من سره أن يتمثل له الناس قياما!
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سره أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار» حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي
– – – – – – – –
#الشيخ_أبو_معاذ_زيتون
عن معاويةَ بن أبي سفيان رضي الله عنه أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قالَ: “مَن سرَّهُ أن يتمثَّلَ لَهُ الرِّجالُ قيامًا فَليتَبوَّأ مَقعدَهُ منَ النَّارِ”. حديث صحيح، رواه أبو داود والتّرمذي.
المعنى: هذا أحدُ مظاهرِ الكِبرِ التي يمقتُها الله تعالى، وهو أن يكونَ لدى العبدِ تشوُّفٌ إلى أن يُعظّمَهُ النّاسُ فيقومونَ له كلّما دخلَ عليهم، وينزعجُ ويغضبُ إذا لم يَقِفوا له، فمَن كان كذلك، فهو ممقوتٌ عند الله، ولا ينظرُ اللهُ إليه نظرَ رحمة.
ولقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم أحبَّ الخلقِ إلى أصحابِهِ، وما كانوا يقومونَ له لِما يعرفونَ من كراهيتِهِ ذلك.
وهنا لابدّ من التفريق بين التوجيه للوافِد وبين القائم، فمن كان من شأنه -كما هو عادة بعض الملوك والأمراء- بأنه يلزَم الناس بقاؤهم واقفين كالخشب المسندة حتى يجلس ويتكرم مشيرا إليهم بالجلوس فهذا الممقوت المتكبر الذي شمله الحديث، وأما ما ألفه الناس من القيام من باب السلام والاستقبال فكثيرٌ من العلماءِ يرى أنّه لا بأسَ بالقيامِ لاستقبالِ الضّيفِ الدّاخلِ والسّلامِ عليه، لا سيّما في المجتمعاتِ التي جرت العادةُ فيها بذلك، وَلا حرجَ كذلك في القيامِ لأهلِ الفضلِ والعلمِ وللأمراءِ واستقبالِهم من باب احترامِهم وإظهارِ مكانتِهم، وكذا للوافدِ من السفرِ للقائِهِ وتهنئتِه.
لأنّ النبي صلّى الله عليه وسلم أمر الصحابةَ بالقيامِ لاستقبال سعدِ بنِ معاذٍ حين جاءَ ليحكم في بني قريظة، وكان صلّى الله عليه وسلّم يقوم لفاطمةَ إذا قَدِمت عليه وهي تقوم له كذلك، ولقد قامَ طلحةُ بن عبيد الله لكعبِ بن مالكٍ ليهنّئَه بتوبةِ الله عليه، وكان ذلك بحضور النّبي صلى الله عليه وسلم.
وأما ما يفعلُه البعضُ اليومَ حينَ يدخلُ الضيفُ فيقومُ أكثرُ الجالسينَ لاستقبالِهِ، وَيبقى واحدٌ أو أكثرُ جلوساً مستدلّينَ بهذا الحديثِ، فليسَ هذا من الفقهِ في شيءٍ، ولا سيّما حين يكون الدّاخلُ كبيراً والجالسون شباباً أو صغاراً، بل هذا من قلّةِ الاحترامِ والتّوقيرِ ومن قلّةِ العلمِ والحكمة.
طريقة مقترحة للتطبيق:
أخي وأختي: ينبغي أن يكونَ الواحدُ منّا على أشدِّ الحذرِ من أن يتسرّبَ الكِبْرُ إلى قلبِه، لأنّ الكِبْرَ إذا نبتَ في القلبِ تَجذّرَ وَصَعُبَ اقتلاعُهُ منه.
وفي المقابلِ فإنّه يجبُ أن نلزمَ جانبَ الحكمةِ في تطبيقِ ما نتعلّمُه من السّنةِ ونشرِه بينَ النّاس، فإنّ البعضَ يبني الحواجزَ بين النّاسِ وبينَ السّنّةِ بحماسِهِ الزّائدِ والمترافقِ بسوءِ التّقديرِ وضعفِ الحكمة، فيسيءُ من حيثُ يظنُّ أنّه يُحسِنُ، ويُنفّرُ من حيثُ يظنُّ أنّه يدعو.