بقلم: أحمد سامح شحرور
أهمية الأضحية
هي شعيرةٌ من شعائر الله، واجبٌ تعظيمها قال تعالى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} سورة الحج
وهي من سنن الرسول صلى الله عليه وسلم ينبغي الالتزام بها ونشرها
مشروعية الأضحية
أجمع المسلمون على مشروعيتها، لقوله تعالى: {إنّا أعطيناك الكوْثَر. فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}
قال المفسرون: يدخل في عموم الآية صلاة العيد ونحر الأضحية
قال ابن عمر رضي الله عنهما: أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة عشر سنين يضحّي رواه أحمد وابن ماجة وقال الترمذي: هذا حديث حسن
فضل الأضحية وثوابها
لا شكّ بأنها عبادة عظيمة وهي خير ما يتقرب به المؤمن إلى الله بعد صلاة العيد فقد واظب عليها النبي لعشر سنين أما ما ورد من أحاديث تتحدث عن صنوف فضائلها وعوائدها فجلها أحاديث ضعيفة لم تثبت
الحكمة من مشروعية الأضحية
قال بعض أهل العلم: الأضحية شُرِعت لحِكَم كثيرة. منها: إحياء سنّة نبي الله إبراهيم عليه السلام، حيث ابتلاه الله فأمره بذبح ولده، ولما استجاب إلى أمر الله وصدّق الرؤيا قال تعالى: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ} سورة الصافات
وقال أيضاً: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ} سورة الممتحنة
ومنها أن الله جعل أيام العيد “أيام أكل وشرب” وتوسعة على الناس، وقد قال أحد الصحابة: هذا يوم يشتهى فيه اللحم
حكم الأضحية
قال أكثر العلماء: الأضحيةُ سنّةٌ مؤكدةٌ في حقّ من يملك ثمنها زائداً عن حاجته وحاجة أهله من الأكل واللبس إلى مدّة “اختلفوا في تحديدها”
وقال بعض العلماء: الأضحية واجبةٌ على الموسر “الميسور الحال” فلا ينبغي للمؤمن الغني التكاسل عنها أو تركها من غير ضرورة
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم (من وجد سعة، فلم يضح، فلا يقربن مصلانا) رواه أحمد وابن ماجه
حكم الأضحية في حق المسافرين والحجاج؟
أغلب العلماء قالوا: الأضحية مشروعة في حق الجميع ولا فرق بين المسافر والمقيم والحاج آخذين بعموم الأدلة الواردة في الأضحية.
وقال الإمام أبو حنيفة: إنها واجبة على المقيم دون المسافر، وإن الحاج يغنيه “الهدي”
الأضحية أفضل أم التصدق بثمنها؟
جمهور العلماء يقولون بأن الأضحية أفضل من التصدق بثمنها، لأنها سنّة لم يتركها الرسول ولأن تركها وإيثار الصدقة عليها يؤدي إلى ضياع سنة من سنن النبي صلى الله عليه وسلم ! ولأن الأكل من لحوم الأضاحي أفضل من الأكل من مال الصدقة والله أعلم
ويشترط في الأضحية
1- أن تكون من الأنعام، أي: الإبل والبقر والغنم والمعز، وما يلحق بها كالجاموس
2- أن تبلغ عمر التضحية وهو:
– عام إن كانت من الغنم، أو ستة أشهر إذا كان جسمها سميناً
– أتمت العام ودخلت بعامها الثاني على أقل تقدير إن كانت من المَعِز
– ثلاثة أعوام أو أتمت العامان على أقل تقدير إن كانت من البقر
– خمسة أعوام ودخلت بالسادسة إن كانت من الإبل
من شروط الأضحية
أن تكون الأضحية سليمة من العيوب التي تنقص من لحمها أو ثمنها أو وظائفها الأساسية كالعرج والعوَر والمرض الظاهر والنقص المشين بأحد الأعضاء لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك ولأن الله طيّب لا يقبل إلا طيّباً
إذا دخل شهر ذي الحجة ونوى الإنسان الأضحية فلا ينبغي له أن يحلق من شعره شيئاً أو يقص من أظافره أو يأخذ شيئاً من جسمه
الدليل: عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي قال: (إذا دخلت العشر، وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئاً) رواه الإمام مسلم
والحكمة من ذلك أن يبقى كامل الأجزاء ليعتق جميعها من النار بإذن الله
وقت ذبح الأضحية
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صبيحة يوم العيد: (إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا: نصلي ثم نرجع فننحر، فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا، ومن ذبح [ قبل ] فإنما هو لحم قدمه لأهله، وليس من النسك في شيء) رواه البخاري ومسلم
لذلك قال كثير من العلماء: وقت الأضحية يبدأ بعد الانتهاء من صلاة وخطبة العيد ولا تصحّ قبل ذلك وقال بعض العلماء تصح الأضحية اعتباراً من طلوع فجر يوم العيد
آخر وقت الأضحية
في المسألة قولان شهيران:
الأول: ينتهي وقت الأضحية عند غروب شمس آخر أيام العيد “أيام التشريق”
الثاني: ينتهي وقتها عند غروب الشمس في ثالث أيام العيد
لكن اتفق المسلمون على أن أفضل أيام الأضحية هو أول أيام العيد
ما يطلب من المضحي عند الذبح:
– النية: يجب أن ينوي عند شراء البهيمة أو قبل ذبحها أنها أضحية “النية في القلب”
– تستحب التسمية والتكبير، اقتداء برسول الله حيث كان يقول عند الذبح: (باسم الله والله أكبر) رواه مسلم
– ويستحب أن يذبح أضحيته بنفسه إن كان يحسن الذبح، أسوة برسول الله، أو يوكل غيره من أهل الخبرة والصلاح ويشهد ذبحها
– ويستحب استقبال القبلة للذابح والذبيحة
– ويكره الذبح في الليل
من آداب الذبح
– الرفق بها قبل الذبح وعنده؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القِتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبحة وليحد أحدكم شفرته وليُرِح ذبيحته) رواه مسلم.
– فلا يسوقها بعنف، ولا يتركها عطشى أو جائعة
– ويحد السكين جيّداً قبل الذبح ولا يحدّها أمام الحيوان المراد ذبحه
– ولا يذبح ويسلخ غيرها أمامها
– وإن كانت من الغنم والبقر يذبحها مضّجّعة
هل تصح الأضحية عن الميت
هناك خلاف بين العلماء في هذه المسألة فقد قال الحنفية والحنابلة: يجوز للحي أن يضحي عن قريبه الميت
وقال المالكية تكره التضحية عن الميت، إلا إذا اشترى أضحية ومات، فيستحب للورثة تضحيتها عنه
واعتمد الشافعية أن الأضحية لا تصح عن الميت إلا إذا أوصى بها
بشرى لفقراء الأمة
عن جابر رضي الله عنه أنه قال: شهدتُّ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الأضحى بالمصلى، فلما قضى خطبته نزل من منبره، وأُتِيَ بكبش فذبحه رسول الله بيده، وقال:
(بسم الله والله أكبر هذا عني وعمَّن لم يضح من أمتي) رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة وأحمد
الانتفاع بالأضحية
يستحب للإنسان أن يأكل من أضحيته، ويجعلها أول طعامه يوم العيد وعليه أن يتصدق بقسم منها ولا بأس أن يهدي جزءاً منها لأقربائه أو أصدقائه أو جيرانه ولو كانوا غير مسلمين ويجوز أن يدّخر بعضها لقول النبي: (…كُلوا وادّخروا وتصدًقّوا) رواه مسلم
لا يجوز إعطاء القصّاب بعضاً منها كأجرة، ويجوز ذلك على سبيل الهدية ولا يجوز بيع شيء منها، وإذا اضطر إلى بيع جلدها مثلاً فعليه أن يتصدق بثمنه
أعدها: أحمد سامح شحرور
بإشراف: المجلس الشرعي بحلب – مكتب الدراسات والبحوث.
حلب 1/ ذي الحجة/ 1434 ــ والموافــق 6/10/2013