⚡️مما كثر الشكوى منه في ثورتنا ذاك التخبط والاختلاط في المهام والوظائف للعاملين في ظلها والقائمين على شؤون الناس فيها، فترى رجلا فاضلا متربعا في ذروة سنام القيادة؛ لا لشيء= إلا لعلمه الشرعي وسابقته الثورية ونزاهة يده، مع أن أمانته وثوريته وعلمه لن تقلب جهالته في القيادة والسياسة علما وفتحا ودراية!
🔸تكلم كثيرون عن احترام التخصص داخل دائرة العلوم ذاتِها، فالطبيب يُمنَع عليه من الكلام بالهندسة من غير سابقة علم، والمختص بالعلوم الإنسانية يتوجب عليه أن يلزم أسوار علمه ولا يتلصص ببصره للعلوم التطبيقية التي لها أهلها الذين أفنوا أعمارهم طالبين لها..
هذا فيما يخص دائرة العلوم، فخارج هذه الدائرة أولى وأحرى، فكم أفسد الأمين التقيّ عندما استلم منصبا عسكريا من أن يكون له دراية بهذا المجال، وكم أساء الشرعي عندما تكلم في السياسة من طرف لسانه من غير أهلية ولا كفاءة ولا سابق معرفة!
▫️ليس انتقاصا من أي احد أن يلزم ما برع فيه ولا يجاوزه لسواه مهما بدت المغريات قوية والإغواءات شديدة، وليس علم الرجل وقوة بيانه وحِدّة ذكائه كافيةً لأن يكون المرجع في السياسة والعسكرة والإدارة والمعرفة، فما حاز أحدٌ المجدَ من جميع أطرافه.
✨وتأمل معي قول الإمام مالك الذي نُقل عنه: “لقد أدركت سبعين ممن يقول: قال رسول الله، عند هذه الأساطين – وأشار إلى المسجد – فما أخذت عنهم شيئا، وإن أحدهم لو اؤتُمن على بيت مال لكان أمينا، إلا أنهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن”. يقصد شأن الرواية والحفظ والضبط.