احذروا كثرة المجيزين المجهولين ولو ملأوا سَبَتَ أمهاتهم إجازات
بقلم: فارس بن فالح الخزرجي
الإجازة كما عرفها العلماء هي الإذن من الشيخ للتلميذ بالرواية عنه ماسمعه ومالم يسمعه وما له علم به وما لا علم له به .
وهذه تسمى ( إجازة الرواية )
مثل الإجازة بالبخاري ومسلم وكتب السنن والمسانيد وكتب الفقه وباقي العلوم وهذه الإجازة هي المشتهرة في زماننا ، وهي لا تغني الجاهل عن العلم والتأصيل ، غاية مافيها هي البركة كما ذكر أهل العلم ، إلا أنها قد انحرفت الإجازة عن وجهتها عند بعض طلبة العلم ، والبعض لا يفرق بين الإجازة العلمية وإجازة الكتب ، أو كتاب واحد حتى أن بعضهم يسمي إجازة بكتاب واحد إجازة علمية!
أما ( الإجازة العلمية )
فهي التي يشهد الشيخ بها لتلميذه بأنه قد تلقى العلم عنه تأصيلًا روايةً ودرايةً ، وقرأ منهجًا كاملًا من العلوم النقلية والعقلية، وقد امتلك القدرة على التدريس والإفتاء وأصبح عالمًا بمذهب شيخه .
كما نقل القلقشندي عن إجازة شيخه ابن الملقن حيث قال :” أذن وأجاز لفلان المسمى فيه ، أدام الله تعالى معاليه أن يدرّس مذهب الإمام الشافعي وأن يقرأ ماشاء من الكتب المصنفة فيه، وأن يفيد ذلك لطالبيه حيث أحل وأقام كيف شاء متى شاء، وأن يفتي من قصد استفتاءه خطًا ولفظاً على مقتضى مذهبه الشريف المشار إليه “.
وقد قرأت إجازة شيخنا الشيخ الفقيه الشافعي حازم محمد بن عبد الرزاق التي أجازها إياه الشيخ الفقيه محمد العقري قائلًا فيها : ” فإنه قد قرأ لدي من العلوم العقلية والنقلية والأصلية والفرعية حتى قضى منها الوطر وأصبح في نشر علوم الدين …….. -إلى أن قال: – أن أجيزه بتدريس تلك العلوم السنية و إفادة العلوم العلية بعدما وجدته حَرِيًا لذلك المنصب العالي ..إلخ ” انتهى المقصود من النقل.
فلو دقق طالب العلم في الفرق بين الإجازتين لعلم البون الشاسع بينهما ، وأن تحصيل الثانية ليس بالأمر الهين
مع أن الإجازة العلمية أيضًا التحقت بالتساهل في الإذن بها
و للأسف مانراه اليوم من تهاون في الإجازة وقد أجيز بعض من تصدر قبل أن يتأهل وتزبب قبل أن يتحصرم ، ولما يثن ركبه عند العلماء سوى أنه قد أجيز من بعض المشايخ المشهورين، والذي عرف عنه التساهل في إجازاته حتى وصلت إلى صبيان لازالوا في الثانوية ، بل أحدهم عمره ١٦ سنة يدور في ثانويته ويقول من يريد أن أجيزه بكذا وكذا!
وليعلم طالب العلم ؛
أن الإجازة والشهادة ليست معيارًا للعلم عند أهل العلم.
إنما يعتبرها من لا دراية له بأصول العلم وعقده .
فعليك ياطالب بالتأصيل العلمي
وفرّ من متصدر غرٍ اتخذ من مواقع التواصل غرضًا يغري به طلبة العلم الحريصين على اكتساب العلم
ورحم الله العلامة السفاريني حيث قال :
” والإجازات لا تفيد علمًا فمن حصل العلوم و أدرك منطوقها والمفهوم ، فقد فاز، وأجيز على الحقيقة لا المجاز ، ومن لا ، فلا ، ولو ملأ سبت أمه إجازات” .