حول استقالة المستقيلين الاستقالات والانسحابات ليست بطولة ولا حلا
الحل : في الوعي والاتحاد والصمود والإباء
تسارعت بالأمس أنباء استقالة مجموعة من هيئة التفاوض العليا ، وعلى رأسهم منسقها العام ، في خبر صادم ، فاجأ جمهور المعارضة السورية قيل ساعات من انعقاد مؤتمر الرياض 2 ، الذي يحمل عنوانا تجميليا (توحيد المعارضة السورية) ، وهو في الحقيقة ككل ما سبقه ، منذ تم الانقلاب على المجلس الوطني ، محاولة لاختراق المعارضة ، والسيطرة على قرارها ، بأن يدس ( الروسكان ) فيها مؤيدين لبشار الأسد ، يقبل بهم ويقبلون به ليتم الإيجاب والقبول الذي يراد منه توجيه الضربة القادمة للشعب السوري .
إن الحقيقة الأولى التي يجب أن يعيها المعارض ( حامل المشروع ) هي أنه ليس موظفا عند أحد . ولا تابعا لأحد . وهو أولى بالحفاظ والإباء من كل نصير أو مشير أو مساعد . المعارض المخلص لقضية شعبه (صاحب المشروع ) ليس موظفا في وزارة أو إدارة ، يُقال فيستقيل ، ويُستبعد فيبعد ، ويُقصى فينقصي ، ويستغنى عن خدماته فيرخي ستره ويغلق بابه .
والحقيقة الثانية هي أن هذه الأجسام الوطنية السورية – على اختلافنا في تقديرها وتقويمها وأدائها – هي التي حصلت في زمن ( ثورة الثورة ) على الاعتراف الدولي بتمثيلها للشعب السوري ، وإن المشروع (الروسكاني) اليوم هو الاحتفاظ بعناوينها ، وتغيير حشوتها ، وهذا الذي يجب أن يعيه المستقيلون والمنسحبون . وأن يتوقفوا عنده مليا ، قبل الإقدام على خطوات ، لا يحسن الإنسان تقدير مداها ..
والحقيقة الثالثة : هي أن هذه ( الأجسام الوطنية ) بأدائها غير المدروس، وباسترسالها لسنوات مديدة مع إرادات ( المؤمّلِين ) قد أوصلت الوضع السياسي في سورية ، إلى حافة الهاوية ، أو إلى المرحلة تحت الحرجة . وهم حين ينسحبون اليوم ، أو حين سينسحبون غدا ، كما يظل يهدد بعضهم ( لن نوقع إذا لم ..) يكونون قد أدوا الدور المريب المطلوب منهم ، وهذا الكلام ليس له علاقة بالنوايا ، في مراحل كثيرة كان المطلوب أن يقال إن وفد المعارضة يشتمل على فلان وفلان والهيئة الفلانية والجماعة الفلانية والفصيل الفلاني ، ثم سيأتي الوقت الذي يصبح فيه التخفف من هذه الأجسام مطلوبا ، فيُستفز أصحابها بكلمة أو سطر فتنسحب ، فيقول الذي يعقد المعادلة ويفككها : (وهو المطلوب).
والحقيقة الرابعة : هي أن الانسحاب على حافة الهاوية ، لن يغني من الحق شيئا ، ولن يعفي أصحابه من المسئولية التاريخية . ولو كان قادة هذه المعارضة أيتاما فقد آن لهم أن يكبروا . وأن يدركوا أنه ليس في الناصحين المفترضين ، إلا من يدير أوراق شعبنا المنكوب (لمصلحته أولا) ، فيتوقفوا عن الاسترسال ، والنوم على أيدي الآخرين . الرجل الراشد هو الذي يتعامل بكل الوعي مع كل الناصحين ، فيقبل منهم ويدع حسبما تقتضيه مصلحة ثورته ووطنه وشعبه في إطارها العام . وهذا الذي لم يزل يفتقده في مواقف المعارضتين (السياسية والفصائلية) المراقبون والمتابعون والمحللون .
والحقيقة الخامسة : هي أن الموقف الوطني لا يحتمل استقالات وانسحابات ، ولا إضافات ولا تغييرات ولا تبديلات . وإنما المطلوب تحديد ثوابت وطنية حقيقية ، يلتقي عليها جميع الممثلين الأوفياء لدماء الشهداء ، وحقائق الثورة . لتتحول هذه الثوابت إلى (ميثاق وطني) حقيقي يتواثق عليه السوريون ، داخل بُنى المعارضة وخارجها . ميثاق يلتقي عليه السوريون داخل وطنهم وخارجه ، على اختلاف توجهاتهم ، ليكون مرجعا ومنطلقا وأرضا وسقفا وعاصما تتكسر عليه كل مناورات المناورين .
إن المطلوب الأول في سياق هذه الحقائق ، وفي ظل المتغيرات المتسارعة ، وفي ظل انفلات الغول الروسي على الأرض السورية ، وانفراده بالملف السوري ، أن يتشبث السوريون بكل القرارات والمرجعيات الدولية التي تخدم قضيتهم . وأن يتوقفوا عن سياسات (الاسترسال ) الخاطئة التي دأبوا عليها منذ سنين .
*~ينص قرار مجلس الأمن 2254 على أكثر من بند ، تساهل فيها ممثلو المعارضة في جولاتهم السابقة ، منها ما يتعلق بوقف النار ، ومنها ما يتعلق برفع الحصار ، ومنها ما يتعلق بلإطلاق سراح المعتقلين . وقد آن الأوان لتثبت قوى المعارضة قدمها في الأرض وتقول : لن نخطو خطوة واحدة إلى مسرح جنيف ، ولا إلى غيره ، قبل أن تنفذ قرارت مجلس الأمن بكل الدقة والحسم ، ولتذهب إلى الجحيم كل الضغوط وكل محاولات الاستفزاز ..~*
يقول البعض : إن التهديد بالاستبدال قائم ، وإن المستعدون ليشغلوا موقع المستقيلين اليوم كثير . هذا مبلغ بعض الإداريين من العلم . أما حقيقة الثورة فكل اتفاق لا يوقع عليه الثائرون والممثلون الحقيقيون باطل ..باطل ..باطل ..