الدراما الإسلامية ضرورة ما ينبغي أن تغيب

شئنا أم أبينا الدراما والتمثيل والفن واقع قد أخذ وسلب عقول البشر في المجتمعات كافة، وهناك مِن الدراما ما يحمل هدفًا نبيلا ومؤثرا لأبناء المجتمع… وهو نادر وقليل في واقعنا، ومنها ذات الطابع الهزلي السخيف المائع وهو كثير …

وفي قراءة للنوع الأول للدراما الهادفة والنبيلة بغض النظر عما نسمع من سلوكيات المخرج والممثل والوسط ككل؛ لكن التأثير في واقع المجتمعات العربية والإسلامية كان لها السبق في ذاكرة أجيال وأجيال، أذكر منها مثلا:
فلم الرسالة، وعمر المختار للمخرج مصطفى العقاد…
مرورا بمسلسل عمر بن عبد العزيز الذي قام ببطولة تلك الشخصية نور الشريف…
وفي نهاية المطاف دون الإحاطة بكل ما قدم لهذا العمل الفني الإسلامي إن صح عنه بذاك التعبير ماقام به حاتم علي من مسلسل عمربن الخطاب والفاتح صلاح الدين الأيوبي…
ومسلسل آرطغرل الذي أخذ أكبر نسبة مشاهدات عالمية…

فعلى الدعاة والعلماء أن يدركوا أنهم قد خسروا معركة الإعلام والفن، بإعراضهم عن ذاك العمل العلمي والعمل الدعوي الذي يمخر في القلوب والمشاعر أكثر من كثير الندوات والمحاضرات والوعظ والإرشاد مع عظيم تقديري لهذا المقام…

والعجيب أني قرأت أنّ أول عمل درامي مسرحي إسلامي قد خرج في عام1947م (أي قبل 75سنة ميلادية)…

بل قيل أن المسرحية توقفت لأن عددا من الفريق ترك المسرح وذهب للجهاد بفلسطين!..

إذا فالمحاولات الدرامية الهادفة لها تأثير كبير في النفوس والعقول والأخلاق في أبناء المجتمع…

أذكر مرّة كنت بمعية سيدي الوالد الشيخ شوكت الجبالي رحمه الله تعالى في الروضة الشريفة في الحرم النبوي الشريف فإذا بنا قد وجدنا الممثل الفنان عزت العلايلي في روضة النبي صلى الله عليه وسلم وكانت دموعه تنهمر في حضرة السيد الأعظم صلى الله عليه وسلم، فتقدم والدي رحمه الله نحوه وسلم عليه وجلس وجلسنا مع عزت العلايلي…

وكان الوالد يقول لذاك الفنان المحترم والمؤدب “يا أستاذ عزت إنّ أبناءنا في أعناقكم؛ قدموا لهم ما ينفع ويفيد والله إن تأثيركم كبير وعظيم”. فأخذ الرجل الأمر بجد على عاتقه.. ومضينا بعد أن أصغينا لدعاء والدي رحمه الله..

نعم أعلم أن الدراما الإسلامية الهادفة أمامها عقبات ومصاعب لكن ينبغي عليها أن تتجاوزها وتدخل غمار المنافسة الإقليمية والعالمية معا…

وحين ندعو لوجود دراما إسلامية هادفة لا نقصد بها فقط المسلسلات التاريخية التي تحكي سير الصحابة والعلماء والقادة الإسلاميين، بل القصد أن يكون حضورها شاملا لمختلف جوانب الحياة ولفترات التأريخ المختلفة والمعاصرة، نريد أن تكون الدراما الهادفة هي الأولى في الفن الدرامي من حيث الإخراج والسيناريو والتمثيل، ومن حيث قوة المضمون في تناول مشكلات المجتمع، مع الانتباه إلى عدم إغفال الترفيه كي لا تكون جادة فيمل المتلقي لها… وهذا إنما يكون من خلال خبرة يقدمها علماء النفس والمجتمع في هذا المجال… فالدراما لا تقتصر فقط على التعليم بل هي ترفيه وإرشاد وتوجيه…

وعلى الجميع أن يقدموا إمكانياتهم لدعم هذا العمل من دراسة أكاديمية وتعليمية وتوجيهية وكذلك مادية مهما كانت كلفتها…
فعملها أكثر من ألف منبر إذا صدقت وأخلصت النويا.

أسأل الله تعالى التوفيق والسداد.