📌 غالباً ما يقع الخلل في القرار السياسيّ عند بعض الجماعات بسبب غياب ما يسمّى: *فقه الموازنات* ، وغالبا ما يقع الخلل في الميزان نفسه وليس في الموازنات، عندما يقدم البعض مصلحة متوهّمة، ويهدرون مقابلها مصلحة محقّقة، فيتحوّل إلى فقه مزايدات فارغة تارة، أو تنازلات لا مبرر لها تارة أخرى.
📌 وقد نقل عن بعض السلف:
” ليس العاقل الذي يعلم الخير من الشرّ، إنّما العاقل الذي يعلم خير الخيْرَيْنِ، وشرَّ الشرَّيْنِ “.
📌 وفي الموازنة بين المفاسد والأضرار، نجد مصدقه في قوله تعالى على لسان الخَضِر في تعليل خرق السفينة: ﴿أَمَّا السَّفينَةُ فَكانَت لِمَساكينَ يَعمَلونَ فِي البَحرِ فَأَرَدتُ أَن أَعيبَها وَكانَ وَراءَهُم مَلِكٌ يَأخُذُ كُلَّ سَفينَةٍ غَصبًا﴾ [الكهف 79]
☝️ فلَئنْ تبقى السفينة لأصحابها وبها خَرق، أهون من أن تضيع كلّها, فـ: ((حِفْظُ بعضها، أولى من تضييعها كلّها)).
📌 ويقول شيخ الإسلام (ابن تيميّة): «إذا اجتمع مُحرَّمان لا يمكن ترك أعظمهما إلا بفعل أدناهما، لم يكن فعل الأدنى في هذه الحال محرّماً في الحقيقة».
📌 وبوّب الإمام النوويّ على صحيح مسلم باباً سمّاه: (باب المبادرة بالغزو، وتقديم أهم الأمرينِ المتعارضينِ).
وأورد حديث (لا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الظُّهْرَ إِلّا في بَنِي قُرَيْظَةَ). صحيح مسبلم
فكان من فقه الصحابة _ رضي الله عنهم _في فهم هذا النصّ:
1- موازنة المصالح والمفاسد، بين الاشتغال بمصلحة لصلاة، أو الاشتغال بمصلحة الغزو.
2- تقديم أولويّة المضيّ إلى (بني قريظة) على أولويّة الصلاة عند بعضهم، وتقديم أولويّة الصلاة عند بعضهم الآخر. لاعتبارات عند كل من الفريقين.
3-عدم الإنكار على المخالف الذي فهم ظاهر النصّ، أو على الذي فهم المقصد من النصّ، وهو الاستعجال، وهذا يَنُمّ عن فقهٍ سامٍ من صاحبة رسول الله لأدب الخلاف.
📌 لذلك أيّها الإخوة ما نريد قوله: إنّ خياراتنا السياسية ليست دائماً هي بين أعلى المصلحتينِ، كما في زمن التمكين، ففي زمن الاستضعاف غالباً ما تكون الخيارات بين أدنى المفسدتينِ.
📌 لكن بدوافع الغشّ والتلبيس والمزايدة والبحث عن الحشود الجماهيريّة والتصفيق ، يميل بعضهم لشهوة نفسيّة، تتمثّل في أن يكلّم الجماهير بالمصالح المتوهّمة التحقّق، والواقع يعجّ بالمفاسد التي تحتاج للمدافعة والتحاشي والتخفيف.
☝️ ولأنّ النّاس بطبيعتهم يميلون إلى من يكلّمهم عن المصالح والإنجازات والبطولات .. ولو كانت وهميّة كاذبة خادعة ،
وينفرون ممّن يحذّرهم من المفاسد والمصائب، ولو كانت متحقّقة … فإنّ هذ ا الخطاب الأعور، والفكر الأعوج يروج في زمن تزييف الوعي، واستعلاء الجهل ، والعمالة الغبيّة واختلال الموازين.
⚠️ إنَّ نصب الميزان الدقيق لفحص قراراتنا المصيرية يجب أن يكون خارج دائرة الأثر العاطفي أو الخضوع للمزايدات الفارغة ، وإلا ساقنا هؤلاء إلى المقتل والهلاك.