#خطبة_الجمعة
#الشيخ_محمد_أبو_النصر
الغوطة تستصرخكم
🕌 أحد مساجد ريف حلب المحرر.
⏱ المدة: 11 دقيقة.
التاريخ: 21/جمادى الثاني/1439هـ
الموافق: 9/آذار/2018م
🔴الأفكار الرئيسة في الخطبة الأولى:
1️⃣ وجوب نصرة المسلمين وعقوبة خذلانهم.
2️⃣ ستقف بين يدي الله فردا.
3️⃣ والمؤمنون والمؤمناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ.
4️⃣ فُسطاط المسلمين يوم الملحمة.
5️⃣ وجوب الضغط على من بيدهم أمر العتاد والرجال لنصرة إخوانهم.
6️⃣ النُّصرة بالمال.
7️⃣ النُّصرة بالدعاء.
8️⃣ سناريو الاقتتال لداخلي وتجاهل العدو الحقيقي!!
9️⃣ إن كان في القلب إسلامٌ وإيمانُ.
🔴الأفكار الرئيسة في الخطبة الثانية:
🔟 دعاء
لتحميل الخطبة كتابيا بصيغة PDF
- ملاحظة: ما بين معكوفتين [ ] فهو شرح مُدرج في سياق ذِكرِ الدليل.
الخطبة الأولى
الحمد لله وكفى وصلاةً وسلامًا على عبده الذي اصطفى، عباد الله خير الوصايا وصيّةُ ربِّ البَرايا: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) [النساء:131]. فاتقوا الله عباد الله، فبتقوى الله العِصمة من الفِتَن، والسلامة من المِحَن، واعلموا عِباد الله أنَّ الله تعالى قال لنا في مُحكَمِ تنزيلِه موجِّهًا آمِرًا: ((وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)) [البقرة:195].
واعلموا إخوة الإيمان أنَّه صحَّ عِندنا عن رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – أنَّه قال: « مَا مِنِ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ إِلاَّ خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ وَمَا مِنِ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ إِلاَّ نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ نُصْرَتَهُ ». [حسنٌ بمجموع طُرُقِه رواه أبو داود وأحمد].
نعم أيها السادة، اليوم كُلنا يشهد ويرى هذه الحملة المجنونة المسعورة التي تكالبت عليها دول الأرضِ وأمم الكفر وعملاء الداخِل، مشاركةً أو تغطِيةً أو تجاهُلا، تكالبوا جميعا على غوطةِ المسلمين، وفسطاطِ المؤمنين، تعاونوا جميعا على أهل الغوطة، الغوطةُ التي حدَّث عنها رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – يوم قال: « إِنَّ فُسْطَاطَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ الْمَلْحَمَةِ بِالْغُوطَةِ إِلَى جَانِبِ مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا دِمَشْقُ مِنْ خَيْرِ مَدَائِنِ الشَّامِ ». [صحيح رواه أبو داود وأحمد].
نعم أيها السادة، نرى ونسمع، والجميع يرى ويسمع، ويتجاهل المتجاهلون، ويتخاذل المتخاذِلون، وينشغِل عن نُصرة الغوطة المتشاغِلون، فماذا أنتم فاعلون والله تعالى قال: ((وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا)) [مريم:95]. كُلُّنا سنقفُ بين يدي الرحمن الرحيم، الحكمِ العدل ليسألنا عن أفعالِنا، كيف النجاة من السؤال إن تخاذلنا عن واجِبنا في نُصرة أهلِنا وإخواننا؟
أين نحن مِن قوله تعالى: ((وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ…)) [التوبة:71]، والموالاة: تقتضي النُّصرة والمحبَّة؟
أين نحن من قوله تعالى: ((مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)) [البقرة:245]؟!
العتادُ والسلاح وأمرُ الجنودِ ليس بأيدينا، وإن كان واجِبُ كلِّ واحدٍ منا أن يضغط على من بيده أمرهم ليُخفِّفوا عن أهلهم في الغوطة، ولكن لا أقلَّ من أن ندعم صبرهم، لا أقلَّ مِن أن ننصرهم بأموالِنا، لا أقلَّ مِن أن نُقرِض الله قرضًا حسنا…
نِصف مليونٍ من المسلمين، محاصرين في بقعة جغرافيَّةٍ صغيرةٍ منذ سنوات، وأحسنهم حالًا يأكل وجبةً واحدة – تزن مئةً وخمسين غرامًا – في اليوم.
إخواننا أيها السادة يُذبحون ويُقتلون، فلا أقلَّ مِن أن ننصرهم بأموالِنا، وربَّ دِرهمِ فقيرٍ سبقت ألف دينارٍ لغني، وربَّ قليلٍ سبق كثيرًا، ((وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا)) [الإنسان:8]، نُطعمهم رُغم حاجتنا، ونعينهم رُغم قلَّة زادنا، فدرهمنا يسبِق دنانير الأغنياء.
اليوم أيها الأحبَّة سنعيد جمع المال لإخواننا في الغوطة عسى أن يُجمع معنا مبلغٌ يستحقُّ التحويل، وحسبنا الله ونعم الوكيل… يستغيث بنا إخواننا وقد عزَّ النصير…
كم يستغيث بنا المستضعفون وهم قـتلى وأسـرى فما يهتز إنسان؟
مـاذا الـتقاُطع في الإسلام بينكمُ وأنـتمْ يـا عـبادَ الله إخـوانُ؟
ألا نـفـوسٌ أبَّـاتٌ لـها هـممٌ أمـا عـلى الخيرِ أنصارٌ وأعوانُ
أعـندكم نـبأ مـن أهـل غوطتِنا فـقد سرى بحديثِ القومِ رُكبانُ؟
يـا ربَّ أمّ وطـفلٍ حـيلَ بينهما كـمـا تـفـرقَ أرواحٌ وأبـدانُ
وطفلةً مثل حسنِ الشمسِ إذ طلعت كـأنـما يـاقـوتٌ ومـرجـانُ
يـقودُها الـعلجُ لـلمكروه مكرهةً والـعينُ بـاكيةُ والـقلبُ حيرانُ
لـمثل هـذا يذوبُ القلبُ من كمدٍ إن كـان فـي القلبِ إسلامٌ وإيمانُ
إن كـان فـي القلبِ إسلامٌ وإيمانُ، سيذوب القلبُ وسيتقطَّعُ الحشا حُزنا على إخواننا المسلمين، وحزنًا على ما ألمَّ بنا.
إن كان في القلب إسلامٌ وإيمان، سنترُك بعضنا ولو مهادنةً _ ولو كما نهادن الكفار – ونتفرَّغ لنُصرة غوطتنا، أمَّا إن فُقِد الإيمان، وغدا الإسلام كلاما يُلقلق به على اللسان فقط، ولم يكن في القلب إسلامٌ وإيمانُ، فسنترُك إخواننا، وسنتجاهل حالهم، وسنُسلِمهم لمصيرهم، وأكِلتُ يوم أكِلَ الثور الأبيض، وها نحن نرى كيف تدور العجلة، منطقةً خلف منطقة، نفس الحلقات تتابع في نفس المسلسل، ونفسُ المشهد يتكرر…
يوم كان الضغطُ في الشمال، أوقع الخونة والعملاء الفتنة في الغوطة فقتلت الفصائل بين بعضها ما يزيد عن ألف رجل، حتى إذا ما فرغ العدو منا في الشمال، انتقل إليهم، فلما فكرنا بنصرتهم، أشعل العملاء الفتنة بيننا… ونحن في كلِّ مرَّة نقع في نفس الحفرة، ووالله وبِالله وتالله، إنَّ الحمير إذا مرَّت بحُفرةٍ حين ذهابها، حيَّدت عنها عند إيابها، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
فلتنصروا إخوانكم بدعائكم ومالكم، أكثِروا من الدعاء، فرُبَّ دعوة مظلومٍ مؤمنٍ صادِق، ربَّ دعوة عجوزٍ مسكينٍ فقير، « رُبَّ أشْعَثَ أغبرَ مَدْفُوعٍ بالأبْوابِ لَوْ أقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ ». [رواه مسلم].
أكثروا من الدعاء وألحُّوا على ربِّ كريم، وجودوا من مالِكم ولو بالقليل … إني داعٍ فأمِّنوا
جزاك الله خيرا و حماك