الصراع على السلطة في سوريا
الطائفية والإقليمية والعشائرية في السياسة
تأليف: د. نيقولاوس فان دام.
مؤلِّف الكتاب: أحد أهم الخبراء المختصِّين بالشأن السوري، ومبعوث هولندا الخاص إلى سوريا، ولد في أمستردام، ودرس اللغة العربية والعلوم السياسية والاجتماعية حتى نال الدكتوراه من جامعة أمستردام عام 1977م، شَغَل مناصب ديبلوماسية متنوِّعة منها: السكرتير الأول في السفارة الهولندية ببيروت ثم القائم بأعمال السفارة الهولندية بطرابلس في ليبيا، ثم سفيراً لهولندا في بغداد حتى عام 1991م، وبعد ذلك عُين سفيراً لبلاده في القاهرة، ومن ثمَّ في برلين وأندونيسيا آخرها.
أصل الكتاب: رسالة نال بها كاتبها درجة الدكتوراه من جامعة أمستردام، وترجمة عنوانها: دور الطائفية والإقليمية والعشائرية في الصراع على السلطة السياسية في سوريا (1961 – 1976). ثم نشرها بالإنجليزية عام 1979م، وبعد ذلك طُلب منه – كما ذكر- أن يترجمها إلى العربية، ففعل، ونُشرت في العام الذي تلاه. ثم طورها، وأضاف إليها ما رآه ضرورياً في ضوء ما صدر من كتابات حول موضوعها حتى عام 1974م.
يتألف الكتاب من 263 صفحة مشتملة على استهلال، فعشرة فصول يُكوِّن الفصل الأول منها مُقدمة، ويكوِّن الأخير منها الاستنتاجات من الدراسة، ويتبع تلك الفصول ثلاثة ملاحق، ثم قائمة بالمراجع، ثم فهارس.
وقد أوضح الباحث المصادر التي اعتمد عليها في دراسته وفي طليعتها: وثائق حزب البعث الداخلية، وسير حياة شخصيات مشهورة ومذكراتهم، وما كتبته الصحف وذكرته الإذاعات العربية.
ومع أن الكتاب صدر قبل فترة طويلة حدثت خلالها أحداث مهمة جديرة بالتناول والدراسة، فإنَّه جدير بأن يقرأ قراءة مُتأملة للتعرف على ما جرى ويجري الآن على الساحة السورية من أحداث تدمي قلوب المخلصين لأمتهم.
من أبرز ما جاء في الكتاب:
- في بداية استهلال المؤلف نيقولاوس فان دام لكتابه الصراع على السلطة في سوريا قال: ” إن الولاءات الطائفية والإقليمية والعشائرية لعبت دوراً في تاريخ سوريا السياسي والاجتماعي والاقتصادي في القرن العشرين، لكن الآراء تختلف حول مدى أهمية هذا الدور. وإن الهدف من الدراسة التحقُّق من ذلك المدى، وبخاصة داخل نخبة السلطة العسكرية والمدنية منذ انفصال سوريا عن الوحدة مع مصر عام 1961م إضافة إلى إيضاح العوامل التي شجعَّت على ظهور قوى للأقليات الدينية في الحياة السياسية منذ عام 1963م وبخاصة العلويين والدروز والإسماعيليين والمسيحيين والروم الأرثوذكس”.
- أما الفصل الأول، الذي جُعِل مُقدَّمة، فمما ذكره فيه الباحث أن 82.5% من سكان سوريا يتحدثون العربية، و68.7% منهم مسلمون سنيون.
- المسيحيين واليهود كانوا يتمتعون بالاحتفاظ بهويتهم وتنظيمهم الديني، وأنه تم – في عهد الانتداب الفرنسي- تحريض الولاءات الطائفية عمداً لمنع ظهور القومية العربية، أو الحدِّ منها، وتشجيع ظاهرة الانفصالية بين الأقليات الدينية والقومية جرياً على سياسة «فرق تسد».
- قام الفرنسيون بتجنيد فصائل خاصة من العلويين والدروز والأكراد والشراكسة ليُشكِّلوا ما عُرِف باسم «القوات الخاصة للشرق الأدنى»، التي عملت لخدمتهم، وكانت نواة الجيش السوري لاحقًا.
- كما ذكر الباحث في الفصل الأول التوزيع الإقليمي للمجموعات الدينية والعرقية، وممّا قاله في هذا المجال: إن السنيين يُشكلون الأغلبية في سجل المحافظات السورية باستثناء اللاذقية والسويداء. ففي محافظة اللاذقية يُشكل العلويون 62.1%، وفي السويداء (جبل الدروز) يُشكل الدروز 87.6%، وفي حماة يُشكِّل السنيون 64.6% والاسماعيليون 13.2% والمسيحيون 11%.
- ولقد تكلَّم الباحث، أيضا في هذا الفصل عن أمور تلك الأقليات من جوانب مختلف. ومما قاله: إن زعامة العشيرة لدى العلويين عادة ما تُكتَسب بالوراثة إلا أنه كان يمكن الحصول عليها عن طرق أخرى، ولذلك استطاعت بعض العائلات العلوية الفقيرة، مثل عائلة حافظ الأسد، اكتساب نفوذ كبير على مستوى العشيرة في مناطق نشأتهم بسبب وضعهم القوي، الذي اكتسبوه على المستوى الوطني في الجيش مثلا، أو في مراكز قوى أخرى.
- من اللافت للنظر أن مؤلِّف الكتاب منذ ذلك الوقت، حذَّر بأنَّ أي مسعى للإطاحة بالنخبة السورية الحاكمة التي يُهيمن عليها ( العلويون ) ستؤدي إلى أعمال عنيفة دامية للغاية.
- ومن الأفكار المهمَّة التي ذكرها: تجريم حافظ أسد من يتحدَّث بالطائفية ممن حوله مع أنَّه كان يمارسها بأبشع صورها.
- فقد تحدَّث الكاتب عن طريقة سيطرة النصيريين (العلويين) على الجيش، وكيف تخلَّصوا من منافسيهم من أبناء الأقليات الأخرى، ثمَّ كيف استعر الصراع بينهم (ضمن الطائفة العلوية)
- وبعد ذلك كان الحديث عن التوتر الطائفي وما قام به نظام حافظ أسد للقضاء على جماعة الإخوان المسلمين، وما حصل قريب تلك الفترة من صراع الأخوين الأسد (حافظ – رفعت) على السلطة.
هذا وقد صدر لمؤلف الكتاب مؤخرا كتابٌ جديد بعنوان (تدمير شعب: الحرب الأهلية في سوريا)