذبوننا بوحشية في فروع لم تخفِ طائفيتها .. مرةً في فرع مخابرات طائفي قال أحدهم (وهو غير مسيحي) لصديقة اعتقلت ليومين: “أنت مسيحية شو عم تعملي معهم، شو مالك مسيحية لتتظاهري معهم!!!” .. هم، أي الأكثرية العربية السنية.
رجال الدين كانوا الأسوأ بين هؤلاء الطائفيين الأقلويين، وليس العلويين فقط من أقصد، كانوا عبر منابر معابدهم يحضّون رعيتهم ويصرخون دون أن تتحرك إنسانيتهم لمعاناتنا وشهدائنا ومعتقلينا وسرقتنا، أطلقهم النظام كقطيع ضباع بلباس رجال دين ليستدرّوا عطف الغرب على النظام الطائفي الإرهابي وليكذبوا كما يكذب ، ونتذكر الجولات التي قام بها قادة الكنائس عامي 2012 و2013 وما تلاها لدول الغرب، فإنسانية الغرب مشروطة بكونها “طائفية أقلوية” .. لا ضير لدى رجال الدين هؤلاء ومعهم القادة الاجتماعيون لهذه الأقليات من ترديد كذبة النظام بتصوير نظام القرداحة الطائفي الأسدي كحامي حمى “الأقليات المسكينة” مقابل “الأكثرية الداعشية” التي عرفوها ضمنا وبكليتها كأكثرية عربية سنية كإرهابيين يملك النظام الأقلوي الطائفي “خبرة” ضبطهم.
رجال دين وقادة اجتماعيون أقلويون جمعهم حقد لا وطني وانخرطوا بمعظمهم تقريبا في المعركة بوجه “حريتنا”، كانوا بمعظمهم يصرخون بكل طريقة ووسيلة وعبر كل منبر ووسيلة وطريقة، جارين خلفهم معظم رعيتهم الباحثة عن صوت عقل وأمان لا صوت حقد طائفي، جارين خلفهم معظم هذه الرعية المؤمنة، كبيرهم وصغيرهم، ربات بيوت وطلاب وعمال وفلاحون ومرتشون من كبار وصغار كسبة وكبار لصوص؛ كانوا بمعظمهم يصرخون ويطفو مع صراخهم حقد طائفي مدفون نما في هذه البيئة، يصرخون عبر الإعلام الافتراضي وغير الافتراضي، الرسمي والخاص، في السهرات وبكل لغة إشارة وإيماءة ووسيلة إعلامية، بالعلن وبالتقية التي باتت عابرة للطوائف، كانوا يصرخون مع النظام كلما شردنا أكثر وقُتلنا أكثر كلما رفعنا صوتنا أكثر قائلين “سوريا بدها حرية – الشعب السوري واحد”؛ كانوا يصرخون مع نظام القرداحة: “بتستاهلوا … بدكيــن حرية!!!” .. نحن، أي الأكثرية العربية السنية.
بعد عام ونصف من الثورة بدأ النظام بالتصعيد العسكري الكبير بعد أن فشل الحل الأمني الشامل والعسكري المحدود، فقد باتت نصف سوريا محررة وبانت ملامح سقوطه والناس مازالت تقول “الشعب السوري واحد وسوريا بدها حرية”، عندها بدأ يقتلنا نحن العرب السنة بالجملة وينهبنا بالجملة بعد أن كان يفعل ذلك بالمفرّق قبل الثورة ونصف الجملة أول الثورة .. يدمر مدننا بالجملة ويرتكب مجازر بالجملة ويقيم حفلات اغتصاب جماعي بالجملة؛ عند الحواجز وفي المعتقلات وفي كل بلدة دخلها مهجرا أهلها طائفيا بالجملة، يشردنا ويعذب إخوتنا ويجوع أطفالنا بالجملة، وبات الموت والقمع يمارس علينا بالجملة، ومن يمارسونه يفعلون ذلك أيضا بالجملة، وكان رد فعل هؤلاء الأقلويين من كل الأقليات الذين عاشوا بيننا لأننا لم نكن يوما طائفيين حاقدين، هؤلاء الذين أكلوا من خيرنا وتنعموا بدولة الاستقلال القائمة على المواطنة التي بنيناها، ثم أكلونا وقتلونا وهجرونا واحتلوا مدننا أو أيّدوا من فعل ذلك بنا في “حلف طائفي، كان رد فعلهم بأن رددوا معاً وبالجملة” : “بتستاهلوا أنتو إرهابيين والبلد صارت أحسن من دونكم” .. دوننا نحن، الأكثرية العربية السنية.
حمل معظمهم رسالة واحدة اتفقوا عليها “طائفيا” وداروا بها العالم، رسالة مختصرة تقول للعالم وبالحرف: “بيستاهلوا، فهم أكثرية لا سبيل لحرمانها من حقها في السلطة إلا بهذه الجريمة المبررة فنظام القرداحة طائفي نعم، لكنه أيضا علماني!!! يحمينا كأقليات من مخاوفنا المتوهمة ويشفي غليل حقدنا الطائفي الذي نرضع به أبناءنا، غليل انتعش منذ أول آهة لمعتقل أو قتيل أو مغتصبة أو مشرد منهم” .. ليستجيب لهم هذا العالم الغربي “العلماني” الذي وجد أن جرائم النظام مبررة كونه “علماني” يصدر عن أقلية “مسكينة”، الغرب الذي تتحرك عواطفه مع أقليات سوريا والعراق والمنطقة، وتغيب إنسانيته الانتقائية (مصطلح وضعه واستخدمه ابني جهاد تللو منذ سنوات في مقال له) و”علمانيته الطائفية” كما أطلقت عليها وعلى أتباعها بيننا، تغيب عنده هذه الإنسانية الأقلوية عندما تكون الأكثرية العربية السنية في المنطقة “أقلية” كما في العراق أو مضطهدة في منطقة أخرى هناك كالبوسنة أو إفريقيا الوسطى.
ترى كيف غفلنا عن كل هذا الحقد الطائفي، وكذلك عن هذا الحقد القومي الذي فاح بنتانة بعد الثورة من جزءٍ من الأكراد الذين احتضنتهم سوريا لاجئين قبل قرن ومثلهم الأرمن، عن هذا الحقد الأقلوي الطائفي والقومي الذي ظهر بالجملة؟ أم أنها الطيبة إلى درجة السذاجة في جيناتنا كمسلمين عرب سنة في سوريا خاصة وبلاد الشام عامة؟ وبعد ذلك هل من شك في تحديد من يحمل الفكر الإرهابي الذي يجب أن يثبت أنه “علماني لاطائفي”؟ ومن الذي يستحق الحماية وعليه أن يحذر من تطرف الآخر الطائفي والقومجي في سوريا المستقبل!!!!
نصف قرن من اضطهاد الأقلية للأكثرية في كل مجال وحرمانها من كل حقوقها وبدعم أقلوي طائفي (وقومي مؤخراً)، ويختتم منذ عشر سنوات بأكبر مجزرة شهدتها سوريا منذ وجدت الحضارة فيها، مجزرة ينفذها “تحالف الأقلويين الطائفيين “العلمانيين كما يُدعون” بحق الأكثرية، مجزرة بحق سوريا تاريخاً وحضارة وثقافة وتعليماً واقتصاداً وبنية اجتماعية وثروة بشرية بل ومستقبلاً، حرب طالت حتى لاجئي المخيمات والمعتقلين والشهداء المدنيين من الأكثرية العربية السنية .. وبضع عشرات حالات الضحايا من الأقليات التي لا تقارن ولا تعد قاعدةً يبنى عليها إلا في عقول الأقلويين.
حتى فرص الحصول على اللجوء بتسهيلات وسرعة كبيرين وبشكل رسمي شرعي مريح في أوروبا حرم منه من يستحقها، فبينما وضعت العراقيل والصعوبات بوجه الضحية “الأكثرية العربية السنية”؛ فتحت الأحضان والتسهيلات لصالح من لا يحتاج لها ويعيش بأمان من الأقليات في “شقته” في سوريا التي لم يطلها دمار وتهجير لا من قبل النظام ولا من قبل الثورة إبان سيطرتها القصيرة جداً على مناطق محدودة جداً ولفترة محدودة جداً .. أقليات تبحث عن اللجوء مع أنها كانت وما زالت تعيش بأمان كبير ولو نسبي، تبحث عن اللجوء لتحسين مستوى معيشة والفرار من بلد منهار دمره تحالفها كأقليات، لتحصل على لجوء على حساب فرصة الضحية “العربي السني” المضطهد وقد شارك معظمها في الجريمة، وفي أقل الأحوال سوءاً تحالفت بمعظمها ودعمت اجتماعياً ودينياً وسياسيا، داخلياً وخارجياً، دعمت من دمر سوريا وأوصل البلاد إلى هذا الوضع، فبيوت هؤلاء “الأقليات” المتباكين الباحثين والحاصلين بسهولة على حق اللجوء في الغرب لم تهدم بيوتهم ولم تسرق ممتلكاتهم ولم يتعرضوا لأي مجزرة أو تهجير واضطهاد كما كان مصير “الأكثرية العربية السنية” .. أقليات يشملها أكراد الشمال اللاجئون منذ قرن والذين انحصرت كارثتهم ببلدة “عين عرب” المكان الوحيد الذي تعرض للدمار لفترة حتى طرد داعش منها ثم تمكن أهلها من العودة مع سيل من المساعدات وإعادة البناء.
الطريف أن هؤلاء “الأقلويين” ينظرون لحق اللجوء في أوروبا بأنه حق طبيعي لهم حتى ولو لم يتعرضوا لأي اضطهاد، فأوروبا “المسيحية” أمهم الرؤوم كأقليات ككل، وسوريا بلدهم المسروق لأن أهله العرب كأغلبية عرقية في سوريا منذ ما قبل الفتح الإسلامي؛ غير معترف بحقها في التحول عن مسيحيتها واعتناق الدين الإسلامي تدريجياً بغالبيتها العظمى كخاتمة واضحة لأديان سماوية ينكرها المسيحي كما ينكر اليهودي المسيحية مكتفياً بدين موسى .. بل يستنكر هؤلاء الأقلويون بحث العربي السني المضطهد عن أمان ومستقبل في لجوئه كون أوروبا المسيحية “تبع” هؤلاء الأقلويين كما يرددون، ناقلين أحقادهم وطائفيتهم لبلاد اللجوء مستكثرين ومصادرين حق الضحية العربية السنية في أي أمان حتى في لجوئها القصري، فلقب “الضحية والاضطهاد” ملكية حصرية لهؤلاء الأقلويين لزوم التباكي والصراخ الطائفي والأقلوي وتبرير الجرائم الأقلوية .. يذكرني ذلك بنقاش سخيف بين يهودي إسرائيلي في برنامج إعلامي حواري غربي بالعربية استنكر فيه إطلاق اسم “هولوكوست” على المذبحة بحق العرب السنة في سوريا لأن ذلك حق له يصادر بنظره حقه كضحية للنازية، ولينحاز بالمفارقة نسبياً لنظام القرداحة الطائفي مبرراً لجرائمه ما دامت الثورة “تسرق” من هذا المصطلح.
وهكذا، وبينما حصل من أراد من هذه الأقليات على حق اللجوء الذي لا تحتاجه وسط دموع الغرب التماسيحية وبسهولة وبقدوم مريح وغالباً بشكل نظامي وبتأشيرة دخول نظامية للغرب غالباً؛ كان على الضحية الأكثرية العربية السنية أن تدفع ما تبقى في جيوبها وتذل وتغرق في البحر للحصول على هذا اللجوء في أوروبا فراراً من مخيمات الذل والقصف التي تشغلها هذه الأكثرية حصرا بعد “حفلة” المعتقلات والقمع والاضطهاد في سوريا، ليضيع المال وجنى عمر الأكثرية ولتتكدس سرقةً ونهباً لدى “المساكين” الأقلويين الطائفيين “العلمانيين كما يدعون”، وليقول بعد ذلك أنصارهم الغربيون المتحضرون، ومعهم كل طابور خامس في الثورة وتيار ثالث ومرتزق ومنافق وتابع معارض تافه عدداً ومنحط أخلاقياً ووطنياً؛ ليقولوا بغضب إنساني انتقائي علماني طائفي أقلوي: “الصراخ ألماً للضحية الأكثرية العربية السنية وهي تتعرض لكل سحق، هو شكوى طائفية إرهابية لا يطمئن المساكين الأقلويين الطائفيين”، فحتى الصراخ ألما بعد نصف قرن من اضطهاد وقمع طائفي وحشي بات تهمة بالطائفية تلاحق الضحية الأكثرية العربية السنية المحرومة من حقها بالاعتراف من كونها “ضحية”.
لكن، عند تعرض أي فرد من الأقليات للاضطهاد على يد داعش (أو جبهة النصرة في حالات محدودة جداً)، يرتفع صراخ هؤلاء بالشكوى معممين فكر التطرف الذي اضطهدهم، معممين ذلك على كل العرب السنة متهمين إياهم ضمناً كدين إسلامي أو كقومية عربية كما يفعل الانفصاليون الأكراد، متهمين إياهم كعرب سنة ككل ديناً وانتماءً وثقافةً بدعم ما يتعرض له هذا الفرد من الأقلية من اضطهاد بالكاد لاحظناه بوقائع فردية ومحدودة لهذه الأقليات كمناطق وأفراد باستثناء بسيط لبلدة عين عرب “المختلطة”، ليتم الإصرار هنا على تعريف الضحية بانتمائها كأقلية دينية أو قومية كما يريد أصحابها، كما يتم تعريف الفاعل كذلك وفق هذا الانتماء كعربي سني مسلم انتماءً وعقيدةً بتعميم ضمني أو صريح ودون تمييز مقصود عن داعش وبعض المتعصبين دينياً وهم أقلية لا تذكر في وسطها العربي السني، ودون أي إشارة إلى أن معظم ضحايا هذا التطرف مناطقاً وعدداً هم العرب السنة، وأشير هنا إلى ما لا يقل عن عشرة آلاف شهيد من الثوار سقطوا وهم يقاتلون هذا التطرف في وسطهم، بالمقابل، تعجز أي أقلية تحديد مجزرة واحدة أو سرد اسم مئة قتيل “غير مسلح” بينها (بمن فيهم العلويون) سقطوا على يد الثوار، بل حتى على يد داعش وأضرابها والتنظيمات المتطرفة التي اختصت بالمجازر ضد الجيش الحر كما في الرقة واللطامنة (ولا داعي للكلام عن الحالة الإيزيدية الاستثنائية وحادثة واحدة على يد داعش بحق الدروز وتعميمهما تضليلاً ففي ذلك ضمناً دفاعُ حقير عن كل مجازر النظام بحق العرب السنة.
كيف غفلنا عن كل هذا، كم تعامينا بسذاجة عن كل هذا السيل من مشاعر الحقد الفاجر اللاوطني حولنا وتجاهنا، كم من الجرائم ارتكبت باسم العلمانية، وكم من سفاح أقلوي طائفي وقومي (غير عربي وغير تركماني) استخدمها ستارا لجرائمه وهي منه براء، كيف غفلنا عن كل هذا حتى بينما كان يتم اصطيادنا في المظاهرات السلمية العزلاء كالعصافير على يد “المساكين” العلويين الخائفين من المستقبل الباحثين عن ضمانات هم وتحالف الأقلويين الذي يؤيدهم ويقودونه، ضمانات من الضحية العربية السنية (والتركمانية) .. النصيريون/العلويون المساكين الذين كلما داهمهم هاجس الخوف هذا؛ ارتكبوا مجزرة بحق العرب السنة (أو التركمان) وسط تبرير أو صمت وغالباً تأييد بل ونشوة فرح تحالف الأقلويين والأقليات “المسكينة المرتعبة والمستنكرة لصراخ الضحية العربية السنية” المتهمة بالطائفية لصراخها ألماً والمحرومة من الاعتراف بها كضحية حتى لو فنيت عن آخرها قتلاً وتهجيراً.
في الشهر الثالث للثورة وبينما كان شبيحة من ميليشيا ومخابرات وجيش القرداحة “الأقلويين الطائفيين العلمانيين” يداوون هواجس مخاوفهم ومخاوف تحالف الأقليات المسكينة؛ يداوونها باصطيادنا كالعصافير في المظاهرات السلمية وهم يقهقهون نشوة، وبينما كنا نصرخ ونحن نموت بألم “الله سوريا حرية وبس – الشعب السوري واحد”؛ يومها لا أزال أذكر أقلوية “متدينة مسيحية” لا تفوت صلاة في الكنيسة؛ بينما كنت أحاول استثارة إنسانيتها وتدينها المصبوغ بعظة خوري كنيستها بتذكيرها بالجريمة “الطازجة” حينها والتي ضج بها العالم؛ جريمة القتل الوحشي تحت التعذيب للطفلين الملاكين “حمزة الخطيب” وصديقه “ثامر الشرعي” عقاباً لجريمتهم المتمثلة بحمل أرغفة من الخبز لأطفال درعا المحاصرين؛ لا أزال أذكر ردها علي يومها بصوت يملؤه حقد وتشفٍ لم تستطع إخفاءه لكل ما يمثله حمزة الخطيب: “بيستاهل ياللي صار معو لأنو ولد قليل ترباية”.