📚 رحلتي الفكرية
✍ عبد الوهاب المسيري
التاريخ العربي مليء بوقائع تبين مدى أهمية الثقة بالنفس. فقد روى المؤرخون العرب أن التتار كانوا يدخلون في حرب نفسية مع الشعوب التي يغزونها فيقومون ببث جواسيس لهم بين الجماهير لتحطيم روحهم المعنوية عن طريق نشر الإشاعات عن مدى قوة التتار ومدى بطشهم. ولذا حينما كان التتار يدخلون إحدى المدن، كان سكانها يفرون، أما من بقي منهم، فقد بقي وهو عبارة عن هيكل، جسد دون روح.
وقد روى أحد المؤرخين أن جندي تتري أراد أن يقتل عربيا ولكنه لم يجد سيفا فطلب من العربي أن ينتظره حتى يعود، فظل العربي واقفا إلى أن جاء الجندي وقام بذبحه.
وفي رواية أخرى يقال أن العربي هو الذي ذهب بنفسه وأحضر السيف للجندي التتري ليقتله به.
هذا يقف على طرف النقيض مما فعله قطز، سلطان مصر في العهد المملوكي، فقد أرسل له ملك التتار رسالة يطلب فيها منه الاستسلام واستخدم عبارة “يا ابن عمي” ويبدو أن هذه العبارة تحمل معنى الاستخفاف، فأشار مستشارو قطز عليه أن يأتمر بأمر ملك التتار، ولكنه بدلا من ذلك قطع رؤوسهم وعلقها على بوابات القاهرة، فاستعاد المصريون الثقة في أنفسهم، وهزموا جيوش اللتتار في عين جالوت، وأوقفوا هذا الوباء الذي كان يريد تحطيم كل الحضارات الإنسانية عن وعي.