#خطبة_الجمعة
#الشيخ_محمد_أبو_النصر
الانهيار
المسؤولون والأسباب
🕌 أحد مساجد ريف حلب المحرر.
⏱ المدة: 23 دقيقة.
التاريخ: 9/ربيع الأول/1441هـ
الموافق: 22/تشرين الثاني/2019م
🔴 الأفكار الرئيسة في الخطبة الأولى:
1️⃣ صراع الحضارات.
2️⃣ خلاصة دراسة آرنولد توينبي.
3️⃣ دور القمة في الانهيار ومسؤولية القائد.
4️⃣ دور القواعد في الانهيار.
5️⃣ الظلم مدمر الأمم والدول.
6️⃣ دور القواعد في إصلاح الرؤوس، ومسؤولية ذلك.
7️⃣ التكافل الاجتماعي في هذه الظروف الصعبة.
🔴 الأفكار الرئيسة في الخطبة الثانية:
8️⃣ قصف حلب واستهداف المؤمنين الآمنين.
لتحميل الخطبة كتابيا بصيغة PDF
- ملاحظة: ما بين معكوفتين [ ] فهو شرح مُدرج في سياق ذِكرِ الدليل.
الخطبة الأولى:
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعين به ونستهديه ونستغفره ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا وسيِّئات أعمالنا، من يهدِ اللهُ فهو المهتد، ومن يُضلِل فلن تجد له وليًّا مُرشِدًا، وأشهد ألَّا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ نبيَّنا مُحمَّدًا عبدُه ورسوله وصفيُّه وخليله، أرسله ربُّه بالهدى ودين الحقِّ ليُظهره على الدين كُلِّه ولو كرِه المشرِكون، فصلوات ربِّي وسلامُه عليه وعلى آل بيته الطيِّبين الطاهرين وأصحابه الغُرِّ المُحجَّلين ومن سار على دربهم واهتدى بهُداهم إلى يوم الدين. أمّا بعد إخوة الإيمان:
يحار الإنسان في مثل هذه الأيام عمّا يتكلم به أو يتحدث عنه، وما هذه الحيرة -أيُّها الأحبَّة- عن قِلّة في الأفكار ولا في المواضيع وإنّما هي عن كثرة المُدلهمّات والخطوب، التي عظُمَت وكثُرت حتى حارَ المرء فيما يتكلم!!
وأنا أحضر للقائي معكم وأستعرض في ذهني مجموعة من الأفكار أريد أن نتحدث عنها اضطررت لأن أراجع كتابا أُدَرِّسه لمجموعة من الطلاب فيه ملّخص عن نظرية “آرنولد توينبي” في فهم التاريخ. “آرنولد توينبي” -أيُّها السادة- سياسيٌ بريطاني، وُلِد في الرُّبع الأخير من القرن التاسع عشر، ومات بعد منتصف القرن العشرين، فشهد الأحداث الكبرى والتحوّلات العالمية الخطيرة، شهد الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية وحتى بداية الحرب البادرة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي. هذا السياسي وهو يتابع هذه الأحداث أراد أن يكتب في التاريخ وأن يستنبط من التاريخ خلاصة في قيام الحضارات والأمم وانهيارها، فألّف كتابا أسماه “دراسة في التاريخ” استغرق في تأليفه أربعين سنة.
وبعد أن ألّف كتابه -أيُّها السادة- وصلَ إلى خلاصةٍ أُلخِّصها لكم ببضع جُمَل.
هذا الشخص -أيُّها الأحبَّة- بعد أن درس التاريخ ومرّ بكلّ ما ذكرنا من التحوّلات العالمية العظمى قال لنا:
- أوّلا ما ترونه من صراعات بين الدول في الحقيقة ليس صراعا على مستوى الدول فقط إنّما هو صراع حضارات، لذلك قد تختلف أمريكا مع الدول الأوروبية، لا تريد من يكون أقوى منها ولكنّه صراع مرحليّ ليس صراع وجود وليس صراعا استراتيجيا، أمّا صراعهم مع تركيا فهو أمر مختلف كليّا لأنّ تركيا وريثة حضارة إسلامية، هناك كثير من الدول أقوى من تركيا ولكنّهم من نفس المنظومة الحضارية الغربية، أمّا متى كانت الدولة المنافسة من منظومة حضارية أخرى فهي عدوّ خطير يجب أن لا يكبر وألا يتمدد، وأخطر الأعداء بالنسبة للمنظومة الغربية هي الدول وريثة الحضارة الإسلامية، كلّ مَن في يومٍ من الأيام يُتوقَّع أن يتمسكوا بدينهم أو يعودوا لدينهم فهم خطر.
لذلك لمّا تقرأ ما كتب الكُتَّاب الغربيون عن صراع الحضارات تراهم يهمّشون مثلا الحضارة الصفراء التي تمثلها الصين، لا يهتمون بها، يقولون تلك الحضارة القائمة على معتقدات وثنية مهما بلغت من العلم والتكنولوجيا فهي لا تملك مجموعة قيم تستطيع أن تنافس المنظومة الغربية، والخطر الأكبر هو منظومة الحضارة الإسلامية منظومة المسلمين.
- “آرنولد توينبي” لخّص لنا الفكرة قال بعدما سبر التاريخ بأربعين سنة قال: واحد الصراع صراع حضارات، اثنان هذا صراع الحضارات يظهر من خلال صراع الدول وهذا الصراع لابدّ أن تقوده النخبة في كلّ مجتمع، هذه النخبة تدعو لأفكار إيجابية ولقيم جذّابة فيلتف الناس حولها فتقود الصراع، فتعرِضُ لها أخطر فتنة: هي فتنة المال والسلطة، فإذا وقعت النخبة المتصدِّرة للقيادة في فخ فتنة المال والسلطة انعزل الرأس عن الجسد، وانفكت الحاضنة عن القيادة، وسقط الرأس وانهار الجسد، ويأتي بعد ذلك الاستبدال ليأتي قوم آخرون بعد ذلك.
هذا الكلام -أيُّها السادة- الذي لخّصه آرنولد توينبي بعد أربعين سنة دراسة يكتب فيها التاريخ، الله تعالى ربُّ الأرباب ومسبّب الأسباب أكرمنا نحن المسلمين بكتاب أنزله على نبيّه محمّد الذي ما ينطق الهوى إن هو إلا وحي يوحى أعطانا فيه كلّ هذه الخلاصة جاهزة من 1400 سنة:
- فالله تعالى حدّثنا في القرآن عن حتمية التدافُع، فما بقيت الدنيا سيبقى الصراع والتدافع: قال تعالى: (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ) [البقرة: 251].
- الله تعالى أخبرنا عن مسؤولية القيادة والنخبة في انهيار كامل المجتمع (وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا) [الإسراء: 16].
- الله تعالى لكيلا لا يتوّهم مُتوّهم بأنّ النخبة والقيادة فقط هي التي تكون مسؤولة على الانهيار نبهنا إلى دور القاعدة أيضًا، فأخبرنا عن حال ومصير من يسكتون على الفاسدين ويرضون بالظالمين (وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ * إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَٰلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ) [البقرة: 165-167].
- الله تعالى أخبرنا عن فرعون قال: (فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ) [الزخرف: 54]، المسؤولية أوّلا تتحمّلها النخبة وثانيا يتحمّلها الجسد -أيُّها السادة- ولكنّ الفساد الأخطر هو فساد الرأس لأنّ الرأس إذا جُنّ والعياذ بالله لم يعد للجسد قيمة، ترى رجلا طويلا عريضا قوّيا شديدا إذا فقد عقله ماذا يُنتفع منه؟! والجسد أيضا -أيُّها السادة- يتحمّل مسؤولية لأنّ تلك الدودة التي نخرت في الرأس لم تأت اليد لكي تنتزعها من الرأس الذي فسد.
- هذا الرجل بعد أربعين سنة كتب أشياء الله تعالى علّمنا إيّاها جاهزة في كتاب الله ووجّهنا إليها وحذّرنا منها وقال لنا بأنّ أشدّها خطرا هو الظلم (وَتِلْكَ الْقُرَىٰ أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا) [الكهف: 59]، هل سيظِلُم الجميع، وسيشاركون مباشرة في الظلم؟ لا بالتأكيد، سيظلِمُ البعض ولكنّ الجميع سيهلِكون بسكوتهم على ظلم البعض، الله عزّ وجلّ أخبرنا عن قوم ثمود (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا * إِذِ انبَعَثَ أَشْقَاهَا * فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا * فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا * وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا) [الشمس: 11-15]، كلّ قوم ثمود نحروا الناقة؟ كلّ قوم ثمود قتلوا الناقة؟ بالطبع لا، ولكنّ هناك طُغمة، فئة، دائرة قليلة، نحرَت الناقة وباقي ثمود جلسوا يتفرّجون على من يذبح الناقة؛ فدمدم عليهم ربهم جميعا بذنبهم فسوّاها ولا يخاف عقباها.
إذا -أيُّها السادة الكرام- خلاصة هذه الفكرة التي أردت أن أنقلها لكم بأنّ صراعنا ليس صراع مصالح آنيّة إنّما هو صراع حضارات، راية الحضارة الغربية في يوم من الأيام كانت ترفعها بريطانيا سلّمتها لأمريكا من بعدها، كلّهم منظومة حضارية واحدة لا يخافون إلا من منظومة الحضارة الإسلامية فسيسعون لإفشال أيّ مخطط حضاري إسلامي.
النقطة الثانية: لابدّ للناس من نخبة تقودهم ولكن لابدّ للناس أن يساهموا في صلاح نخبهم وأن يعينوهم على الحقّ، بعض الناس يكونون حجرة عثرة في وجه النخبة يعني سموّه السيد معارض إن عملوا خير معارض وإن عملوا شر معارض، نحن المسلمون وجّهنا الله تعالى وجّهنا نبيّه أنّ من تولّى أمرنا إذا فعل خيرا نمدحه ونثني عليه ونعينه على الحقّ ونضع خلافنا الشخصي معه جانبا، وإذا أساء وقصّر أخذنا على يده وأمرناه بالمعروف ونهيناه عن المنكر، ولو كان أخانا وحبيبنا وصديقنا.. لأنّ النخبة إذا دبّ فيها الفساد ينهار المجتمع ويسقط الرأس ويسقط الجسد ويدبّ التنازع (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) [الأنفال: 46]،.
عندما نتحدث -أيُّها السادة- عن الرأس ذكرنا دور الجسد في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولكن لهذا الجسد دور آخر خطير يتجاهله كثير من الناس ألا وهو أن يرعى بعضه بعضا، هذه اليد عندما يصيبها الأذى فأنت ستنزع عنها الأذى بيدك نفسها؟! بالطبع لن تستطيع… لابدّ لليد الأخرى من أن تنزع عنها الأذى، إذا هذه اليد أصيبت بمرض هل تستطيع هي أن تضمد نفسها؟ لابدّ لليد الأخرى أن تضمدها، وهذا دور الجسد في رعاية الجسد، وهذا ما يُسمى بالتكافل الاجتماعي.
وها هو الشتاء يأتينا ولعلّه -نسأل الله السلامة- قد يكون من أشدّ الشتاءات التي أتتنا قسوة في حال الوضع الاجتماعي والاقتصادي الذي نعيشه؛ وقد قلّت الموارد وارتفعت الأسعار وجنّ الدولار وقلّت المحروقات…. ورسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “ما آمن بي من بات شبعان وجاره إلى جنبه جائع وهو يعلم به”. [رواه الطبراني في الكبير والحاكم في المستدرك وصححه الألباني في الأدب المفرد]، تنام شبعان وجارك إلى جنبك جائع وأنت تعلم به، ما آمن بي من فعل ذلك، لم يعرف معنى الإسلام، ولم يعرف معنى الإيمان، ولم يعرف معنى أنّ المسلم للمسلم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أخبرنا عن قوم، عن قبيلة الأشاعرة، منهم أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه- فقال روحي فداه مادحا لهم: «إنَّ الأشعرِيين إذا أَرملوا في الغزو، أو قلَّ طعام عِيالهم بالمدينة، جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموه بينهم في إناءٍ واحد، بالسويَّة، فهم مِنّي وأنا منهم». [صحيح البخاري ومسلم]، يمدح رسول الله فعالهم إذا قلّ طعامهم وقلّ طعام عيالهم كانوا يجمعون كلّ ما عندهم ويأتون بإناء واحد -كيلة واحدة متساوية- يكيلون للجميع، فيجوعون معا ويشبعون معا، أمّا أن يبيت الإنسان على شِبع، بل على تُخمة، وجاره إلى جواره جائع فأين هذا من الإسلام؟! وأين هذا من الإيمان؟! وأين هذا من قوله تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) [التوبة: 71].
الولاية -أيُّها السادة- كما تقتضي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للرأس والجسد، تقتضي أيضا التكافل والتعاون والتناصح وأن يعين بعضنا بعضا على هذه الشدة، فوالله -أيُّها السادة- والله الذي لا إله إلا هو نحن في بلاد الشام نسد ثغرا عن الأمة المحمّدية وسنلقى الله تعالى يوما وسنقول له كنا رأس حربة تقاتل عن أمة الإسلام، وانظروا اليوم -أيُّها السادة- عندما يخرس إعلام الأنظمة وتنطق ألسنة الشعوب رأينا كيف خرج الشعب العراقي يرفع راية الثورة السورية ويرفع الرايات تمجيدا بجهاد الشعب السوري، ورأينا كذلك الشعب اللبناني الذي كان يُصدَّر لنا على أنه يحارب السوريون ويعاملهم بعنصرية ويُريد أن يَطرد اللاجئين، لمَّا خرج الشعب ونطق بلسانه الحقيقي في المظاهرات رأيناهم كيف يُحيُّون الشعب السوري ويرفعون راية الثورة السورية ويمدحون هذا الشعب، لأننا هنا فيما تبقى لنا من حيز الثورة -وأنا لا أتحدث عن أماكن أخرى لم تعد فيها ثورة أتحدث عن المكان الذي تقوده مبادئ الثورة والجهاد- نحن هنا نقاتل عن الأمة فلابدّ أن نسعى بصلاح هذا المقاتل، هذا المقاتل له رأس لابدّ أن نسعى في إصلاحه أمرًا بالمعروف ونهيًا عن المنكر، وإذا أصابته لوثة أو دودة نُخرِجها منه لكي نُصلِحه لا لأننا نكرهه لذاته، لا بل لخير الرأس والجسد.
وهذا الجسد أيضًا، لابدّ للرأس أن يسعى في صلاحه، ولابدّ للجسد أن يسعى في صلاح بعضه بعضا حتى نستمر في ثباتنا وفي مقاومتنا وفي رفعنا لرايتنا حتى يكتب الله لنا نصرا يُعِزّ به أولياءه وذُلًا يذل به أعداءه شاء من شاء وأبى من أبى طال الزمان أو قصر، فلسنا خيرا من النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وهو الذي احتاج سنوات طويلة حتى فتح الله له الفتح المبين، اللهم افتح لنا فتحا مبينا، وانصرنا نصرًا عزيزًا، ودبّر لنا فإنّا لا نحسن التدبير، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه فيا فوز المستغفرين.
الخطبة الثانية:
الحمد لله وكفى، وصلاةً وسلامًا على عبده الذي اصطفى، عباد الله، خيرُ الوصايا وصيّةُ ربِّ البرايا: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) [النساء:131]، فاتّقوا الله عباد الله، فبتقوى الله العِصمة من الفتن، والسلامة من المِحَن.
قبل أن أختم كلامي -أيُّها الأحبَّة- وقد أسلفت بأن المُدلَهِمّات والخطوب كثيرة والوقت لا يتسع أن يعلّق المرء عليها جميعا، أوّد أن أنبّه على أمر خطير وقع فيه بعض الشباب الصغار المتحمسين بعيدا عن الحقّ وبعيدا عن الواقع وبعيدا عن الصدق ولكن قد يستخدمه العدوّ دعاية ضدنا ألا هو أنّ بعض أولئك الشباب دائما يتحدّث أو يذكر بأننا سنقصف حلب أو غير حلب أو ما شابه ذلك، يا إخواني النساء والأطفال من الكفَّار الحربيين نُهينا عن قتلهم فلا نستهدفهم بقتل، وحتَّى إن بيَّتنا الكفَّار في معاقِلهم بالقصف فنحن نتحرى قدر المستطاع أن لا نقتل امرأة ولا طفلا، أفيُعقَل لمسلم أن يتعمَّد قصف المسلمين؟!!
لذلك ما ترونه مما يكتب على الفيس كلّه من ترويج أعدائنا، من ترويج النظام المجرم، ممكن بعض الشباب عندنا الصغار المتحمسين يكتبون ذلك، ولكنّ هؤلاء الشباب الصغار ليس بيدهم ولا بأمرهم لا تحريك المدفعية ولا تحريك الصواريخ، عندما نقصِف فإنّما نقصف معاقل عسكرية ونقصف عدوّنا، أيعقل لمسلم موّحد أن يترك جبهة الساحل وما فيها من ثكنات عسكرية للنصيرية الحاقدين المجرمين ويأتي لكي يقصف حلب السنية التي تريد إيران أن تفرغها مما تبقى من سكانها السنة لكي تكون هذه حصتها؟؟!! أيفعل ذلك مؤمن موّحد إلا إن كان عميلا أو غبيًا؟! ونحن ننزّه مجاهدينا عن ذلك.
لذلك ما تسمعونه من إشاعات فهذا من ترويج النظام، النظام بعد أن فعل جريمته التي أخذت صدى كبيرا حيث أنّه استهدف مخيمات بصاروخ وقتل عشرات الناس، دائما حفظنا لعبته، متى فعل هكذا جريمة يأتي هو بمدفعيته المنتشرة في محيط حلب فيقصف أهل حلب، وأهل حلب بالنسبة له لا قيمة لهم، يعني مهما قُتِل لا قيمة لهه عند هذا النظام الطائفي، هو يريد كان أن يفرع المدينة من سكّانها ولم يستطع، فيأتي فيقصفهم ويدّعي بأنّ المجاهدين هم من يقصفون المدنيين في مدينة حلب، هل يعقل لمجاهد أن يأتي فيقصف المدنيين المسلمين السنة في حلب ويترك النصيرية والطغاة ويترك جبهة الساحل فارغة من غير قصف وهي مليئة بالثكنات! أنا قلت إذا حصل ذلك لن يفعل ذلك إلا غبي أو عميل، ولكن ما يحدث في الحقيقة هو من النظام المجرم يفتعل هذه الأحداث لكي يغطي عورته ولكي يستر سوءته أمام الإعلام العالمي مدعيًا أنّ المجاهدين هم من يضربون المدنيين وهم من يستهدفونهم، وما يكتبه بعض الشباب الصغار المتحمسين على الفيس بوك أو غيره فهؤلاء شباب صغار نعلّمهم ونؤدبهم ونفهمهم أنّ في ديننا المرأة والطفل إذا كانوا كفارا محاربين لا يصح تعمّد قتلهم إلا إذا حصل ذلك بالخطأ؛ كأن كانوا قرب مكان عسكري وما شابه ذلك.
لا تأخذكم الدعايات في زمن تكثر فيه الإشاعات، وبئس مطية الرجل زعموا، بئس مطية الرجل زعموا (أي: هكذا قالوا)، هذه هي، تتحمل أنت مسؤولية نشرها، لا تنشر إلا ما تتأكد منه وما تعرفه يقينا، وأمّا غير ذلك فلا تترك مجالا للمرجفين ولا للعملاء لكي ينشروا هذا الكلام عنا، ولكي نظهر كأننا نحن من يتحمل خطيئته وذنبه، نسأل الله تعالى أن يغيّر حالنا إلى خير حال يحبه ويرضاه، إني داع فأمنوا.