#خطبة_الجمعة
#الشيخ_محمد_أبو_النصر
وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين
🕌 أحد مساجد ريف حلب المحرر.
⏱ المدة: 26 دقيقة.
التاريخ: 6/جمادة الآخرة/1441هـ
الموافق: 31/كانون الثاني/2020م
🔴 الأفكار الرئيسة في الخطبة الأولى:
1️⃣ حال المؤمنين وحال المنافقين عند اقتراب العدو.
2️⃣ التوكل الحقيقي على الله.
3️⃣ أثر الوعود الكاذبة من الأصدقاء في تحطيم المعنويات.
4️⃣ اعتمد على حرارة إيمانك.
5️⃣ وهَّمُونا بأننا جيش نقابل جيش العدو، وخيرنا في قتال العصابات من شارع لشارع.
🔴 الأفكار الرئيسة في الخطبة الثانية:
6️⃣ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها… جاهد بأي فعلٍ أو شيء تستطيعه.
7️⃣ آيات الله للأمم والشعوب لتذكر بعظمة قدرة الله.
8️⃣ جزاء من خذلوا إخوانهم.
لتحميل الخطبة كتابيا بصيغة PDF
- ملاحظة: ما بين معكوفتين [ ] فهو شرح مُدرج في سياق ذِكرِ الدليل.
الخطبة الأولى:
الحمد لله ربِّ العالمين، وعدَ عباده المتوكّلين عليه بالكفايةِ والنصرِ والتمكين، فهوّن عليهمُ المشقَة وأوهن بكيده كيد الكافرين، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له المَلِك الحقّ المُبين، وأشهد أنّ نبينا محمّدًا إمام المتوكّلين وقائدُ المجاهدين، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه الغُرِّ الميامين.
أمّا بعد إخوة الإيمان: كلّنا يشاهد ويَسمع ويعيش ما يحلّ بنا في مناطقنا المحررة، نرى جموع الكافرين وقد تكالبت على المسلمين في هذه الديار، ونرى المجاهدين الصادقين الصابرين المؤمنين الثابتين يُعِدّون العُّدة ويذودون عن العِرض والدين، والناس غيرهم -أيُّها السادة- قد انقسموا فريقين ضرب الله تعالى لنا منهم مثلا:
فأمّا الفريق الأوّل فهم الذين قال الله تعالى عنهم: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ * إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) [آل عمران: 173-175].
وأما الصنف الثاني -أيُّها السادة- قفد ضرب الله تعالى لنا عنهم مثلا أيضًا في نفس السورة الكريمة، في الآيات التالية فقال سبحانه وتعالى: (وَلَا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [آل عمران: 176]، قومٌ لم يَعمُر الإيمانُ قلوبَهم تراهم يعبدون الله على حَرف فإذا أتت الفِتنَة والعياذُ بالله نكصوا على أعقابهم، وارتدوا على أدبارهم، وسارعوا بالكفر والعياذ بالله، إنهم لن يضروا الله شيئا، أولئك (الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) [آل عمران: 168]، (قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ)، هذا المُثبِّط المُخذِّل الذي يقول لك: “أنت ستذهب إلى الموت”، طيب أنت الي بتركيا وأنت الي قاعد بالمخيم ادرأ عن نفسك الموت (قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ).
أيُّها الأحبَّة الكرام أيُّها الإخوة الأفاضل: الله تعالى في هذه الآيات الكريمة وجَّهنا إلى مفتاحٍ خطير، وإلى أمر عظيم، مفتاحُ صِدقِ التوّكُّلِ على الله: (َقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) لم يقولوا حسبنا أمريكا ونِعمَ الوكيل، لم يقولوا حسبنا تركيا ونِعمَ الوكيل، لم يقولوا حسبنا قَطَر ونِعم الوكيل… (َقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) أخذوا بالأسباب كما أمر الله (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ) [الأنفال: 60]، ما استطعتم؛ استفرغوا الوَسع والجهد والطاقة والباقي على الله، لم يقل أعدوا لتكونوا أقوى منهم ولكن أعِدُّوا، ثم ماذا؟ ثم وبعد وقبل ذلك يكون حُسن التوّكل على الله لتكون النتيجة: (فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ).
كلّ مرة -أيُّها السادة- لمَّا نبدأ ننفض أيدينا من التعلُّق بغير الله يأتينا مِن شياطين الإنس والجن التي يوحي بعضها إلى بعض زخرف القول غرورا من يريد أن يُعلّق قلوبنا بغير الله، ترامب صرَّح كذا، أردوغان صرَّح كذا، فلان صرَّح كذا، وكلّهم لم يُغنوا عنَّا من الله شيئا.
يُحكى -أيُّها الأحبَّة الكرام- أنّ ملِكًا كان قد رجع ليلا مرّةً إلى قصره وهو يسير بجوار قصره داخلا إليه رأى حارسًا عجوزًا ممن يعمل عنده كبر له سنين طويلة أصابه الهرم رآه في البرد والمطر والثلج واقفا في العراء، قال له: ماذا تفعل هنا؟ قال: أنا الحارس فلان لي ثلاثون عامًا هنا يا سيدي، قال: وبهذا اللباس الرقيق كيف تستطيع أن تجلِسَ تحت البرد والمطر؟ قال: أعانني الله، قال: إذا سأدخل إلى القصر وأرسِلُ لك معطفًا سميكًا وثيابًا غليظةً تُعينُك على هذا الثلج، دخل الملك إلى قصره فانشغل بمَتاعِ قصره وانشغل بشؤونه ونسي الحارس، فلما أصبح الصباح خرجوا فوجدوا الحارس قد تجمّد ومات من البرد وكتب ورقة صغيرة قبل أن يموت قال فيها: “يا سيدي في كلّ ليلة كنت قد أعدت نفسي لتحمل البرد فكان دفء قلبي يعينني وكنت أثبت ثلاثين عاما، فلمّا تأمّلت بك خَبَت نار قلبي فتجمدت أطرافي ولم تُرسِل لي الثياب”. هذه القصة -أيُّها السادة- مما يعلّمها الكفار لأولادهم وليس المسلمين، مما يعلّمه الكفّار لأولادهم: “اعتمد على حرارة قلبك”، ونحن المسلمون نقول: “اعتمد على حرارة إيمانك”.
اليوم -أيُّها السادة- نحن أكثر عددًا وأكثر عُدَّة وأكثر عتادًا وأكثر ذخيرةً عمَّا كُنا عليه قبل سنوات قبل ثماني سنوات، لماذا نتراجع؟ لأن الهزيمة -أيُّها الأحبَّة- بدأت من أنفسنا لأن توكُّلَنا وتعلُّقَنا الكُلَّي غدا على غير الله، لأننا أخذنا بالأسباب فإذا بنا نعبدُ الأسباب ونتوكَّلُ على الأسباب أكثرَ مِن مُسبِّب الأسباب سبحانه، التوكل -أيُّها الأحبَّة- يقلِب الموازين ويفتح المُغلَقات ويذلِّل الصِّعاب أمام من أخذ بالأسباب ولم يعبد الأسباب. يقول الإمام ابن القيم رحمه الله: “فالتوكل من أعظم الأسباب التي يحصل بها المغلوب ويندفع بها المكروه، من أراد النصر والظفَر فليتوكل على من بيده ذلك (إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ) [آل عمران: 160]، الله إن ينصركم فلا غالب لكم (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) [آل عِمران : 160]. لا على أردوغان ولا على أمريكا ولا على ترامب ولا على غيرهم أيُّها الأحبَّة.
هناك -أيُّها السادة- ما زال بيننا شبابا متوكلون وإخوان صادقون، قال لي أحدهم: أسأل الله يا بني ألا تندموا يوما، قلت له: لن نندم إن شاء الله وحدنا سنندم جميعا، قال لي: على ماذا؟ قلت له: ليس على الثورة إن شاء الله بل على أجرة السيارة الي نقلت فيها عفشك في اليوم الذي سترجعه إن شاء الله إلى هنا، قال لي: أموقن بذلك؟ قلت له: والله عندي يقين بالله في ذلك عندي يقين بالله إنك بدك تندم على أجرة السيارة الي نقلت فيها عفشك لأننا بإذن الله نثق بالله أولا ونثق بالمجاهدين الصادقين ثانيا.
لما ترى المثبطين المُحبِطين الله عزّ وجل علّم نبيّه قال (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلً) [النساء: 81]، لما تدعوا الناس لما يصلح حالهم ويقابلونك بالصدود جهلا واستكبار تذكر قول الله لنبيه (فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) [التوبة: 129].
أيُّها السادة، أيُّها الأحبَّة، لابدّ لنا إن أردنا أن نغيّر المعادلة أن نعيدها كما بدأناها في كلّ قرية في كلّ منطقة شباب صادقون على الله متوكلون وبالله مستعينون يكمنون لعدوّهم، استدرجتنا الدول إلى وهمٍ لا طاقة لنا به، وهَّمونا أننا غدونا جيشًا وطلبوا منّا أن نقابل جيشا بجيش وليس عندنا مدفعية كمدفعيته ولا طيران كطيارنه، وهمونا بهذا لكيلا نعود كما كنّا إلى حيث نصرنا لمّا كنا نقاتل من شارع إلى شارع ومن بناء إلى بناء، معي بندقية ومع عدوي بندقية، وهنا تظهر المراجِل وهنا يظهر الفرق فقط في الرجال، أرادونا أن نبتعد مسافة يكون هو متوفقًا علينا والآن -أيُّها الأحبَّة- سترون كيف بعونِ الله تعالى إن لم تساعد قرى إدلب المتباعدة على هذا فمدننا في أرياف حلب تعين على ذلك، بل حلب نفسها ستعيننا على ذلك وغير حلب -أيُّها الأحبَّة- وبإذن الله يقيننا بالله (قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) [التوبة: 51]، الله -أيُّها الأحبَّة- ضمن معيَّته ومحبَّته لمن توكلوا عليه (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) من توكَّل على الله حقّ التوكُّل وطهَّر قلبه من التعلُّق بالأغيار عصَم نفسَه من تسلُّط الشياطين، (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) [النحل: 99-100]، نعم الذين تولون شياطين الإنس والجن ويعتقدون بها أكثر من اعتقادهم بالله أولئك الذين يدبّ الخور في نفوسهم وتتغلغل الهزيمة في معتقداتهم وفي قلوبهم لأنّهم توكّلوا أصلا على شياطين الإنس التي لا تنفع، أمّا المجاهد الصادق، أمّا المجاهدون الصادقون، أمّا القرية التي تريد أن تدافع عن دورها وأعراضها فأولئك -أيُّها السادة- يمدّهم الله بمدده ويعينهم بمعونته، في كلّ صلاة نقف أمام الله تعالى نقول إيّاك نعبد وإيّاك نستعين، فنخرج من المسجد فإذا بنا والعياذ بالله تنشغل أذهاننا بالتوكّل على غير الله، وبالاستعانة بغير الله، ويكون آخر ما نحسبه -أيُّها السادة- هو التوكّل على الله، لذلك النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- لما علمنا دعوة المكروب ذكرتها لكم في المرة الماضية علمنا أن نقول “اللهم رحمتك نرجو فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين وأصلح لنا شأننا كله لا إله إلا أنت”.
رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- علّم المجاهد الصادق الذي أعد واستعد وحمل سلاحه أن يتبرأ من سلاحه قبل المعركة يقول: “اللهم أنت عضدي ونصيري بك أحول وبك أصول وبك أقاتل أتبرأ من حولي وقوتي وعدتي وعتادي إلى حول الله تعالى وإلى قدرته وإلى قوته وإلى عونه ومدده”. (وَقَالَ مُوسَىٰ يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ * فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) [يونس: 84-85].
رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه فيا فوز المستغفرين.
الخطبة الثانية:
الحمد لله وكفى، وصلاةً وسلامًا على عبده الذي اصطفى، عباد الله، خيرُ الوصايا وصيّةُ ربِّ البرايا: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) [النساء:131]، فاتقوا الله عباد الله، فبتقوى الله العِصمة من الفتن، والسلامة من المِحَن، واعملوا -أيُّها الأحبَّة- أنّ الله تعالى تعبدنا ببذل الوَسع والاستطاعة وببذل الجهد قال تعالى (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) [البقرة: 286]، ستسأل أيُّها المسلم عن وسعك واستطاعتك، ستسأل أيعقل أن تعجز أن تقدم شيئا ولو أن تُعبِّئ قناني الماء الفارغة لإخوانك؟! ولو أن تعبِّئ لهم المخازن؟! ولو أن تحفر حُفرة في يوم من الأيام ستولِّي أنت وعيالك وسيبقى فيها من يرابط هنا ويختبئ فيها ويكمن للعدو ويكون مَقتَلُ العدو… ليس هنا، إن شاء الله سيكون مقتل العدو في دياره ولن يصل إلى هنا وعندنا يقين بالله أنّه لن يصل، سألني أحدهم دائما يكثر الناس السؤال: يا شيخي سيصل العدو؟ لن يصل، نقول له نحن نبذل الوسع والاستطاعة والحرب كرّ وفر وعلى الله قصد السبيل.
النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يوم مؤتة أرسل ثلاثة آلاف ليقاتلوا مئة ألف، النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أرسلهم لمقتلهم؟ لا، النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- علم بما علّمه الله أن هذا فيه نصر وفيه عزّ لأنّك إن انسحبت أمامه الآن إن انسحبت وين بدك تروح؟ ستجتمع في مخيمات على الحدود لكي بعد ذلك تعود ذليلا منكسرًا ولكي يُذبح الناس كالنعاج، أما لو قاتلت وقاومت وصمدت بإمكانيات الآن أكبر بكثير مما كان لدينا سابقا، يا إخواني أنا حضرت تحرير هذه المنطقة، حضرت من معارك خان العسل ومدرسة الشرطة حتى الفوج 46 الآن عندنا سلاح وذخيرة وعُدة وعتاد ولكن يعوزنا صدق التوكل على الله، يعوز البعض لأنني أرى في المقابل شبابا متوكلين على الله مستعينين بالله لا ييأسون، أنت تجلس تبكي وتنتحب وغيرك يبيت طيلة الليل يعمل ويجتهد.
هو الحقّ يحشد أجناده ويعتد للموقف الفاصل
فصفّوا الكتائب آساده ودكّوا به دولة الباطل
نبيّ الهدى قد جفونا الكرى وعشنا الشهي من المطعم
دُعاة إلى الحقّ لسنا نرى له فِديةً دونَ سفكِ الدم
كلّ منا يبايع الله ورسوله في كلّ صلاة ولكن قليل هم من يثبتون على البيعة، قليل هم من يثبتون على هذه البيعة، تأتي هذه الفتن وتأتي هذه المحن ليميز الله الخبيث من الطيّب، يَميزُ الله الخبيث من الطيب، يَظهرُ صاحب الإيمان، ويَظهَرُ مَن إيمانه لقلَقَةُ لِسان، مَن كَلامه كَلام وإيمانه فِعال، يميز الله الناس في مثل هذه الأوقات (إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا) [الأحزاب: 10-11]، ماذا كانت العاقبة -أيُّها السادة؟ أرسل الله جنده جنود الله التي لا يعرفها إلا هو (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ) [المدَّثر: 31]، ما ترون الآن الناس تنظر للأسباب وتنسى مسبب الأسباب، هذه الصين التي جمعت مليون مسلم بمعسكرات اعتقال وفرغت مدنها مليون مسلم الآن مدن كاملة فيها عشرات الملايين في الصين ما فيها رجل يسير في الطريق هي حاصرت نفسها ضربوا عليها حصار عسكري وحكموا بالقتل على كل واحد يحاول أن يهرب منها لكيلا ينقل فايروس كورونا وينتشر أكثر.
من قصَّر عن نُصرَةِ إخوانه وتركهم يتزلزلون بقنابل العدو زلزل الله الأرض من تحتهم لكي يقول لهم “الله موجود الله حاضر وبقوة حيّ باق قيّوم قيّوم السماوات والأرض، تتركون إخوانكم تتزلزل الأرض من تحتهم كلّ دقيقة وكلّ ثانية ذوقوا بعض ما عند الله لكي تعرفوا ماذا يذوق إخوانكم يا من تظنون أنّكم إن خذلتم إخوانكم المسلمين ستَأمنون”، (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ)…أمريكا التي تسمي نفسها القوة العظمى التي لا تقهر كلّ سنة، كلّ سنة، كلّ سنة، يرسل الله عليها أعاصير تُدمِّر مُدنًا كاملة بتدبير أقوى مما تفعله القنابل الذرية، لكي يُرِيَ الناس أنّ قوة الله تعالى أقوى من كلّ قوة، والخيار عندك يا إنسان إما أن تبذل المستطاع وتتوكل على الحقّ القيوم الديّان الواحد الأحد، وإمّا أن تُعلِّق قلبك بشياطين الإنس والجن وبفلان وفلان تعتمد عليه أكثر من الله، فتكون هزيمتك، وتكون خسارتك، وتتجمّد كما تجمّد الحارس الذي انتظر معطف الملك الذي دخل قصره ونسي ذلك الحارس، اختر لنفسك الطريق والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والله عزّ وجلّ غالب على أمره ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون، إنّي داع فأمنوا.