بقلم: جبهة علماء حلب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد:
فقد تفضل بالإجابة عن حكم هذه المسألة فضيلة الشيخ محمد عبد الله نجيب سالم، وفيما يلي نص الفتوى بعد التعديل وإعادة الصياغة من قبل أعضاء الجبهة:
إن أوضاع المجاهدين تتنوع إلى الأحوال التالية:
أولاً: المقيمين في معسكراتهم ويتوفر لديهم الظل: فهؤلاء حكمهم كغير المجاهدين في وجوب الصيام في حقهم.
ثانياً: المقيمين في معسكراتهم ولا يتوفر لهم الظل ويتسبب لهم الرباط أو التدريب في مشقة غير محتملة تضر بعضو أو نفس: فهؤلاء يبدؤون نهارهم صائمين, ثم يكون أمرهم على حالين:
1- إن حصل لهم عطش شديد أو جوع يخاف منه الضرر جاز لهم الفطر.
2- إن تحققوا الضرر وجب الفطر؛ لقوله تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً}.
ثم يقومون بقضاء الأيام التي أفطروا فيها في وقت مناسب.
ثالثاً: الخارجين في عملية عسكرية لمواجهة العدو: فهؤلاء يجوز لهم الاختيار بين أمرين:
1- الصيام وإتمام الفريضة.
2- الفطر والتقوي على العدو.
ثم إن حصل لهم عطش شديد أو جوع تحققوا معه الضرر وجب الفطر.
وإن خافوا منه الضرر فقط أو حث قائد الجيش المقاتلين على الفطر لمصلحة التقوي على العدو ترجح الفطر على الصوم.
لما جاء عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَكَّةَ -يعني في فتح مكة- وَنَحْنُ صِيَامٌ، فَنَزَلْنَا مَنْزِلاً فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّكُمْ قَدْ دَنَوْتُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَالْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ ). فَكَانَتْ رُخْصَةً، فَمِنَّا مَنْ صَامَ وَمِنَّا مَنْ أَفْطَرَ، ثُمَّ نَزَلْنَا مَنْزِلا آخَرَ فَقَالَ: (إِنَّكُمْ مُصَبِّحُو عَدُوِّكُمْ وَالْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ فَأَفْطِرُوا ) . وَكَانَتْ عَزْمَةً فَأَفْطَرْنَا. رواه مسلم. والحديث فيه تصريحٌ بأن سبب الفطر هو للتقوّي عند لقاء العدو.
ويزداد الفطر تأكداً إذا أمرهم به قائد الجيش أمراً؛ للحديث السابق، ولأن مصلحة حفظ المسلمين وانتصارهم في المعركة آكد من حفظ النفس، ولأن القوة في السفر تختص بالمسافر والقوة هنا له وللمسلمين، ولأن مشقة الجهاد أعظم من مشقة السفر، ولأن المصلحة الحاصلة بالفطر للمجاهد أعظم من المصلحة بفطر المسافر، ولأن الله تعالى قال : {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة}.
رابعاً: من أحاط العدوّ ببلده، والصّوم يضعفه عن القتال: فيسوغ له حينئذ الفطر بدون سفر، لدعاء الحاجة إليه، وقياساً على الأدلة الواردة في الفقرة السابقة.
مسائل متفرقة:
1- إن أفطر للقتال ثم لم يحضر القتال فلا كفارة عليه كما في الفتاوى الهندي؛ لأنّ في القتال يحتاج إلى تقديم الإفطار ليتقوّى، بخلاف المرض فلا يمكنه تقديم الإفطار عليه لعدم علمه به.
2- ننصح المجاهدين بعدم إظهار الفطر أمام المدنيين الصائمين؛ مراعاةً لحرمة شهر رمضان، ورحم الله من جب الغيبة عن نفسه.
وفقكم الله ونصركم وسدد رميكم وألبسكم من بعد خوفكم أمناً.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
25-7-2012