#خطبة_الجمعة
#الشيخ_محمد_أبو_النصر
سلسلة الأسرة المسلمة (13)
أسرتُك أمانة
كفى إثمًا أن تُضيِّع من تعول
🕌 أحد مساجد ريف حلب المحرر.
⏱ المدة: 23 دقيقة.
التاريخ: 12/جمادى الأولى /1440هـ
الموافق: 18/كانون الثاني /2019م
🔴الأفكار الرئيسة في الخطبة الأولى:
1️⃣ إنّ الله سائلٌ كلَّ راعٍ عمّا استرعاه حفِظ أم ضيَّع
2️⃣ مسؤولية أهل بيتك مِن أعظم الأمانات
3️⃣ النفقة
4️⃣ التربية
5️⃣ تعليم الدين
6️⃣ متابعة الرِفاق
7️⃣ أمر الحريمِ بالحِجاب
8️⃣ الديوث
9️⃣ إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ
🔴الأفكار الرئيسة في الخطبة الثانية:
🔟 مراجعة أفكار الخطبة ودعاء
لتحميل الخطبة كتابيا بصيغة PDF
* ملاحظة: ما بين معكوفتين [ ] فهو شرح مُدرج في سياق ذِكرِ الدليل.
الخطبة الأولى:
إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه ونستهديه ونستغفِرُه، ونعوذُ باللهِ مِن شرورِ أنفُسِنا وسيئاتِ أعمَالنا، مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا، وأشهد أنْ لا إله إلا اللهُ وحده لا شريكَ له، وأشهد أنَّ نبيَّنا مُحمَّدًا عبدُه ورسولُه، وصفيُّه وخليلُه، أرسله ربُّه بالهدى ودينِ الحَقِّ ليُظهره على الدين كُلِّه ولو كَرِه المُشرِكون، فصلواتُ ربِّي وسلامُه عليه وعلى آل بيته الطيِّبِين الطاهِرين، وأصحابِه الغُرِّ المُحجَّلين، ومن سار على دربِهم واهتدى بِهُداهم إلى يوم الدين، أمّا بعد إخوة الإيمان، يقول الله تعالى وهو أحكم القائلين:
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ)) [الأنفال: 27-28].
لقاؤنا بكم يتجدد أيُّها الأحبَّة، ومازال حديثنا عن الأمانة، تلك الأمانة التي ذكرنا بعض أعلى مراتبها في لقائنا الماضي، يوم تحدثنا عن أمانة الدين، وأمانة العلماءِ حمَلةِ الدين، وأمانة الزعماء والمُترئِسين، وما يتعلَّق بها، ويلوذ بها، وهي أعظم الأمانات، كيف لا وضررُ خيانتها يعمُّ البلاد والعِباد والأمَّة قاطبة!
أمّا اليوم -أيّها الأحبَّة- فسننتقل للحديث عن نوعٍ جديدٍ من أنواع الأماناتِ ومراتِبها، سنتحدَّثُ عن أمانةٍ عظيمة، وعن مسؤوليةٍ خطيرة لا تقلُّ شأنًا عن تِلك، لا تقلُّ شأنًا عن سالِفاتِها… سنتحدَّث اليوم عن أمانةِ الأسرة، عن أمانة العائلة، سنتحدَّث اليوم عن أمانة الرعيَّة التي استرعاك الله إياها في بيتِك، ورسول الله – صلى الله عليه وسلّم- يقول: “إنّ الله سائلٌ كلَّ راعٍ عمّا استرعاه حفِظ أم ضيَّع؟ حتى يسأل الرجُلَ عن أهلِ بيتِه”. [ابن حِبَّان في صحيحه، وقال شعيب الأرناؤوط : رجاله رجال الشيخين وهو مرسل]. فأهل بيت الرجل هم رعيته التي سيُسألُ عنها، فالعيال مسؤولية وأمانة، وستُسأل عن تلك الأمانة والمسؤولية يوم تقف بين يدي الجبار سبحانه وتعالى، ((وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ)) [الصافات: 24]. ستُسأل عن أمانة رعيَّتِك في بيتِك، ستُسألُ عن تربيتهم، ستُسألُ عن النفقة عليهم، ستُسأل عن تعليمهم دينهم، ستُسألُ عن مراقبةِ سلوكهم وتوجيههم، ستُسألُ عن حفظِ أخلاقِهم وأعراضِهم.
وقد رد في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أنّه قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: “كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول”. أن يُضيِّع كلَّ من أمِر بالنفقة عليهم، أن يضيعهم، فيبخل بما يملك، أو يتقاعس عن العمل ويتكاسَل فلا يؤمِّن لهم ما يحتاجون، فلا يجدون بُدًا من سؤال الناس، أو اللجوء لما لا يحِلّ أو لا يليق، فهو إمَّا بخيلٌ ممسكٌ، أو بليدٌ متكاسِلٌ قاعدٌ عن السعي، مضيِّعٌ للأمانة التي استرعاه الله إياها، ورسول الله r يقول: “اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول”، (وابدأ بمن تعول) يعني: ابدأ بالنفقة على نفسك وعلى زوجتك وأولادِك ووالِديك وسائر عيالِك، فهؤلاء أولى من الغريب، بعد ذلك أخرج للغير بحسب قدرتِك.
النفقة على العيال أمانة ومسؤوليةٌ أيها السادة، وأهمُّ من النفقة أمانةُ حسنُ التربية، أمانةُ حُسنِ التأديبِ والمتابعة، فمجرَّد تأمين احتياجاتهم المادية من غيرِ تربيةٍ ولا توجيهٍ ولا تأديب، غِشٌ تغُشُّ به نفسك، وتغُشُّ الآخرين، [أمام الناس الظاهر أنه لا يُقصِّر على عيالِه فهو يؤمِّن لهم كلَّ احتياجاتِهم المادِّية، ولكِنَّه في الحقيقة كان قد قصَّر في تربيتهم، وقصَّر في توجيههم، وقصَّر في تصحيح السلوك الخاطِئ وتعزيز السلوك الإيجابي، فهذا غِشٌ تغشُّ به الآخرين، ولكن أنَّى ينفعُك هذا أمامَ من يعلمُ السِّرَّ وأخفى، أمام من يعلمُ خائنة الأعينِ وما تُخفي الصدور؟! ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: “ما من راعٍ يسترعيه الله رعيةً ثم يموتُ يومَ يموتُ وهو غاشٌّ لرعيّته إلا حرَّم الله عليه الجنة”. ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: “والرَّجُلُ رَاعٍ في أهْلِهِ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأةُ رَاعِيَةٌ في بيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ” [مُتَّفَقٌ عَلَيهِ]. وعليه فمن غشَّ رعيَّته في البيت حرَّم الله عليه الجنَّة، كما مرَّ معنا في الحديث الأول!!
أمانةُ رعيَّتِك في المنزلِ ستُسألُ عنها، ستُسأل إن علَّمت أولادك دينهم أم لم تُعلِّمهم، والله تعالى يقول: ((وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى)) [طه: 132]، ستُسأل يوم القيامة إن علمتهم الإيمان؟ إن علمتهم الإسلام، ((وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ)) [البينة: 5]، ستُسأل إن وجهتهم لمكارِم الأخلاق ولطيِّب الطباع، أم أنَّك ضيَّعت الأمانة وتركتهم هملًا يسيرون على نهج من يرون في التلفزيونات، والقنوات، والجوالات… أربيتهم أم تركتهم لرفاق السوء وصحبة الشوارع يقتبسون منهم ويقتدون بهم؟!
ومن رعى غنماً في أرض مَسبَعةٍ *** ونام عنها تولّى رعيها الأسدُ
ومن رعى غنماً في أرض مسبعةٍ؛ في أرضِ السباع، في أرض المفاسِد والشرور، في هذا الزمن الذي نعيشُه، (ونامَ عنها): ذلك الراعي، ذاك الوليُّ الذي كُلِّف بمتابعة رعيَّته والعنايةِ بها، (تولَّى رعيها الأسدُ): تولَّى رعيها رفاق السوء وأصحاب السوء والفاسِدون المُفسِدون.
ولذلك كان حقًا على الله أن يسألك عن تِلك الأمانة، ستسأل عن الأمانة والتكليف الذي كلَّفك الله إياه عندما قال تعالى وقوله الحق: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)) [التحريم:6].
لمّا أضاع الآباء الأمانة، أصبَح لدينا جيلٌ تنكّر لدينه، وخَرج مِن عقيدته، وتبرَّأ من أهله وعشيرته، وتخلّى عن عاداته، وانخلع من تقاليده، فها نحن نرى قطعاناً من الناشئة، رائحة إلى مدارسها وغادية، لا يعرفون معروفاً ولا يُنكرون منكراً، تغيّرت أفهامهم، وانتكسَت أوضاعهم، وفسَدَت طِبائعهم، وقلَّدوا أعداءهم، فتشبَّهوا باليهود والنصارى، وبالفسَقةِ والفجرة… لا رادعَ لهم من دينٍ ولا أخلاقٍ ولا تربية، ولا أهلٍ يحفظون أمانة الرعيَّةِ التي استرعاهم الله إيّاها!!
نعم أيها السادة، أمانةٌ عظيمة، ومسؤوليةٌ خطيرة، فأين أنت مِن حِفظِ الأمانة، بل أين نحن جميعًا من حِفظِ الأمانة؟!
ترى النساء في الشوارع بالعباءات الضيقة الشفافة، وترى الشابات وقد اصطبغت وجوههنَّ بالمساحيق والألوان، وترى المنقّبات وقد كشفن عيونهنَّ وصبغن حولها بالألوان ليفتنَّ الرجال بها، أليس لهنَّ مِن أب يفتِّش أليس لهنَّ مِن زوجٍ يوجِّه، أليس لهنَّ راعٍ يحفظ الأمانة، والله تعالى خاطب نبيَّه قائلًا: ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا))، ورسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يقول: “ثَلاَثَةٌ حَرَّمَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَيْهِمْ الجَنَّةَ: مُدْمِنُ الخَمْرِ، وَالعَاقُّ، وَالدَيُّوثُ الَّذِي يُقِرُّ الخُبْثَ فِي أَهْلِهِ” [رواه النسائي وأحمد – واللّفظ له – وحسّنه الألباني]. مدمِن الخمرِ والعاقُّ لوالِديه عرفناه، فمَن الديوث؟ الدّيوث الّذي يقرّ في أهله الخُبْثَ، “يُقِرُّ في أهله” أي في زوجته، في ابنته، في أخته، في أقاربه من المحارم ومن غير المحارم، يضيِّع الأمانة التي استُؤمن عليها، أمَّا “الخبث” فقد قال العلماء: هو الزّنا ومقدّماته وكلِّ ما قد يوصِل إليه، من خللٍ في الحجاب، مِعدمِ مراعاةٍ لمن يدخل على أهل بيته، فلاَ يُبَالِي بِمَنْ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِهِ، لا يسألهم أين يذهبون، ومع من يخرجون، لا يأمرهم بالحجاب الصحيح، وكلُّ ذلِك مِن الخُبثِ الذي يُقصِّرُ فيه الرجُلُ الديوث قليل النخوة عديمُ الرجولة!
لا يسأل امرأته مع من وإلى أين تخرج، تغييب عن البيت ساعاتٍ فلا يعلمُ أين كانت، ومع من كانت، فهذا الذي يُقِرُّ الخبثَ في أهلِه، ورضي الله عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالِب -رضي الله عنه– كان يقول للذين فقدوا غَيْرتهم على محارمهم: “ألا تستحيون؟! ألا تغارون؟! يترك أحدُكم امرأته تخرج بين الرجال، تنظر إليهم وينظرون إليها”.
ولكم نرى من هؤلاء الرجال قليلي المروءة وعديمي النخوة في زماننا، يُرسِلُ امرأته إلى السوق لكي تأتي بالخضار والخبز وسائر احتياجات المنزل، وهو جالسٌ في البيت بقُربِ المِدفأة!! أولئك الناس ألا يستحيون؟! ألا يغارون؟! يترك أحدُهم امرأته تخرج بين الرجال، تنظر إليهم وينظرون إليها، من غير بأسٍ فيه ولا بلاء؟!
وقال أيضًا – رضي الله عنه وأرضاه-: “بلغَني أنَّ نساءَكم يُزَاحِمْنَ العلوج في الأسواق، أما تغارون؟! إنه لا خيرَ فيمَن لا يَغار”. لا خير فيمن لا تتحرك غيرته، لا خير فيمن ماتت نخوته وحميَّتُه، لا خير فيمن ضيَّع أمانة عِرضِه وأهل بيته، وأيُّ أمانةٍ أعظم من هذه الأمانة، وأيُّ خيانةٍ أخطرُ من هذه الخيانة؟!!
أُمَّة الإسلام: شباب الأرصِفة والمخدِّرات، أطفال التسكع والسهرات، البنات الخرَّاجات الولّاجات، النساء اللواتي يسرحن ويمرحن في الشوارع والأسواق، أليس لأولئك رجالٌ وآباءٌ يرعون الأمانة، أليس لأولئك رجالٌ وآباءٌ يقومون على مصالحهم، ويخطِمون زمام أمورهم، أم أنهم خُلِقوا بلا راع ومِن غيرِ مسؤول؟!
اتقوا الله أيها الآباء في هذه الأمانة، اتقوا الله أيها الآباء في أمانة الأبناء والبنات والزوجات، اتقِ الله في الأمانةِ التي استُرعيتها، اتقِ الله فيمن أنت راعٍ عليهم، زوجتك وبنوك وأهلك وأرحامك مِمَّن هم عِندك في بيتك، الأيتام الذين في حِجرِك، مِمَّن وكِّلت أمرهم، وولِّيت عليهم، كلُّ أولئك أنت مسؤولٌ عنهم، ستقفُ يوم القيامة لتُسأل بشأنِهم، قال تعالى: ((وقفوهم إنهم مسؤولون))، فاحذر أيها الأب العاقل، احذَر يا راعِي الأسرة أن تتفاجأ يوم القيامة بأنَّ خصومك من أهلِ بيتك، ألم تسمع قول الله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ))؛ كثيرٌ مِن الناس بجهلهم وتقصيرهم يحولون أهل بيتهم إلى أعداءٍ لهم، يعادونهم في الدنيا ويقفون لهم خصوماً وأندادًا يوم القيامة، يقفون بين يدي الجبار سبحانه، يقولون: لم يُعلّمنا، لم يُؤدِّبنا، لم يأمرنا، لم ينهنا عن المعاصي، ولم يمنعنا عنِ الموبِقات… فماذا عساك تقول في لحنِ القول، وبماذا سترُدُّ يوم تنكشف الأستار وتبلى السرائر أمام الديَّانِ سُبحانه وتعالى،
حرّض بنيك على الآداب في الصغر … كيما تقرَّ بهم عيناك في الكبر
وإنما مثـــل الآداب تجمـعها … في عنفوان الصبا كالنقش في الحجر
هــي الكنـــوز التي تنمو ذخائرها … وَلاَ يُخــــافُ عليها حَادِثُ الغِيَرِ
النّـــَاس إثنان ذُو عِلْـــــــمٍ وَمُسْتَمِعٌ … وَاعٍ وَسَـائِرُهُمْ كاللَّغْــوِ والعَكَرِ
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من البيان والذكر الحكيم، أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله وكفى، وصلاةً وسلامًا على عبده الذي اصطفى، عباد الله، خيرُ الوصايا وصيّةُ ربِّ البرايا: ))وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ)) [النساء:131]، فاتَّقوا الله عباد الله، فبتقوى الله العِصمة من الفتن، والسلامةُ من المِحَن… واعلموا أيها الأحبَّة أن ما ذكرناه اليوم أمانةٌ مِن أعظمِ الأمانات، ومسؤوليةٌ مِن أعظمِ المسؤوليات، مسؤوليةُ من استرعاك الله إياهم مِن أهل بيتِك، فرعايتهم واجِبةٌ عليك؛ (النفقة، والتربية، وتعليم الدين، والأمرُ بالصالِحات، والنهيُ عنِ المُنكَرات، وتتبع الرفاق والتوجيه لصحبة الصالحين والمنعِ مِن صُحبة الفاسِدين، وصون الأعراض ومنع أسباب الفساد والإفساد عنهم…) فتِلكَ أعظمُ المسؤوليات، وتِلك أعظمُ الأمانات، وتِلك التي يكون التقصيرُ فيها غِشٌّ يدخُلُ في قول رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم-: “ما من راعٍ يسترعيه الله رعيةً ثم يموتُ يومَ يموتُ وهو غاشٌّ لرعيّته إلا حرَّم الله عليه الجنة”.
أعاننا الله وإياكم على حفظِ ما استرعانا، وسدد إلى الخير خُطانا، إني داعٍ فأمِّنوا.