✍️ بقلم : حلبي مُهجَّر من أرضه
الحمد لله رب العالمين على نعمه التي لا تعد ولا تحصى..
عُدنا والعود أحمد إلى حضن الوطن الدافئ..
ما أجمل الوطن.. وأطيب ريح ترابه المعجون بالياسمين ودماء الشهداء..
عدت إلى الوطن..
فرحت.. بكيت.. لا استطيع وصف شعوري وأنا في أحضان الوطن..
مشيت في حاراتنا القديمة المرصوفة بحجارة سوداء صماء..
وبدأ سيل من الذكريات الجميلة.. هنا كنا نلعب بالتوش.. وهنا لعبنا بالحاح.. وهناك بالصيّاح.. وهنا لعبنا الأميية.. وهون جحش طويل.. وهناك لعبنا بالكلال.. والمور…
وهناك طريق المدرسة.. وهنا في هذه الدكان كنا نشتري سحلب وكعكة بفرنكين من عند عمو حمود جبل.. إذا ما لحقنا نعمل رغيف مية فرنجي.. أو زيت وزعتر..
✨ أياااام مرت كشريط سينمائي ملؤه السعادة والبساطة والمحبة..
أيقظني صوت أجش يقول لي.. مين هنت ولا.. وشو متساوي هنيا.. قرررد..
قلت له: هذه حارتي… وانا عم أتذكر طفولتي..
فقال لي: هي صارت إلنا.. انقلع من هون أحسن ما أدكك قرررد..
فانسحبت…
ذهبت إلى الحديقة العامة.. …
ووقفت أتأمل تمثال أبو فراس الحمْداني.. لي هناك الكثير من الصور مع الأصدقاء في ريعان الشباب.. وفجأة جاء رجل عليه ثياب رثة ورائحة كريهة.. فقال لي.. على شو ماتطلع؟ هذا لنا نحن اللي حررنا #حلب من أهلها الإرهابية! نحن أهل #نبل و #الزهراء اللي حاصرتونا بس بعضكن يدخّل أكل بقليل من الفلوس..
انقلع أحسن لك..
أخدت درب طريقي وقلت اروح عالموكامبو..
وأنا أتفرج على المحلات التجارية والسيارات الفاخرة ويأتي اثنين لابسين مموه وواضعين إشارات حزب الزبالة اللبناني..
وقالوا لي.. شوبك على شو ماتطلع.. تعا معنا..
مشيت دخلوني على شقة.. واضح أنها للتحقيق من الدماء ووسائل التعذيب الموجودة فيها..
اجلس على الكرسي ولاك.. جلست.. جاء السؤال: إنت جاسوس للإرهابيين ماهيك؟..
قلت له: لأ أنا عائد لحضن الوطن..
ضحك بهستيرية وقال: شو حضن شو؟!..
قلت له: الوطن ..
وهنا ضرب الكرسي ضربة أطاحت به…
فأيقظتني في غربتي من منامي..
كان كابوسا ثقيلا…
الظاهر تقلت بالعشا مية فرنجي مع زعتر وجنبها كاسة جااااي أكروك عجم ياخيو…
المهم كانت ريحة الوطن غير ريحة الياسمين..
كان الوطن برائحة الشنكليش وطعم المته..
غريبا كغربتي من عشرين سنة لم أتعايش معها..
تذكرت ماكنا نردده في المسيرات والمظاهرات وبعد كل خسارة كبيرة في الأرض والسلاح..
نموت.. نموت.. ويحيا الوطن..
يحيا لمن⁉️..
نحن الوطن ونحن الياسمين..
نحن أبناؤه العائدين المنتصرين بإذن الله تعالى..
وسيرحل الغرباء المجرمون المارُّون…